توفيت مواطنة عراقية اليوم الجمعة، بسبب التعب والإعياء، الناجمين عن منع السلطات العراقية لحُجاج مدينة الموصل، من المرور إلى العاصمة "بغداد"، بغية التوجه إلى "الأراضي المقدسة" منذ نحو أسبوع. وقال "عدنان الأحمد"، أحد مسؤولي شركة تنظيم رحلات الحج والعمرة لمراسل الأناضول في مشارف بغداد من جهة كربلاء، إن المواطنة العراقية "إنعام الدباغ" (58 عامًا) من سكان الموصل، توفيت وهي تفترش العراء، وإن وفاتها ناتجة عن التعب الذي فاقمه نفاذ الماء والغذاء والانتظار الطويل الذي أعقب رحلة شاقة من الموصل إلى مشارف بغداد. وتابع الأحمد "إن السلطات الأمنية تدقق أسماء الحجاج البالغ عددهم 878 حاج وحاجة، والذين وصلوا إلى مشارف بغداد مطلع الأسبوع الماضي، لمعرفة إن كان بينهم مطلوبين لدى القوات الأمنية، وكل ذلك لكونهم مواطنين من مدينة الموصل الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش منذ 10 يونيو 2014". وأضاف الأحمد أن الحجاج أصيبوا بحالة من الإعياء والتعب نتيجة وجودهم فترة طويلة في العراء، وقال "حجاج الموصل يقفون على أعتاب عاصمة بلادهم، ينتظرون منحهم تأشيرة الدخول.. ليس إلى المملكة العربية السعودية أو بلد آخر، إنما للدخول إلى عاصمة بلدهم بغداد، إن الحجاج باتوا على قناعة بأن عاصمتهم تذلهم وتضغط عليهم في الوقت الذي يفقدون فيه أشخاصًا منهم، نتيجة التعب والإعياء.. إنهم ينتظرون على أعتاب بغداد، لا لشيء سوى لأنهم أسرى ومواطنين في مدينة عراقية يسيطر عليها تنظيم، لم تتكمن القوات الحكومية دحره". من جهته، قال الحاج محمد العباسي (52 عامًا) إن "المعاناة الحقيقية بدأت لحظة وصولنا إلى ‹‹النخيب›› (محافظة الأنبار) القريبة من الحدود العراقية مع السعودية، حيث أعادتنا القوات الأمنية العراقية إلى منطقة صحراوية تبعد (160 كم) عن ‹‹النخيب››، وتعاملت معنا كأنما نشكل خطر، يريدونا إبعاده عنهم". وتابع العباسي "مكثنا في الصحراء لمدة ليلتين، قدمت لنا بعض العشائر البدوية مساعدات من مأكل ومشرب، حتى جاءت الموفقة لنا.. لكن الموافقة لم تكن للتحرك نحو الأراضي المقدسة بل نحو "عامرية الفلوجة" (الأنبار)، لحين استحصال الموافقات الاصولية". أما الحاج "عبيدة الحيالي"، فأعرب عن قلقه من أن "تقف الحكومة عائقًا أمام سفرهم الحجاج إلى الديار المقدسة"، مشيرًا أنه "قد تخرج علينا الحكومة العراقية بتعليمات معقدة، لوضع العراقيل التي تحول دون ذهابنا لأداء فريضة الحج.. سمعنا أن الحكومة ستحدد أعمارًا خاصة تسمح لها بالذهاب، وسيكون جلهم من المسنين، وهذا يعني أن أكثر من نصف القافلة ستعود أدراجها إلى الموصل، بسبب تعاملات الحكومة الطائفية مع أبناء الموصل السنة" وفق تعبيره. وأضاف الحيالي "منذ أيام والقوات الأمنية تحتجزنا في مجمع داخل عامرية الفلوجة، لا يسمح لنا بمغادرة المجمع لحين إكتمال الإجراءات أو العودة إلى الموصل، فضلًا عن أن المجمع محاط بأسلاك شائكة، ما يبعث في النفوس مشاعر الحزن والألم، علاوة على المعاملة الجافة التي نتلقاها من سلطات بلدنا"، على حد وصفه. وكان تنظيم داعش فرض شروطًا صعبة على حجاج الموصل، الراغبين في الذهاب إلى الديار المقدسة، من قبيل رهن منازلهم للسماح لهم بمغادرة الموصل. وقطع حجاج الموصل مسافات طويلة انطلقت من مدينة الموصل (مركز محافظة نينوى)، ثم سلكوا طرقًا باتجاه صحراء الأنباء الخاضعة أيضًا لسيطرة داعش، وصولًا إلى ناحية النخيب (جنوب شرقي الأنبار) ثم نحو كربلاء ف "عامرية الفلوجة". ولم تكمل الحكومة العراقية والمتمثلة بهيئة الحج والعمرة، إجراءات حجاج الموصل، وطلبت حضورهم شخصيًا إلى بغداد. وتتعامل الحكومة العراقية مع الوافدين من الموصل إلى بغداد، بكل حيطة وحذر، وتمنعهم من دخول العاصمة، وحتى وإن سمحت لهم بالدخول فإن ذلك يأتي بعد إجراءات أمنية مشددة وتدقيق وتحقيق. وكان تنظيم "داعش"، سيطر في 10 يونيو/ حزيران 2014، على مدينة الموصل، قبل أن يوسع سيطرته على مساحات واسعة شمالي وغربي وشرقي العراق، وشمال شرقي وشرقي سوريا.