وسط حالةٍ من التنافس غير المسبوق بين التيار الإسلامي الذي حقَّق أغلبية المقاعد في المرحلة الأولَى والقوى الليبرالية، بدأت اليوم الأربعاء الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية في مصر، في وقت تواصل فيه الجدل حول صلاحيات البرلمان المقبل وبخاصة مع تنامِي الحديث عن إصرار المجلس العسكري على وضع معايير محددة يتمّ بواسطتها اختيار اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور. وتجرِي الانتخابات في هذه المرحلة في تسع محافظات ويحق لنحو 18.8 مليون ناخب التصويت فيها على مدى يومين، لاختيار 180 نائبًا من نواب البرلمان البالغ عددهم 498 نائبًا يجري انتخابهم على ثلاث مراحل. ويتوزّع المرشحون في المرحلة الثانية بمعدل 120 للقوائم الحزبية و60 للمقاعد الفردية. وبناء على 3 أحكام قضائية، قررت اللجنة العليا للانتخابات قررت تأجيل إتمام العملية الانتخابية للقوائم في كل من الدائرة الثانية بالبحيرة والدائرة الثانية بسوهاج والدائرة الأولَى بالمنوفية وإجراؤها يومي الأربعاء والخميس الموافق 22 ديسمبر. ومنذ صباح اليوم شهدت اللجان الانتخابية المختلفة إقبالاً كثيفًا من الناخبين خلال الساعات الأولى لفتح أبواب التصويت، خاصة من جانب كبار السنّ الذين حرصوا على الحضور للإدلاء بأصواتهم، على الرغم من تفاوت المشاركة في بعض المحافظات. ومن المقرّر أن تغلق مكاتب الاقتراع في السابعة مساء الأربعاء بالتوقيت المحلي على أن تستأنف عملية التصويت الخميس في المحافظات التسع وهي الجيزة والإسماعيلية والسويس والمنوفية والشرقية والبحيرة وبني سويف وسوهاج وأسوان. وقد قامت السفيرة آن باترسون سفيرة الولاياتالمتحدة لدى مصر صباح اليوم بزيارةٍ لإحدى اللجان الانتخابية بحي الدقي في محافظة الجيزة بمدرسة "جمال عبد الناصر" الإعدادية الثانوية. وأجرت السفيرة الأمريكية التي لم تدخل مقر اللجنة- حوارات قصيرة مع عدد من الناخبين الذين اصطفوا في طوابير طويلة أمام مقر اللجنة الانتخابية.. ووجهت السفيرة آن باترسون في تصريحات صحفية أدلت بها من الشارع المقابل لمقر اللجنة التهنئة للشعب المصري وقيادته وللناخبين على هذه الانتخابات التي وصفتها بالناجحة للغاية. وقالت: إنها جاءت لترَى المشاركة في الانتخابات معربة عن سعادتها بالحديث مع عددٍ من الناخبين الذين كانوا مصطفين للإدلاء بأصواتهم أمام اللجنة والذين أكّدوا لها أن هذه هي المرة الأولى التي يقومون فيها بالتصويت في الانتخابات. من جهته وصف بطرس غالِي رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان السابق أثناء تفقده لإحدى اللجان طوابير الانتخابات "بطوابير الديمقراطية"، مؤكدًا أنّ مصر " تشهد عرسًا ديمقراطيًا عبر أول انتخابات حرة بعد الثورة لاختيار من يمثلهم فى البرلمان". وتفقد المشير محمد حسين طنطاوى، اللجان الانتخابية، بمحافظة المنوفية فى مدينة قويسنا، من أجل التأكد من سير الانتخابات بشكل طبيعي وبدون أي مشاكل أمام اللجان الانتخابية. ومن جهته أكد د. عصام العريان على ثقته في قدرة الجيش المصري