الشباب ل «شيوخ التنظيم»: ميراث البنا لن يضيع.. وإبراهيم منير يصفهم ب «شباب محمد» ارتفعت وتيرة الصراع داخل أجنحة جماعة الإخوان المسلمين، بعد أن صعَّد "صقور التنظيم"، و"اللجنة الشرعية" ولجنة "الشباب المركزية" - اللتين جرى تشكيلهما مؤخرًا بجانب مكتب إدارة الأزمة - من لهجة خطاباتهم الرافضة تمامًا لما أسموه ب"السلمية الاستسلامية"، التي يتبناها "الحرس القديم" وعلى رأسه جناح نائبي المرشد محمود عزت وإبراهيم منير. وهاجم إبراهيم منير، نائب المرشد، مكتب إدارة الأزمة - المنتخب - بقوله إن "الجماعة لم تجر انتخابات داخلية على كل المستويات، وإنما قامت باستكمال كل أمورها الإدارية وهياكلها التنظيمية، في ظل استمرار الدكتور محمد بديع في منصبه مع أعضاء مكتب الإرشاد، على أن يقوم الدكتور محمود عزت بمهام المرشد العام". ونفى منير في تصريحات صحفية وجود خلافات بين القادة، مشيرًا إلى وجود جهود ومساعٍ تبُذل من أجل تقريب وجهات النظر، للوصول إلى رؤية واحدة سواء في الداخل أو الخارج، مؤكدًا أن اللقاءات والاجتماعات الداخلية ستستمر للوصول إلى رؤية موحدة. وشبّه منير الإخوان المطالبين بالانتقال من الحالة الإصلاحية إلى الحالة الثورية؛ بمجموعة "شباب محمد" التي خرجت على الإمام حسن البنا بزعم أنه يهادن النظام، ولا يلجأ معه إلى العنف، مضيفًا أن جماعة الإخوان ظلت برؤية واحدة طوال تاريخها لن تحيد عنها، وهي "السلمية والوسطية اللتان لولا الحفاظ عليهما؛ لانتهت الجماعة منذ زمن بعيد"، كاشفًا عن محاولة لإجراء مراجعة شاملة للأحداث التي وقعت منذ 2011 وحتى الآن. فيما رفض "أحمد رامي"، المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة والقيادي الإخواني، تصريحات منير، موجهًا حديثه إليه: "عفوًا أنت لست حسن البنا ولا من يختلفون معك كيان غريب عن الجماعة". وأضاف رامي: "كنت أتمنى أن أسمع منه أن هذا اختلاف تنوع وسنحتويه كما كانت قيادة الجماعة دائمًا تتسع لأكثر من اجتهاد حركي بين تنظيمها منذ التلمساني وإلى بديع، حيث كانت القيادة قادرة على إحداث حالة من التفاهم بين أبناء مدرسة البنا الواسعة الاجتهاد"، داعيًا منير لتصويب الأخطاء. وفي السياق ذاته، أثار بيان منسوب ل"الهيئة الشرعية" داخل جماعة الإخوان المسلمين، لغطًا كبيرًا، نظرًا لعدم نشره عبر أدوات الجماعة الإعلامية الرسمية، بجانب غموض الشخصيات الموقعة عليه، وعدم معرفة مدى تخصصاتهم وخبراتهم في الفتاوى، حيث دعا البيان لاستخدام القوة كشكل من أشكال مقاومة اعتداء قوات الأمن على المعارضين، ووصف مقاومتها بالواجبة بكل أشكالها وأنواعها حتى وإن قلت الإمكانيات. وأوضح "رامي"، أن "الهيئة الشرعية" تعد لجنة مستحدثة، وتضم عددًا من العلماء الشرعيين ويستطلع رأيها في الأمور الفقهية، مشيرًا في تصريحات ل"المصريون"، إلى أن الهيئة بها نسبة معتبرة من غير المنتمين للإخوان التي تحرر فقط المسائل الشرعية بمنهج علمي بحت"، مشددًا على أن "مَن يحدد طريق وظرف وزمن المقاومة مَن يديرون الأمر على الأرض". ونفى القيادي الإخواني ما نسبته "المواقع والصحف الموالية" للنظام بتحويل مسار الجماعة من السلمية للعنف، مشددًا على "أن الهيئة الشرعية أكدت النهج الثوري مع مراعاة الضوابط الشرعية"، موضحًا أن "الهيئة الشرعية قدمت حكمًا شرعيًا وليس فتوى والفارق كبير بين الاثنين، الحكم الشرعي مطلق، وينطلق في الإشكالية الحالية من التأكيد على أن السيسى ليس بالحاكم المتغلب الذي تستوجب له حقوق، وإنما تجب مقاومته". كما أصدر جمال عبدالستار، القيادي الإخواني، بيانًا ناريًا على ضوء الأزمة التي تجرى الآن داخل الجماعة حول الاستمرار في المنهج الثوري أو العودة للمنهج الإصلاحي، مطالبًا الجماعة بأن "تمتلك وسائل القوة في مواجهتها الدولة بما في ذلك "السلاح". ورأى "عبدالستار" أن "الشعارات الثورية القوية غير القائمة على أوضاع حقيقية تعد بمثابة "منهجية للانتحار"، مشيرًا إلى أن "مشكلة الإخوان لا تكمن في السلمية أو الثورية وإنما تكمن في غياب الرؤية وتكلس الفكر وضيق الأفق". وأضاف "عبدالستار" أن "هناك بيعة بين الإخوان وبين آلاف الرجال والنساء في ميداني رابعة والنهضة وغيرهما