أكل العيش مر، وأصبح صيد السمك أمرّ، فلم يلبث أن ضاق الحال بصيادى بحيرة المنزلة حتى وجودوا أنه لا مفر من انتشار البلطجة والعصابات المسلحة والتعديات وغيرها من أزمات طرأت على مكان عملهم المعتاد فى البحيرة, وبعد محاولات العودة للصيد فى البحيرة، باءت بالفشل، فضلوا نار البحر الأحمر على جنة بحيرة «المنزلة»، فانتقلوا للصيد فى البحر الأحمر, بالقرب من المياه الإقليمية بين مصر وإريتريا باحثين عن مصدر رزقهم الوحيد, فألقت القوات السودانية القبض عليهم لاتهامهم بالصيد فى المياه الإقليمية، ومازال ذووهم يجهلون مصيرهم، بعد أن وصلت أنباء عن أن سبب احتجاز الصيادين هو رد على احتجاز السلطات المصرية ل160 مواطنًا سودانيًا بتهمة التنقيب عن ذهب. الأمر الذى أكده محمد رشاد, أحد مالكى المراكب المحتجزة بالسودان، أن السلطات السودانية احتجزت 3 مراكب مصرية، فى عرض البحر الأحمر فى المياه الإقليمية بين دولتى إريتريا والسودان. وكشف «رشاد»، فى تصريحات خاصة ل«المصريون»، عن أن أسماء الثلاث مراكب التى احتجزتها القوات السودانية، هم: «هدى الرحمن والأميرة ملك والأميرة مريم»، وعلى متنها 108 من صيادى مدينة المطرية بمحافظة الدقهلية، أثناء توجههم إلى إريتريا، على الرغم من وجود تصاريح للصيادين بالصيد هناك، إلا أن السلطات السودانية قضت بحبسهم 6 أشهر وفرض غرامات مالية، وذلك بعد مغادرة الصيادين المصريين مطلع إبريل الماضي. ومن جانبه، أكد أحمد الفقي، أمين عام نقابة الصيادين بالمطرية دقهلية، أن الصيادين المصريين كانوا على بعد 20 ميلاً من المياه الإقليمية السودانية، وقامت قوات حرس الحدود السودانية باقتيادهم إلى المياه الإقليمية السودانية لإلقاء القبض عليهم وإدانتهم؛ لأن هناك أكثر من 160 مواطنًا سودانيًا محتجزون لدى السلطات المصرية، والذين تم القبض عليهم أثناء تنقيبهم عن الذهب فى «حلايب وشلاتين»، على حد قوله. كما أكد حسين الموطنى، محام، وأحد أقارب الصيادين المحتجزين، أن تلك ليست المرة الأولى للصيادين أن يذهبوا فى رحلة صيد فى البحر الأحمر، مشيرًا إلى أن تلك الرحلة اختلفت عن باقى الرحلات الأخرى، معللاً بأن هناك خصومة بين السلطات السودانية والمصرية لاحتجاز السودانيين فى مصر بتهمة التنقيب عن الذهب. وأضاف «الموطنى»، فى تصريحات خاصة ل«المصريون»، أن القوات السودانية ترصد الصيادين والبحارين المصريين عبر البحر الأحمر ويتم القبض عليهم واحتجازهم و«تلفيق» بعض التهم منها التعدى على المياه الإقليمية وتصوير منشآت عسكرية، مشيرًا إلى أن أحد المحتجزين تواصل معه عبر الهاتف، وأكد خلال الاتصال أن القوات البحرية السودانية قامت بهجوم عليهم وتم اقتيادهم إلى المياه الإقليمية السودانية أكثر من 3 ساعات، لأنهم كانوا على بعد 20 ميلاً عن حدود السودان وقامت بمعاملتهم بطريقة سيئة للغاية، بحسب وصفه. وأوضح أن وزارة الخارجية تعلم السبب الحقيقى لاحتجاز الصيادين، مشيرًا إلى أنهم التقوا بالسفير بدر عبدالعاطي، المتحدث باسم الخارجية المصرية، والذى أكد لهم أنه جار حل هذه المشكلة بعد صدور أحكام قضائية ل 46 صيادًا من المحتجزين.
وفى سياق متصل، أكد طه الشريدى، نقيب الصيادين، أن أهالى الصيادين المحتجزين بالسودان طرقوا كل الأبواب بداية من مجلس المدينة وحتى المحافظين والوزارات المعنية المختلفة، مطالبين بالتدخل والمساعدة فى إنهاء أزمتهم، مشيرًا إلى أنه لم يجد أى رد فعل من الوزارات المعنية، قائلاً: «إننا لم نجد أى سبيل أمامنا سوى اللجوء لرئاسة الجمهورية». وطالب «الشريدى»، خلال مؤتمر عقده حزب الكرامة، أنه سوف يقدم طلبًا للرئيس عبدالفتاح السيسى بالتدخل لإنهاء هذه الأزمة، والإفراج عن الصيادين المحتجزين فى السجون السودانية. ومن جانبه، قال السفير المصرى بالخرطوم، أسامة شلتوت، إن الصيادين والبحارة المصريين بميناء «بورتسودان», يتلقون معاملة كريمة من الأشقاء السودانيين, مشيراً إلى أنه تم توفير وسائل الاتصالات اللازمة للصيادين لطمأنة ذويهم بالتنسيق مع القنصلية المصرية والجهات المعنية بالسودان وتسليم 6 من الأطفال القصر ورجل مسن من الصيادين المحتجزين للقنصلية وتم ترحيلهم إلى مصر. كما أوضح «شلتوت»، فى تصريحات صحفية، أن القضاء السودانى سينظر فى قضية الصيادين والبحارة المصريين خلال أسبوعين, خاصة بعد الاستئناف الذى تم تقديمه فى الحكم الابتدائى الصادر فى حق 46 من البحارة, منوهاً بأن التحقيقات مازالت جارية مع باقى الصيادين المحتجزين, كما أن التواصل مستمر مع السلطات السودانية لضمان سلامة وحسن معاملتهم.