رجل الأعمال والكنيسة وأجهزة الدولة يدشنون حملة لحل الأحزاب الدينية لإبعاده من البرلمان.. والحزب يرد: بيننا وبينهم الصناديق شهد الأسبوع الماضي، الإعلان عن تدشين "الحملة الشعبية لحل الأحزاب الدينية"، والتي يتبنها مجموعة من الشخصيات العامة والسياسية، بدعوى منع اختلاط الدين بالسياسة بالوقوف أمام وجود الأحزاب ذات المرجعية الدينية على الساحة السياسية، وتطبيق المادة 74 من الدستور التي تنص على عدم إنشاء أحزاب على أساس ديني. تزامن ذلك مع تلفيق أحمد موسى، مقدم برنامج "على مسئوليتي" على فضائية "صدى البلد" مكالمة هاتفية منسوبة للداعية الإسلامي الكبير أحمد المحلاوي، يزعم فيها أن "الأحزاب الدينية هي أس البلاء التي تعانى منه البلاد، محرمًا الخلط بين الدين والسياسة"، وهى المكالمة التي نفاها المحلاوي في تصريحات إلى "المصريون". وأثار ذلك تساؤلات حول ما إذا كانت الحرب بدأت رسميًا ضد حزب "النور"، الذي كان شريكًا قويًا في "خارطة الطريق" التي أطاحت بحكم "الإخوان المسلمين"، لاسيما أن أغلب مقدمي برامج "التوك شو"، الذين شاركوا في إطلاق الحملة معروفين بعلاقاتهم الوثيقة بالأجهزة الأمنية ويترجمون يوميًا تعليماتها على الهواء. ودخل أحد رجال الأعمال الكبار، ومؤسس أحد الأحزاب الليبرالية على خط الأزمة في ظل ما يتردد عن تقديمه ما يقرب من 3ملايين جنيه دعما لهذه الحملة المرجح استمرارها ضد الحزب السلفي لعدة أشهر، بهدف التأثير على حصصه خلال انتخابات مجلس النواب القادمة، لاسيما أن أغلب الترجيحات تشير لتحول الحزب السلفي للحصان الأسود وصاحب الكتلة البرلمانية الأقوى داخل مجلس النواب القادم. ويأتي ذلك في ظل غضب الأجهزة الأمنية من مواقف "النور" خلال الفترة الأخيرة، من بينها انتقادات نادر بكار مساعد رئيس الحزب لشئون الإعلام لصفقة طائرات "الرافال" الفرنسية، وتشكيكه في جدوى الصفقة من الجانب العسكري، فضلاً عن تأكيدات الزعيم الروحي للحزب الدكتور ياسر برهامي على أن فوائد المبالغ المدفوعة لحفر قناة السويس "ربوية". وقال محمد عطية، المنسق العام لحملة "لا للأحزاب الدينية"، إن الحملة تهدف إلى محاربة من سماهم ب "تجار الدين من الأحزاب التي تمارس دورًا سياسيًا في الوقت الحالي". وأضاف عطية ل"المصريون": "أننا نستطلع برلمانًا حقيقيًا يمثل العدالة الانتقالية، ويمكن ثوار 25 يناير من استكمال ثورتهم"، مشيرًا إلى أنهم يستهدفون جمع 2مليون استمارة خطوة أولى. وبسؤاله عن دور الحملة عقب جمع الاستمارات، قال إن المستشار القانوني للحملة، سيتولى الأمر عبر رفع هذه الاستمارات إلي قضايا مجلس الدولة، يتبعه ضغط شعبي، وفعاليات بشكل رسمي، مضيفًا: "القضاء هو من سيحكم بيننا وبين النور وباقي الأحزاب في النهاية". وقال الدكتور جمال زهران أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، إن "حزب النور هدفه الوصول إلى السلطة، حتى يستطيع تنفيذ برنامجه الأمريكي، وذلك بعدما فشل مشروع جماعة الإخوان المسلمين". وأضاف أن "حزب النور والجماعات السلفية يستخدمون الدين مثل جماعة الإخوان المسلمين للتلاعب بوجدان الشعب المصري، مشيرًا إلي أن حوالي 21 حزباً دينياً في مصر بما فيهم حزب النور يعملون على توظيف الدين لتحقيق مصالحهم وأهدافهم الشخصية ". وتابع "يجب حل الأحزاب الذي تم تأسيسها على أساس ديني"، متهمًا السلطة بأنها "تساند حزب النور"، الذي وصفه بأنه "وريث لجماعة الإخوان المسلمين". واستطرد "المجتمع المصري لن يتصالح مع الإخوان". وقال سمير غطاس، عضو اللجنة الاستشارية لحملة، "لا للأحزاب الدينية": "سنعمل بكل قوة لإثناء الأحزاب الدينية وعلى رئيسها حزب النور السلفي"، واصفًا إياه بأنه "غير دستوري، يمارس العمل الحزبي بالمخالفة للقانون، ويتحايل على القضاء رغم كل ذلك". وأضاف غطاس، أن "الحملة تهدف لجمع مليون توقيع من الشعب المصري لحل حزب النور وسنعمل على تحقيق ذلك بالقضاء والقانون، عندما نصل إلى العدد المرجو من استمارات لفظهم من المجتمع". وأوضح، أن "الحملة رصدت لقاءات بين الحزب وقياداته على مدار الأعوام الماضية مع السفارة الأمريكية تشير إلى عمالتهم للغرب"، مشددًا على أن الحملة الشعبية الجديدة لن تسمح بعبور أحد من التيار الإسلامي السياسي داخل قبة البرلمان، حتى وإن استخدموا الرشاوى الانتخابية للفقراء والمجتمع. ويقول محللون إن التحرك ضد "النور" يأتي في إطار مساعي لتقليص دوره في البرلمان القادم، إذ أكدت تقارير سيادية أن مساعي الحزب وقدرته على حصد 120مقعدًا خلال البرلمان القادم يمكن أن يخلط الأوراق داخل البرلمان ويعيد سيناريو جماعة الإخوان وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة مجددًا للواجهة وهو ما ترفضه الدولة. ورأى محمد توفيق، القيادي المنشق عن حزب "النور"، أن "رجل الأعمال نجيب ساويرس، لا يألو جهدًا في شن الحملة ضد حزب النور للنزول بعدد المقاعد التي يمكن أن يحققها الحزب ذي المرجعية السلفية إلى 60مقعدًا، بحيث يتحول إلى كتلة ثانوية داخل البرلمان ولا يجرؤ على منافسة حزب المصريين الأحرار الذي يراهن على هذه الانتخابات للحصول على نصيب وافر من الكعكة". وأضاف أن "ساويرس لا يقف وحده في الحملة ضد الأحزاب الدينية، في محاولة إقصاء الإسلاميين من المشهد بشكل تام، بل تدعمه الكنيسة الأرثوذكسية بكل ما لها من نفوذ فى الداخل والخارج، فضلاً عن رغبة رسمية فى الحد من عدد المقاعد التى يمكن أن يحققها الحزب فى الانتخابات البرلمانية". وأشار إلى أن "حزب النور هو المستهدف من الحملة ضد الأحزاب الدينية، خاصة وأن أغلب هذه الأحزاب غير معنى حتى الآن ولو بشكل رسمى بخوض الانتخابات وبالتالى لا يشكل منافسًا للحزب السلفي". وأشعل التحالف الثلاثي حالة من الهلع داخل حزب "النور"، الذي يعتبر نفسه المستهدف من هذه الحملة، متوقعًا أن تتصاعد بشكل أكبر كلما اقترب موعد انتخابات مجلس النواب بهدف تشويه صورة الحزب والتأثير على حظوظه. وحاول الحزب تحييد أجهزة الدولة حتى لا تساهم بدور فاعل في الحملة وتعيد طلبات حظره لقيامه على أسباب دينية إلى صدارة المشهد، خصوصًا بعد رفض دعاوى قضائية تطالب بحظره. وبدأ الحزب في الرد على الحملة بالعمل على تحييد أجهزة