على مواجهة الباطل حتى النصر أو الشهادة بيعة الدم فمنهم مَن قضى نحبه وفيًا بالعهد، صادقًا في الوعد، ومنهم مَن حبسه الأسر، ومنهم مَن ينتظر". وفي السياق ذاته، قالت "لجنة الشباب" في بيان هو الأول من نوعه "إن ما مرت به دعوتنا في الخمس سنين الأخيرة أثبت أنه كان لزامًا علينا أخذ مواقف أكثر جرأة وتجردًا لإنجاح الثورة"، مضيفة "مضت الأيام واستدعينا بصفتنا الاعتبارية ككيان شبابي بالجماعة في جناحها الثوري للمشاركة في إدارة ملف حل الأزمة الراهنة". وتابعت: "هالنا ما رأينا من البعض من إخواننا من تعمد تعطيل رأب الصدع، ورأينا من البعض رغبة في السيطرة والتحكم رغم بعده عن المشهد الثوري منذ فترة، رأينا تحزبات جغرافية، وكذلك استخدام قضية الاحتياجات المالية لأهالي الشهداء والمصابين والمعتقلين والمطاردين والمضارين ودعم العمل الثوري في الأزمة الدائرة". واتهمت اللجنة من وصفتهم بالقيادات الكبار بالسعي لشق الجماعة، مطالبة القيادات بالانسحاب من المشهد قائلين: "ونؤكد أن ميراث الجماعة الثوري الذي أسسه الإمام الشهيد حسن البنّا لن نسمح أن يضيع تحت هوى باحثين عن سيطرة أو راغبين في سكون ومهادنة، كما أن الثورة حية في نفوسنا لا يمكن لأحد أن يطفئها بإعادة جيل فاته قطار الثورة منذ زمن فلم يؤمن بها ولم يدفع من أجل تحققه". وقالت اللجنة إن "السلمية الاستسلامية المطلقة تم تجاوزها، وأن السلمية المرادة كما نعيها هي عدم الدخول مع المجتمع في صراع بل إعادة أشكال التواصل معه ومد الجسور والتشبيك اليومي مع قضاياه، وأن إزاحة النهج الثوري بالجماعة بإعادة رسم هيكلها بإجراءات غير شرعية متجاوزة إرادة الجمعية العمومية للجماعة التي اختارت ممثلين جددًا عنها أو باستمالة بعضها لحساب طرف ليس من نهج دعوتنا ولا قيمها المثالية التي تربينا عليها ويدفع ذلك لإيجاد حالة من اليأس والإحباط من شأنها شق وحدة الجماعة". وتعيش الجماعة مؤخرًا أزمة لم تمر بها من قبل منذ تأسيسها على يد حسن البنا قبل 87 عامًا، حيث يتنازع فريقان من قيادات الإخوان على أحقية إدارة الجماعة، حيث انتخب مكتب الإرشاد الجديد في فبراير 2014، لإدارة شؤون الجماعة، ويتزعمه القيادي محمد كمال، والأمين العام لحزب الحرية والعدالة حسين إبراهيم، وعضو مجلس شورى الجماعة علي بطيخ. وفي المقابل للمكتب الجديد المنتخب، هناك القيادات التي ما زالت خارج السجون من أعضاء مكتب الإرشاد، الذي كان يدير الجماعة حتى ما قبل فض اعتصام رابعة العدوية في 14 أغسطس من العام قبل الماضي، ويتزعمه محمود عزت، النائب الأول السابق لمرشد الإخوان، والأمين العام السابق للجماعة محمود حسين، المقيم في تركيا، والمتحدث السابق باسم الجماعة محمود غزلان، وعبد الرحمن البر (مفتي الجماعة)، والتي ترى الأحقية لنفسها في إدارة التنظيم. وفي أواخر مايو الماضي، نشب خلاف كبير داخل قيادة جماعة الإخوان العليا، حول مسار مواجهة السلطات الحالية في مصر، تلتها أنباء تفيد بأن الجماعة أنهت أزمة استمرت نحو 3 أشهر بإعلان تهدئة بين قيادات الجماعة المتنازعة، وبدء إجراء انتخابات جديدة داخل مستويات التنظيم، خلال الفترة المقبلة. واتفق قيادات التنظيم في اجتماع سابق (لم يعلن عن مكانه) على ثلاثة أمور تمثلت في "إجراء انتخابات جديدة داخل مصر لتشكيل لجنة جديدة لإدارة الأزمة، وتكون بديلة للجنة التي تم انتخابها في فبراير الماضي، وأحد أبرز أعضائها حسين إبراهيم، ومحمد كمال، عضو مكتب الإرشاد داخل الإخوان (أعلى هيئة تنفيذية بالجماعة). كما اتفقوا على استمرار محمود عزت، في منصبه كنائب لمرشد الإخوان، وقائمًا بأعمال المرشد محمد بديع (صدر بحقه أحكام بالإعدام والسجن المؤبد، بخلاف عشرات القضايا الأخرى المتهم فيها)، واستمرار إبراهيم منير (يقيم في لندن)، كنائب للمرشد بالخارج. ووفقًا للاجتماع يستمر عمل مكتب الإخوان المسلمين المصريين في الخارج، الذي يترأسه أحمد عبد الرحمن، القيادي البارز بالجماعة، دون أن يكون له منصب محدد داخل مكتب الإرشاد. وكذلك عدم طرح أي تصور أو نقاش حول مراجعة المنهج الثوري، أو الدخول في حلول سياسية مع السلطات الحالية في مصر، أو توقف المظاهرات، مع التأكيد على السلمية.