تمخض مؤتمر الصهيونية الأول في مدينة بال بسويسرا عام 1897م عن مشروع "تيودور هرتزل" العقل المؤثر في تاريخ الحركة الصهيونية، وهذا المشروع يتلخص في إقامة دولة إسرائيل من النيل على الفرات" خلال مدة زمنية قدرها مائة عام تنتهي في عام 1997م. ويستند هذا المشروع على أوهام توراتية، وتفسيرات دينية يهودية مشوشة. لكنه استطاع بالفعل أن يرى النور من خلال خطوات "عشرية" أي تتم كل عشر سنوات من أبرزها: 1- 1907م - [ بعد عشر سنوات من المؤتمر] بدأت عملية تنفيذ مخطط منظم لزيادة الهجرة من دول أوروبا الشرقية إلى أراضي فلسطين كما بدأ إنشاء نقابات مهنية لمعلمين والعمال والمزارعين اليهود. 2- 1917م – في نوفمبر صدر تصريح "بلفور" الشهير بمنح وطن قومي لليهود في فلسطين الواقعة تحت الانتداب البريطاني. 3- 1927م – بدأ – لأول مرة – تسليح المهاجرين اليهود بترخيص رسمي بحجة حماية ممتلكاتهم ومزارعهم. 4- 1937م – حقق اليهود أول انتصار عسكري لهم – بعد ما تم تسليحهم – على الثورة الشعبية الكبرى التي كان من أبرز قادتها " أمين الحسيني" و "عز الدين القسام" وغيرهما والتي اندلعت عام 1936م. 5- 1947م – في 29 نوفمبر صدر قرار تقسيم فلسطين الشهير ممن الجمعية العامة للأم المتحدة وقامت الولاياتالمتحدة بالضغط المكثف لتغيير ثلاثة مندوبين لكل من ( الفلبين – زامبيا – هاييتي ) في آخر ليلة قبل صدور القرار لضمان الأغلبية. 6- 1957م – شاركت إسرائيل في عدوان أكتوبر 1956م على مصر والذي قامت به إنجلترا وفرنسا رداً على قرار عبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس. واستطاعت إسرائيل عقب الحرب – برغم انسحابها من كل سيناء تحت تهديد الاتحاد السوفيتي – تمكين أقدامه في "أم الرشراش" المصري على البحر الأحمر الذي تحول بعد ذلك إلى ميناء (إيلات) الصهيوني. 7- 1967م – في 5 يونيو بسطت إسرائيل سيطرتها على الأراضي التي احتلتها في حرب الأيام الستة وهي القدسوسيناء والجولان. 8- 1977م – في نوفمبر من هذا العام وفي مناسبة مرور خمسين عاماً على صدور وعد بلفور، ومع منتصف المهلة المئوية التي حددها مشروع "هرتزل" قام أنور السادات بزيارة القدس وألقى خطبته الشهيرة في الكنسيت أمام حزب الليكود بزعامة "مناحم بيجن" رئيس وزراء إسرائيل وقال منها " ستكون حرب أكتوبر 1973م آخر الحروب بيننا)، وكان علم إسرائيل خلفية وراء السادات على حائط الكنيست وهو يتكون من خطين أزرقين [ يرمزان للنيل والفرات] تتوسطهما نجمة داود السداسية المعروفة!! 9- 1987 – بدأت الولاياتالمتحدة مع إسرائيل الضغط في اتجاه إعادة مصر إلى الجامعة العربية إلى مقرها الدائم في القاهرة بعدما تم نقلها إثر اتفاقيات السلام بين مصر وإسرائيل، وبدأ المخطط الصهيوني/ الأمريكي المتمثل في استخدام مصر أداة ضغط على دول الطوق ( الأردن – سوريا – لبنان) لتوقيع اتفاقيات سلام انفرادية مع إسرائيل. وقد تم ذلك جزئياً بتوقيع اتفاق وادي عرب بين الأردن وإسرائيل، وتغيير منظمة فتح لشعاراتها ومقولاتها التاريخية واعترافها بإسرائيل وتوقيع اتفاق "أوسلو" 1993م. 10- 1997م – كان هذا العام المتمم للمائة عام من الحلم الصهيوني أو مشروع "هرتزل" لكن نجاح "نتنياهو" في انتخابات 1996م وبدئه عهده بالتصادم مع مسارات السلام التي نجمت كالنزاعات التي نشأت عن اتفاق "أوسلو". وصلابة عرفات إزاء قضايا المياه واللاجئين والقدس. كل هذه العوامل، فضلاً عن تنامي القوة العراقية، وعدم تحقيق أي تنازلات سورية، وصلابة المقاومة اللبنانية في الجنوب.. كل هذه العوامل أضعفت بل أماتت أمل إسرائيل في تنفيذ الحلم/ المشروع الهرتزلي – المئوي المشئوم. فماذا يحمل العام 2007م القادم؟ لم تضع إسرائيل وقتها، فما أن هبطت القوات الأمريكية أرض بغداد وأسقطت صدام حسين في أبريل 2003م، حتى بدأت هجمة الوفود الإسرائيلية من الأثرياء ورجال الأعمال اليهود على الأراضي العراقية وبدأوا في تأسيس الشركات وشراء الأراضي، لاسيما في بابل لأسباب عقائدية، واستثمروا العلاقات الوطيدة التي ربطتهم بالأكراد وبخاصة "مسعود البرزاني" الذي سبق له زيارة إسرائيل سراً مرتين – والوساطة الإيرانية بين إسرائيل والأكراد طوال عهد صدام حسين، وبذلك اقترب اليهود من نهر الفرات، وفي الوقت نفسه تزايد عمليات الهجير والتهويد في القدسالشرقية وبقية مدن الضفة الغربية. وبدأ التحرش بالمسجد الأقصى بحجة أداء شعائر دينية، وتم أكثر من مرة طرد المصلين المسلمين والاعتداء عليهم،وحفر الأنفاق تحت المسجد الأقصى لإقامة "هيكل سليمان المزعوم الذي أكد علماء آثار موثوق بهم – ومنهم يهود – أنه مجرد أسطورة. وفي تقديري أنه لم يعد مجدياً أن نطلب من الأنظمة العربية الترقب لهذه الخطورة، فتلك الأنظمة لا يهمها في نهاية المطاف إلا استقرارها على مقاعدها الوثيرة. وإنما الأمل معقود على الشعوب ومن قبلها على الإعلام العربي والدبلوماسية العربية وتفضيل سلاح المقاطعة مع السلع الغربية بوجه عام وإلغاء الصفقات الكبرى بوصفها السلاح المتاح بيد رأس المال الغربي المهان!!