أثار قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بإرجاء زيارته إلى لندن، حالة من التباين بين الخبراء، حيث توقع عدد منهم أن سبب ذلك هو خشية توقيفه فور وصوله لندن تزامنا مع تحريك عدد من الدعاوي في بريطانيا تتهمه بارتكاب مجازر ضد الإنسانية. فيما استبعد آخرون توقيف السيسي، بسبب الحصانة التي يمتلكها، فضلاً عن عدم تضحية بريطانيا بمصالحها مع مصر، لافتين في الوقت ذاته إلى إمكانيه القبض على الوفد المرافق للسيسي، لو كانوا مدرجين ضمن المطلوبين. وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، قد وجه دعوة للسيسي لزيارة لندن، إلا أن الأخير أجل زيارته لأجل غير مسمي بحجة انشغاله في افتتاح قناة السويس. وبحسب تقرير نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، قال محامون في مجال حقوق الإنسان إن زيارة الرئيس المصري إلى بريطانيا كانت قد تفضي إلى إلقاء القبض عليه لو تمت، وهذا ما دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي لتأجيل الزيارة إلى وقت آخر. وأكد محامون حقوقيون، أن مسئولين مصريين بارزين قد يواجهون الاعتقال لو زاروا بريطانيا وذلك لعلاقتهم بما وصفوه ب "جرائم ضد الإنسانية". وذكر التقرير أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد دعا الرئيس المصري لزيارة بريطانيا الشهر الماضي، لكن السيسي أرجأ الزيارة خشية اعتقاله أو اعتقال أفراد آخرين من النظام، بعدما سعى محامون لاستصدار أوامر اعتقال بحقهم من محاكم بريطانية. ونقلت الصحيفة عن المحامي المتخصص في جرائم الحرب توبي كادمان قوله: "إذا جاءوا إلى بريطانيا، سنبذل كل ما في وسعنا لضمان اعتقالهم". وقال كادمان، إنه يعتقد أن الحكومة المصرية قلقة بسبب إلقاء القبض على جنرال من راوندا في يونيو الماضي لدى دخوله بريطانيا بعد اتهامه في إسبانيا بالتورط في جرائم حرب. وبحسب الصحيفة، فإن السفارة المصرية في لندن لم ترد على طلب التعليق على زيارة السيسي أو "التهديدات بإلقاء القبض عليه". وذكرت أن الخارجية البريطانية أنه من المتوقع أن يأتي السيسي إلى بريطانيا قبل نهاية العام الحالي، لكن لم يُحدد موعد بعد. ويأتي الحديث بالتزامن مع الذكرى الثانية لفض اعتصامي أنصار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي في رابعة العدوية والنهضة، وهو ما أسفر عن مقتل أكثر من 800 شخص بحسب منظمات حقوقية. وتؤكد الصحيفة، أن مذبحة رابعة تُعد الأكثر دموية على الإطلاق، حيث قالت عنها منظمة هيومن رايتس واتش بعد وقوعها إنها تُعد جريمة ضد الإنسانية ارتكبت مع سابق إصرار وترصد من جانب الحكومة في ذلك الوقت. وتحدثت الصحيفة عن طالبين يحملان الجنسية البريطانية شاركا في اعتصام رابعة العدوية أثناء قضاء إجازة في مصر عقب إطاحة الجيش بالرئيس السابق محمد مرسي بالرغم من عدم انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين، وقد نقلت الصحيفة شهادتهما على فض اعتصام رابعة العدوية. حيث أكدا أنهما شاهدا عناصر من قوات الأمن المصرية تحمل بندقيات قنص مصوبة تجاه المعتصمين وقد وقع بالفعل أمام أعينهم قتلى جراء استهدافهم برصاص قوات الأمن، وقد بثت الصحيفة مقتطفات من هذه الشهادات في تقرير لها. بهذا الأمر قد تتحرك بالفعل دعاوى قضائية تتهم السيسي ومسئولين بنظامه بالمسئولية الكاملة عن هذه المجازر التي لم تحقق بها السلطات المصرية حتى الآن بأي نوع من الشفافية، ولم تقدم أي مسئول إلى المحاكمة جراء ارتكاب جرائم قتل لمعتصمين لم تثبت الأدلة أنهم قاموا بارتكاب أعمال عنف. وقال الدكتور محمد حسين أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى