الدعوات التي طالبت بتحرير وتمكين المرأة ومساواتها بالرجل في جميع المجالات انتهى بها الأمر إلى المطالبة بحرية المرأة في التصرف بجسدها، وهذه الحرية تعني ضمن ما تعني حرية المرأة في ممارسة الجنس وقتما تشاء ومع من تشاء وبدون أية ضوابط، وهذا الأمر فيه مصادمة للفطرة السوية ومصادمة للشرائع السماوية التي تحرم الزنا والشذوذ، والنتيجة المرة لتلك الدعوات هي التفكك الأسري وانتشار الفاحشة والرذيلة وانتشار الأمراض الجنسية المعدية وفي مقدمتها مرض الإيدز. ومن المفارقات المخزية والمحزنة أن نجد من يطالب بتقنين الدعارة في الدول العربية والإسلامية بحجة حماية المومسات وحماية المجتمع من انتقال الأمراض الجنسية المعدية! واللافت في الأمر هو أنه بعد تقنين البغاء وترخيصه والسماح به في الكثير من الدول ومنها دول عربية وإسلامية وإباحة الزواج بين الشواذ والمثليين وجدنا في الدول الغربية من يطالب بإلغائه وتقييده ووجدنا أيضًا وهو الغريب رفضًا من قبل المومسات لتقييد البغاء وإلغائه، فقد تظاهر في باريس نحو 300 مومس، للاحتجاج على مشروع قانون تقدم به الحزب الاشتراكي يجرم زبائن الدعارة، ورفعت المتظاهرات لافتات كتب عليها "تجريم الزبائن = قتل المومسات"، ورددن شعارات نددت بوزيرة حقوق المرأة نجاة بلقاسم التي تؤيد تجريم الدعارة! وامتهان الكثير من الفتيات والنساء للبغاء حدث نتيجة المساواة المزعومة بين المرأة والرجل وتخلي الرجل عن دوره في رعاية الأسرة والإنفاق على المرأة وعلى الأولاد وهذا الأمر دفع المرأة في الغرب إلى العمل في مهن وضيعة لأنها تعيش في مجتمعات لا تساوي بين الرجل والمرأة في العمل أو في الأجر. والتمحور حول جسم الأنثى والتركيز على مفاتنها وشيوع الإباحية والترويج لها عبر وسائل الإعلام المختلفة جعل من جسم المرأة سلعة تباع وتشترى وفتح المجال لاستهلاك جسم المرأة في الإعلانات التجارية وفي ممارسة الجنس. والحرية الجنسية (الإباحية) في الغرب لم تحقق الإشباع الجنسي أو الاستقرار النفسي والعاطفي للإنسان وأصابت الشعوب في أماكن كثيرة من العالم بالسعار الجنسي الذي لا ينطفئ والمرأة هي الخاسر الأكبر في سوق الجنس الذي تقدر أرباحه بالمليارات سنويًا. وسوق البغاء في العالم مرتبطة بعدة أمور منها تجارة الجنس ومستلزماته والصحف والمجلات والمواقع الإباحية التي تروج له والتجارة في أدوات ممارسة الجنس والنتيجة هي الشذوذ الجنسي وانتشار الأمراض الجنسية. وفي مقابل استغلال وامتهان جسم المرأة نجد أن الإسلام كرم المرأة وصانها وحفظها ووفر لها الرعاية والحماية ووضع ضوابط أخلاقية وشرعية لممارسة الجنس لكي يحمي كرامة المرأة ويصونها من أي اعتداء على عرضها، ويحمي المجتمع من الآثار المترتبة على الزنا واختلاط الأنساب. والإسلام وضع الكثير من الضوابط التي تحمي المرأة من التعرض للأذى وبخاصة الأذى الجسدي ومن هذه الضوابط الأمر بالقرار في البيت والنهي عن التبرج وإظهار الزينة أمام الأجانب وتحريم الخلوة بين الجنسين وتجريم الزنا. والشريعة الإسلامية أوجبت نفقة المرأة على الرجل حتى لا تضطر للخروج من البيت للعمل والإحصائيات في الغرب والشرق تقول إن نسبة كبيرة من النساء يتعرضن للتحرش الجنسي في أماكن العمل. والإسلام أعطى المرأة الحق في اختيار شريك الحياة وجعل موافقتها ورضاها شرطًا من شروط صحة عقد الزواج، وفرض لها المهر والنفقة، والاستمتاع بالمعاشرة الزوجية من الحقوق المشتركة بين الزوجين، والإسلام لم يُبح العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة إلا في إطار واحد ورابطة مقدسة وهي رابطة الزواج الذي جعله الله عز وجل آية من آياته وهو سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم.
باحث وكاتب عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين