قال الكاتب والباحث محمد سليمان أبورمان، إن حركة دؤوبة ونشاط داخلي غير مسبوق يجريان هذه الأيام في الغرف الإخوانية، تتخللهما نقاشات معمّقة عن الشأن الوطني والديني. وأشار "أبورمان" في مقال له إلى أن الحراك الإخواني بالأردن لا يقتصر على الحوارات، بل يصل اليوم إلى إعادة نظر في النظامين الداخليين لكل من جماعة الإخوان المسلمين وجبهة العمل الإسلامي، بما يؤدي إلى تغييرات مهمة على صعيد توسيع رقعة المشاركة في اختيار القيادة (بدلاً من الاقتصار على مجالس الشورى)، وإقحام جيل الشباب بصورة أكبر في الانتخابات الداخلية (عبر تصغير عمر المرشحين والناخبين)، والحدّ من الشروط الصعبة السابقة لتداول السلطة التنظيمية (عبر تخفيف شروط مدة العضوية)، وإلغاء المال الانتخابي (عبر عدم اشتراط تسديد الاشتراكات)، وإلغاء وصاية شورى الإخوان في اختيار الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي، واقتصار ذلك على الحزب، بخلاف الأعوام السابقة التي كان الحزب يخضع فيها لشورى الجماعة. ووصف "أبورمان" -الذي يشغل منصب نائب رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية-، التغييرات المرتقبة ب"الجوهرية"، وأنها ستؤتي نتائج نوعية -مفترضة- مع الانتخابات التنظيمية المرتقبة العام المقبل للجماعة والحزب. لكنّها لا تكفي ل"تحريك المياه الراكدة" والخروج من الأزمة البنيوية الداخلية من جهة، ومع النظام من جهة أخرى؛ فهناك خطوات أخرى في المشوار فيما يتعلّق بخطاب الجماعة وتطويره، لتجاوز الوقوف ما قبل لحظة الانقلاب العسكري الذي حدث في مصر قبل عامين. فالمطلوب إعادة قراءة المعادلة السياسية بواقعية وعقلانية، بالإضافة إلى الاستفادة من أخطاء الماضي، ومع هذا وذاك إفراز قيادة جديدة من الشباب المسيس في الحزب والجماعة تكون أكثر قدرة على تقديم هذا الخطاب ومخاطبة النخبة السياسية. على الطرف الآخر، تنظر "الجماعة" بعين الترقب والقلق من تسارع خطوات الدولة باتجاه القضاء على الجماعة قانونياً وإدارياً بالضربة القاضية، عبر أخذ مقرّاتها والحجز على كامل أموالها، كما يطالب بذلك قادة الجمعية الجديدة المرخصّة باسم "جمعية جماعة الإخوان المسلمين"! وتابع قائلا:"سيقول البعض إنّ الخطوات الحالية لدى الجماعة والحزب متأخرة كثيراً، ولو أتت قبل ذلك لأتت بنتائج مهمة. وهذا صحيح، لكنه لا يعني الاستغناء عن هذه الفرصة المهمة لجذب الجماعة والحزب مرّة أخرى إلى المسار السياسي الحالي، بخاصة أنّنا أمام استحقاق انتخابات مقبلة، على صعيد البلديات ومجلس النواب واللامركزية، ووجود هذا التيار العريض داخل النظام السياسي أفضل بكثير من بقائه في الخارج!". ودعا "أبورمان" إلى البحث عن قنوات للحوار والنقاش مع مراكز القرار في الدولة، والمبادرة للقاء سياسيين مقرّبين من "مطبخ القرار" في محاولة لتخفيف حدّة الأزمة غير المسبوقة بينهم وبين النظام. وحث الكاتب، النظام الأردني على إجراء قراءة عقلانية ذكية تدفع إلى إعادة فتح قنوات الحوار مع الحزب والجماعة، فمصادرة الاسم لن تؤدي إلى إلغاء القاعدة الشعبية العريضة التي من الضروري إدماجها في اللعبة السياسية لتدعيم اللعبة نفسها، وليس إقصاءها وإخراجها من حدود الملعب، على حد قوله.