بريطانيا، لن يشوبها أى تهديد على سلامة السيسي، مستبعدًا توقيف السيسي في لندن إذا شرع في زيارته، مشيرًا إلى أنه من الممكن أن يصل التهديد إلى الوفد المرافق للسيسي أثناء زيارته للندن لو كان من بينهم أسماء أدرجها القضاء البريطاني ضمن لائحة المطلوبين. وأكد حسين ل"المصريون"، أن بريطانيا ليست بالدولة الحمقاء كي توقف رئيس دولة له حصانة، وأن تضحى بمصالحها مع مصر. وشدد أستاذ العلاقات الدولية، على أن مصر ليست محمية بريطانية أو تحت احتلال، حتى يتخوف السيسى من زيارتها، مؤكدًا أن مصر دولة ذات سيادة، بالإضافة إلى الدور الإقليمى الذي تعلبه مصر في المنطقة والذي تستحيل معه أى دولة في العالم اتخاذ موقف معاد لمصر قبل دراسته جيدًا، فضلا عن بريطانيا كدولة كبيرة تحترم القانون وتحافظ على مصالحها الدولية، ولا يمكن أن تضحى بمصالحها، حتى لو كان للبرلمان البريطاني رأى آخر، منوها إلى أنه حتى خصوم السيسى لن يقبلوا المساس بالرئيس المصري، لأنه يمثل مصر و كرامة الشعب المصري. وتابع استاذ العلاقات الدولية مستشهدًا، بواقعة زيارة الرئيس الإيراني الأسبق أحمد نجاد للأمم المتحدة داخل الولاياتالمتحدة وذلك برغم حالة العداء الشديدة والتوتر في العلاقات بين إيران وأمريكا في ذلك الوقت، ورغم ذلك لم تقدم الولاياتالمتحدة على توقيف الرئيس الإيراني. ورأى حسين، أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، يمنى نفسه بزيارة السيسي أكثر من رئيس مصر، وأنه سيحافظ على العلاقات البريطانية المصرية جيدًا، وذلك بعد زيارة السيسي إلى إلمانيا في وقت سابق وجذب المستثمرين الألمان إلى مصر، وتوقيع عدد من الصفقات والاتفاقات مع الجانب الألماني، مما سيدفع البريطانيين إلى الحفاظ على العلاقات مع مصر لزيادة الاستثمارات. وطالب حسين، السيسي بعدم اصطحاب أحد من الأسماء المهددة ضمن الوفد، كما أعرب عن تمنيه أن لا يخطأ باصطحاب وفد من الفنانين كالذي حدث في ألمانيا، مؤكدًا أن السيسي يحتاج أن يرافقه فريق من الباحثين والعلماء تجيد الكلام و الفعل، وتمهد زيارة السيسي لبريطانيا ونشر الفكر المصري وخلق رأى عام مواز، و تحويل الرأي العام ،عبر إرسال عدد من أساتذة الجامعات لإلقاء المحاضرات في الجامعات البريطانية، كالذي تحدثه إسرائيل في العالم. وأكد السفير عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق وأستاذ القانون الدولى، بوجود بند في القانون الدولي، بأن رئيس الجمهورية فى أى دولة يتمتع بالحصانة حتى لو كان بعض الحكام متواجدين خارج دولتهم، موضحا أنه يتم تنفيذ الحكم بعد خروجه من منصبة. وأضاف الأشعل، في تصريحات خاصة ل "المصريون", أن كلا من رئيس الجمهورية ورئيس الوزارة ووزير الخارجية هم من لهم الحصانة فى أى دولة بالعالم, لافتا إلى أنه من الممكن أن يتم القبض على الوفد المرفق للرئيس عبد الفتاح السيسى حتى لو كان وزيرا بالحكومة. وتابع الأشعل, أن المنظمات الحقوقية والمدنية الموجودة بلندن تعمل على إصدار حكم ضد النظام الحالي على جرائم إنسانية تم ارتكابها بإحداث رابعة والنهضة. وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي ألغي زيارته إلى جنوب إفريقيا ومشاركته في القمة الأفريقية واجتماعات دول نيباد في مدينة جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا، يونيو الماضي، وقرر ارسال رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب بديلا عنه لرئاسة وفد مصر. وكان ذلك تزمنا مع طلب منظمة حقوقية في جنوب أفريقيا رسميا من السلطات هناك القبض على السيسي، حال وصوله إلى البلاد، بزعم ارتكاب جرائم حرب.