فزعنا جميعاً عند سماعنا بخبر غرق مركب الوراق مما أدى إلى مصرع معظم من كانوا عليها. أتوقع و كالعادة أن يكتفى المسئولين بالتحقيق في الملابسات الجنائية للحادث و القبض على صاحب الصندل و توجيه الاتهام له كمتهم رئيسي فيالحادثة و سيخرج مسئولي وزارتي النقل و الصحة في وسائل الإعلام لإظهار مدى سرعة استجابتهم للحادث فور علمهم. تعودنا في مصرعلى مثل هذه الكوارث و أن يتم التعامل معها ظاهريا بدلا من البحث عن الأسباب الجذرية للحادث و الخروجبتقريرمٌفَصَّلأوعدةتوصياتتساعدعلىمنعمثلهذهالحوادثمستقبلاً أو تقليص نسبة حدوثها إلى أقل درجة ممكنة.تعودنا دائما أن نتحرك بعد الكارثة لمعالجة آثارها, لا قبل الحادثة لمنع حدوثها. صاحب الصندل الذى أبحر في النيل ليلا بدون ترخيص. صاحب المركب الذى لا يمتلك تراخيص إبحار أساسا, و انشغل باللهو و اللعب وسط الضجيجبدلاً من قيادة المركب بحذر و حرص. شرطة المسطحات المائية التي لم تهتم بتغطية منطقة الوراق في يوم من الايام أو تكتشف أصحاب المراكب المخالفة. صاحب الفرح الذى قام بتأجير مركب بحمولة محددهلا يجب تجاوزها و دعا إلى فرحه أكثر من العدد المطلوب و صاحب المركب الذى وافق على زيادة الحمولة.كل مسئول لم يسرع لأداء مهام عمله فور علمه بالحادث من وزارات الداخلية, و النقل, و الصحة. ألا تتفق معي أن كل هؤلاء مسئولون و محاسبون أمام الله عن كل الأرواح التي أٌزهِقَت و العائلات التي مات أفرادها بالكامل. الإهمال, هو العدو الأول للمصريين دائما و هو السبب الرئيسي في حصد أرواح الآلاف. الكل يعلم أن الإهمال منتشر و على نطاق واسع في جميع قطاعات الدولة بما فيها مجال النقل و المواصلات و لكن المصيبة الكبرى في الإهمال هي النتائج الكارثية التي تترتب عليه و لك أن تتخيل: سائق تحامل على نفسه و قاد مركبته يغالبه النوم. موظف في إدارة المرور أعطي رخصه لأحد الأشخاص بدون التأكد من مهارته في القيادة. ضابط في المرور قام بترخيص السيارة بدون فحصها مع أن السيارة متهالكة و غير صالحه للسير بطريقة آمنه. سائق انشغل بمكالمة موبايل عن متابعة الطريق. مالك لسيارة لا يقوم بصيانتها دوريا لتجنب الأعطال المفاجئة. شخص يمشي بسرعه زائدة عن المطلوب على طريق يكسوه الضباب. كل هؤلاء بإهمالهم قد يتسببوا في حوادث يموت بسببها الكثير من الأبرياء بالإضافة لليتامى و الأرامل و العَجَزَة نتيجة الحادثة. كل هؤلاء مهملون مجرمون في حق أنفسهم و في حق أهليهم و في حق الآخرين, و سيحاسبون أمام الله على إهمالهم و تسببهم في إزهاق أرواح الأبرياء, و لن يجدوا يوماً بركة في حياتهم و صحتهم أو أموالهم و أولادهم. آيتان في القرآن في سورة الزلزلة لو اتبعناهما لما وصلنا لهذا المستوى المتدني من الإهمال و عدم المسئولية و الاستخفاف بأرواح الناس و مصائرهم. قال تعالى: "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه" و للحديث بقية