والشرطة على الحفاظ على أمن الناخبين وحماية نزاهة الانتخابات، التي أبهرت العالم في مرحلتها الأولى بسلميتها غير المسبوقة في مثل هذه المناسبات السياسية. وأشارَ إلى رفضه لأي محاولات من البعض بتخويف الناخبين من المشاركة وذلك على خلفية تصريحات البعض من أن المرحلة الثانية قد تشهد حالات عنف. وتجرِي الانتخابات تحت إشراف قضائي كامل من خلال قرابة 11 من القضاة وأعضاء النيابة العامة والهيئات القضائية المختلفة (مجلس الدولة وهيئتي قضايا الدولة والنيابة الإدارية). وقد وضعت القوات المسلحة المصرية بالتنسيق مع وزارة الداخلية الترتيبات النهائية لخطة تأمين المرحلة الثانية لأول انتخابات نيابية بعد سقوط الرئيس حسني مبارك، حيث تجري الانتخابات في ظلّ وجود مكثف لعناصر الجيش والشرطة التي تقوم بدور كبير في تنظيم عملية الدخول إلى اللجان ومنع أي دعاية انتخابية للمرشحين والأحزاب خارج مراكز الاقتراع. كما تقوم 25 ألف منظمة مجتمع مدنِي محلية حصلت على تصاريح من اللجنة العليا للانتخابات بمتابعة الانتخابات، بالإضافة إلى 800 منظمة عربية وأجنبية، و 1580 إعلاميًا محليًا وأجنبيًا. وعلى غرار المرحلة الأولَى شهدت انتخابات اليوم وجود عددًا من الشكاوي تتعلق بتأخر فتح بعض اللجان الانتخابية وقيام بعض الأحزاب بالدعاية أمام اللجان، حيث تلقت غرفة العمليات المركزية بوحدة دعم الانتخابات بالمجلس القومي لحقوق الإنسان في الساعة الأولى من مرحلة التصويت20 شكوى في عدد من المحافظات. كما حدثت بعض المشاكل التنظيمية، حيث اعتذر 100 قاضٍ من مجلس الدولة عن الإشراف على الانتخابات بسبب عدم مراعاة اللجنة العليا الأقدمية في توزعيهم على اللجان وبسبب سوء الظروف التي سيؤدون فيها العمل. واضطرت قوات الجيش إغلاق اللجان في بعض الجان التابعة لمحافظة الجيزة اعتراضًا على استمرار الدعاية الانتخابية لبعض الأحزاب ما يمثّل خرقًا لقانون الانتخابات، فضلاً عن توجيه بعض كبار السِّنّ لانتخاب قوائم بعينها. وفي الشرقية رفعت الكتلة المصرية دعوَى قضائية لوقف الانتخابات لأسباب وصفتها بأنها أخطاء في أسماء بعض المرشحين على قوائم الكتلة، فيما اشتكى بعض المواطنين أثناء إدلائهم بأصواتهم من عدم وضوح الرموز الانتخابية للمرشحين في الاستمارات، مما أدّى إلى استياء العديد منهم. وقبل الانتخابات دخلت أطراف العملية الانتخابية في حرب إعلامية، حيث يرى مرشحو حزب الحرية والعدالة أن ما تحقق من تفوق في المرحلة الأولى سيزداد في الثانية، بينما استبعد مرشحو الكتلة المصرية أي تحالف مع تيار الإسلام السياسي تحت قبة البرلمان، مؤكدين أن الفرصة لا تزال سانحة لإحراز المزيد من المقاعد. وتحاول الأحزاب المتنافسة الاستفادة من تجربتها خلال المرحلة الأولى، حيث يسعى كل حزب لمعالجة جوانب الضعف التي ظهرت في أدائه الانتخابي وتعزيز جوانب القوة لديه . وكانت المرحلة الأولى في انتخابات مجلس الشعب قد شهدت نجاحًا كبيرًا للتيار الإسلامي ممثلاً في حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين وحزب النور(السلفي).