أجاز الرئيس عبد الفتاح السيسي لنفسه عزل رؤساء الهيئات الرقابية، وذلك بمقتضى القانون الصادر أمس، بعد أن كان يحظر على رؤساء الجمهورية على مدار عقود عزل أى من رؤساء الهيئات الرقابية بعد تعيينهم والذين يظلون غير قابلين للعزل حتى انتهاء مدتهم القانونية. ونص القانون في مادته الأولى، "على أنه يجوز لرئيس الجمهورية إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، في الحالات الآتية، أولها إذا قامت بشأنه دلائل جدية على ما يمس أمن الدولة وسلامتها، وثانيها إذا فقد الثقة والاعتبار. أما الحالة الثالثة إذا أخل بواجبات وظيفته بما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، فيما تنص الحالة الرابعة على الإعفاء "إذا فقد أحد شروط الصلاحية للمنصب الذي يشغله لغير الأسباب الصحية". وأثار القانون حالة من الجدل بين خبراء القانون الذين أكدوا أن القانون صدر خصيصًا لعزل المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، و الذي عين في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، فضلا على حالة الشد والجذب بينه وبين المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة السابق ووزير العدل الحالي. وكان الزند قد توعد، جنينة بعزله من منصبه بعد إثارة قضية فساد تخص رئيس نادي القضاة وقتئذ، الأمر الذي أثار حفيظة الزند متوعدًا بعزل جنينة. وتعليقا على قانون العزل، قال جنينة، "إن القانون الصادر لا علاقة به، مؤكدًا أنه غير قابل للعزل". وقال الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة السابق والفقيه الدستوري، إن قانون الجهاز المركزي للمحاسبات ينص على أن يعين رئيس الجهاز مدة 4 سنوات ويظل في منصبة غير قابل للعزل، لافتًا إلى أن الدستور نص في ماده 216 الفقرة الثانية على أن يعين رؤساء الهيئات الرقابية بقرار من رئيس الجمهورية بعد عرضه على مجلس النواب، والموافقة عليه بأغلبية الآراء و لا يعفي رؤساء تلك الهيئات إلا بنص قانون، مشددًا على أن القانون في المطلق لا يخص شخصًا معينًا ولا يجب أن يكون صادرا بحق أشخاص. وعن القانون الصادر من الرئيس والذي يجيز له إعفاء رؤساء الهيئات الرقابية من مناصبهم، أكد كبيش ل"المصريون" أن القانون حدد حالات معينة لعزل رؤساء الهيئات. ورأى أن قرار العزل سيتوقف على إجراء تحقيق مع الشخصية المستهدفة من العزل قبل عزلها، وإلا لن يحق للرئيس عزل تلك الشخصية. وأوضح الدكتور شوقي السيد،الفقيه الدستوري، أن القانون الذي أصدره السيسي لا يحق بموجبه عزل أي قيادي بالأجهزة الرقابية والتشريعية، وإنما يكون إعفاء من المنصب بموجب المخالفات التي نصت عليها المادة 216 من الدستور. وأضاف، أن الثغرة القانونية التي يستطيع الرئيس بموجبها إعفاء هشام جنينة من منصبه هي المادة 216 من الدستور المصري الحالي، لأن آخرها تنص على بعض الحالات التي تتيح له الإعفاء من منصبه، مشيرًا إلى أن رؤساء الأجهزة المستقلة لهم قوة القانون التشريعي. وأكد مؤمن رميح، الخبير القانوني، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى حدد أربع حالات يجوز بشأنها عزل أعضاء ورؤساء الأجهزة الرقابية ومنها توافر دلائل جدية على قيامه بعمل يمس أمن البلاد وسلامتها أو فقده للثقة والاعتبار أو أخل بواجبات وظيفته من شأنه الإضرار بمصلحة البلاد العليا . وأشار إلى أنه ورغم ورود هذه الحالات إلا أنها غير محددة تحديدا ينبئ عن توافر معايير محددة ومعينة لعزل وإعفاء رؤساء الأجهزة الرقابية، وإنما أورد تعبيرات مطاطة تفتقد عنصر الجدية والتدقيق وتجعل سلطات رئيس الجمهورية مطلقة فى عزل من يشاء طالما أنه لا يتفق وسياسته المفروضة أو خرج عن حدود الإطار الرقابى المسموح به من قبل رئاسة الجمهورية . وتابع رميح، أن الاستخدام المتعسف لنصوص هذا القانون الجديد خرج عن حدود المبادئ القانونية العامة من حيث استهدافه لأشخاص بعينهم يحاول إبعادهم عن المشهد الرقابى تمكينا للسياسات الفاسدة أن تتبوأ مكانتها وتعلن عن وجها العابس رافعين لواء لا صوت يعلو فوق صوت الفساد . واستطرد رميح، أن سلطة التعيين لا بد من موافقة البرلمان عليها، وحيث إن البرلمان غير منعقد الآن فإنه لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يعين أحدا فى أى جهاز رقابى إلا بعد موافقة البرلمان الذى لم تكتب له الحياة الدستورية حتى الآن، وإذا حدث أو تحدى الرئيس سلطة الدستور فإننا أمام حالتين إما أن يكون قراره منعدما من الناحية القانونية وذلك سيكون بناء على حكم صادر من مجلس الدولة أو أن يحاكم رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة بتهمة انتهاك الدستور والتى تعتبر فى حد ذاتها جريمة التعدى عليه وعدم احترام قواعده .