ينظر مجلس التأديب الأعلى للقضاة، برئاسة المستشار أحمد جمال عبداللطيف، غدًا، الطعون المقدمة من 10 أعضاء بحركة "قضاة من أجل مصر"، على الحكم الصادر ضدهم من مجلس الصلاحية بإحالتهم للمعاش. ويقول قضاة ممن تم إحالتهم إلى التقاعد، إن المستشار أحمد الزند وزير العدل كان له دور كبير في إقصائهم عن منصة القضاء، بعد أن تقدم إبان شغله لمنصبه رئيس نادي القضاة مذكرات لمجلس القضاء الأعلى يتهمهم فيها بالاشتغال بالعمل السياسي. وأضافوا أن ذلك جاء في الوقت الذي فتح فيه الزند أبواب النادي أمام حركة "تمرد" للتوقيع على استمارة عزل الرئيس محمد مرسي، فضلاً عن دعوته سياسيين للمشاركة في الجمعيات العمومية التي عقدها إبان حكم الرئيس الأسبق، وتحريضه للرئيس الأمريكي باراك أوباما للتدخل في شئون مصر. ويرى هؤلاء أن ما جرى هو تصفية لحسابات سياسية مع القضاة المنتمين إلى "تيار الاستقلال"، خاصة وأن هناك شواهد سابقة تؤكد ذلك، من بينها إحالة المستشارين محمود مكي وهشام البسطاويسي، نائبي رئيس محكمة النقض السابقين إلى مجلس التأديب والصلاحية بعد اعتراضهما على تزوير الانتخابات في 2005، ومحاولة الانتقام من القضاء الذين قبلوا العمل في السلطة إبان الرئيس المعزول محمد مرسي أو المشاركة في أعمال الجمعية التأسيسية لدستور 2013. إلى ذلك، كشفت مصادر قضائية عن تقدم عدد من قضاة المحالين إلى التقاعد بمذكرة تطلب بتنحي المستشار أيمن عباس رئيس محكمة استئناف القاهرة عن نظر طعنهم باعتباره عضوًا في مجلس التأديب الأعلى، فضلاً عن كونه سبق له النظر في الدعوى بإحالة القضاة المحالين لمجلس التأديب والصلاحية للتحقيق، ومشاركته في الجلسات الخاصة بطلب الإحالة لمدة ثماني مرات بوصفه عضو بمجلس القضاء الأعلى، ومشاركته في إصدار أحكام في قضايا مشابهة للدعوى وفى نفس الاتهامات. ويستند القضاة إلى نصوص 146و147و148من قانون المرافعات والمواد 247و248و249من قانون الإجراءات الجنائية التي تحظر على من يشترك في أي عمل من أعمال التحقيق أو الإحالة أو المحاكمة أن يجلس للحكم فيها أو الاستماع لها.
وجاء في المذكرة المزمع تقديمها لمجلس التأديب الأعلى أن "هذا الحظر القانوني قصد به تنزيه القضاة الناظرين للدعوى عن أن ينظروا قضية سبق أن أبدوا الرأي فيها، لكفالة ضمانة الحيدة، لأن من كان له رأى معلن عبر عنه بالاشتراك في الإحالة أو في التحقيق أو المحاكمة، سينحاز لرأيه ولن يخطئ نفسه، وبالتالي يتعين على من يقوم بحقه سبب من هذه الأسباب السابقة أن يتنحى عن نظر الدعوى". وقالت المذكرة إن "القاضي الجليل أيمن محمود كامل عباس عضو مجلس التأديب الأعلى ينظر القضية سبق له المشاركة بأمر بالتحقيق في الدعوى وإحالتها إلى مجلس التأديب ليس لمرة واحدة ولكن لثماني مرات كانت تعرض عليه القضية بكاملها، وكذلك المذكرات التي يطلب فيها الإذن بالتحقيق والإحالة، وبالتالي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعًا من سماعها ويتعين عليه أن يتنحى ويحضر بدلاً منه من يليه في الترتيب من رؤساء الاستئناف". ويعتزم القضاة العشرة الذين صدر بحقهم قرار العزل و33من القضاة الذين طعنت النيابة في قرار براءتهم تقديم طلب تنحى المستشار أيمن عباس غدًا الاثنين، متوعدين بأنهم سيستمرون إلى آخر الشوط بتقديم مذكرة أخرى بتنحيه إذا لم يتخذ قرارًا بالتنحي. من جانبه، قال المستشار أحمد سليمان وزير العدل السابق، إبان عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، إن مجلس التأديب الأعلى مطالب بالتأكيد على احترام القانون والنزول على إحكامه ولا ينتظر منع منه غير ذلك، وقد باتت مسئوليته في هذا الصدد أعظم وأخطر بعد أن أصبح العصف بإحكام القانون أمر هينًا. وأضاف "إذا كانت المادة 247إجراءات جنائية قد نصت على أنه يمتنع على القاضي أن يشترك في نظر الدعوى إذا كانت الجريمة قد وقعت عليه شخصيًا وإذا كان قد قام في الدعوى بعمل مأمور الضبط القضائي بوظيفة النيابة العامة أو الترافع عن أحد الخصوم أو الإدلاء بشهادة أو مباشرة عن مباشرة أي عمل ذي صلة بالقضية". وتابع سليمان في تصريحات إلى "المصريون": "يمتنع على القاضي كذلك إذا كان قد قام في الدعوى بعمل من أعمال التحقيق أو الإحالة أن يشترك في الحكم في الطعن إذا كان الحكم المطعون فيه صادرًا منه". وأوضح أنه "من الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها مطالب المستشار أيمن عباس رئيس محكمة استئناف القاهرة وكان عضوًا في مجلس القضاء الأعلى الذي طلب منه وزير العدل بانتداب قاض للتحقيق مع المدعى عليهم، وكان هذا من بين إجراءات التحقيق باعتباره إجراء لازمًا لإجراء التحقيق مع القضاة". وطالب كذلك بضرورة تنحى المستشار أحمد عبداللطيف رئيس محكمة النقض ومجلس القضاء الأعلى، نظرًا لأنه "كان عضوًا بالمجلس الذي طلب منه وزير العدل إحالة المدعى عليهم لمجلس التأديب، ومن ثم يكون قد كون فكرة عن الدعوى وطالبًا بإحالة المدعى عليهم لمجلس التأديب، ومن ثم عليه الامتناع عن النظر في هذه الدعوى لكونه مع المستشار أيمن عباس غير صالحين لنظر القضية قانونًا". وسبق أن قررت لجنة التأديب والصلاحية التابعة لمجلس القضاء الأعلى، إحالة 10من القضاة أعضاء حركة "قضاة من أجل مصر" من مناصبهم القضائية، لإدانتهم ب "العمل في السياسة". وشمل القرار كلاً من المستشارين عبدالحميد حمدى، ومسعود محمد مسعود القاضى بمحكمة الأقصر، وأحمد منير عبدالرحمن محكمة استئناف القاهرة، وعلى السيد حسن محكمة استئناف القاهرة، وعلاء الدين محمد القاضى بمحكمة استئناف القاهرة، محمد عوض عبد المقصود رئيس بمحكمة استئناف القاهرة، وأيمن الوردانى، بمحكمة استئناف طنطا، وبهاء طه الجندى ونور الدين يوسف وهشام اللبان المستشارين بمحكمة الاستئناف. ويجوز للقضاة الموقعة عليهم أي من تلك العقوبات من لجنة التأديب، أن يطعنوا عليها أمام ما يسمى ب "اللجنة العليا"، وهي تابعة لمجلس القضاء الأعلى.