الدولة عبر دفاع الحزب وعبر تصريحات لرئيس اللجنة القانونية الدكتور طلعت مرزوق، من خلال دفاعه عن قانون الخدمة المدنية، معتبرًا أنه يجفف منابع الفساد في مؤسسات الدولة ويضع حدًا لتضخم الجهاز الإداري ويرفع كفاءة أدائه، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة لتجنب غضب أجهزة الدولة، فضلاً عن تصاعد لهجة الانتقادات ضد "الإخوان" وتحميلها مسئولية ما حدث في "رابعة"، والدعوة للتبرع بفوائد ودائع حفر القناة للدولة دعمًا لميزان المدفوعات. واعتبر مرزوق في تصريحات له، أن "حملة حل الأحزاب الدينية مغرضة وتشكل مخالفة للدستور ومسعى لإجهاد أجهزة الدولة فيما لا طائل منه"، منتقدًا بشدة الحملة اليى دشنتها بعض القوى السياسية لحل الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية بمشاركة بعض الشخصيات الحزبية والعامة، وسعيها لجمع مليوني توقيع لتقديمهم كمستند ضمن دعوى قضائية لحل هذه الأحزاب. وتساءل: من الذي يمول الحملة؟ ولمصلحة مَن؟، لماذا فى هذا التوقيت تحديدًا ونحن على أعتاب انتخابات برلمانية؟، مستنكرًا بشدة اشتعال الحملة ضد الحزب فى وقت خسر بعض رموز هذا التيار دعاوى بنفس المضمون أمام محكمتى الأمور المستعجلة بالقاهرة والإسكندرية، واصفًا إياها بأنها تشكل تعطيلاً لمؤسسات الدولة واستئنافًا للحملات المهددة للاستقرار. وأكد منصور، أن الحملة ارتكبت عدة مخالفات دستورية وقانونية تتمثل فى تأسيس كيانات على خلاف القانون "تكتل القوى الثور" والتحريض على جرائم الكراهية والتمييز والإقصاء وتكدير السلم الاجتماعى وإشاعة أخبار كاذبة بطباعة وتوزيع منشورات واستمارات بدون إذن قانونى رغم رفض الجهات الرسمية لذلك. فى نفس السياق، قلل السيد مصطفى خليفة نائب رئيس "حزب النور" من الاتهامات الموجهة للحزب بقيامه على أساس ديني، قائلاً إن "هذه الحملة ستفشل فى تحقيق أهدافها بل قد تحقق نتائج عكسية فى هذا الوقت الذى تستعد فيه البلاد للانتخابات البرلمانية، نظراً لأنها خارج إطار الدستور والقانون، ولما تنتهجه من سياسة الإقصاء والتمييز". وتابع "سيظل حزب النور داعمًا لوحدة الشعب المصري، يحترم الدستور وأحكام القضاء ونتائج صناديق الاقتراع، ولن يُستدرج لعمل حملات مضادة، أو يُطالب باستبعاد الآخرين لإيمانه بأن مصر تتسع لكل أبنائها، وأنها لن تتجاوز محنتها بما يهدد الاستقرار النسبى الذى تحقق". من جانبه، أكد شعبان عبدالعليم، عضو المجلس الرئاسى للحزب، أن "الحملة لن تؤثر على نتائج حزب النور خلال انتخابات النواب القادمة"، موجهًا حديثه للأحزاب المدنية بالقول "بيننا وبينكم الصندوق"، مشددًا على ضرورة أن تبحث هذه الأحزاب عن تعزيز أرضيتها فى المشهد السياسى بدلا من التركيز على الحزب واتهم عبدالعليم، بعض الداعمين للحملة ضد الأحزاب الدينية بالتوسع فى استخدام المال السياسى لتعزيز حظوظ مرشحيها، مطالبًا اللجنة العليا للانتخابات بضبط الإنفاق المالى ومراقبتها حتى قبل إطلاق الانتخابات "حتى لا تتجاوز هذه الأحزاب السقوف المحددة للإنفاق وتعيد بناء برلمان يسيطر عليه رجال الأعمال".