يتطوع الشاب المسيحي، خليل كوع، طيلة شهر رمضان المبارك، في تقديم الماء والتمور للصائمين، بمدينة نابلس (شمال الضفة الفلسطينية)، وقت الإفطار، برفقة مجموعة من شباب المدينة. كوع (35عاما)، الذي يقف يومياً على قارعة الطريق العام، مقابل المستشفى الوطني بنابلس، لتقديم المياه والتمور للصائمين وقت الإفطار، يقول للأناضول، "هدف الفكرة تهدئة السائقين وقت الإفطار، ولكي نتجنب سرعتهم الزائدة، بسبب تأخرهم عن موعد الإفطار، التي تؤدي أحياناً إلى حوادث سير". ويضيف "أشعر بالسعادة والفخر، فأنا فلسطيني،وهنا في نابلس، لا فرق بين مسيحي ومسلم، وحتى سامري (طائفة يهودية تعيش بنابلس)، نحن متسامحون، نعرف عادات بعض ونتشارك في المناسبات الدينية والاجتماعية". ويوضح كوع "لا أشعر أنني أقوم بأمر غريب، وكل أصدقائي مسلمون، هذا لا يهم، ما يهم أننا متسامحون.... نحب بعضنا البعض". وعن تقبل الشارع المسلم لما يقوم به يقول "الناس يشجعونني ويشكرونني". وكوع يعمل متطوعًا ضمن فريق (الجولة النابلسية)، التي تعمل على تنظيم مشاريع خيرية وتطوعية. ويقوم الشاب المسيحي بتبريد المياه في ثلاجات خاصة في محل يملكه، وينقلها بمركبته الخاصة لتوزيعها على الصائمين. ويوزع كوع يومياً، مع تسعة آخرين، المياه والتمور في شوارع نابلس، للسنة الثالثة على التوالي. بدوره، يقول المتطوع أحمد اسكندر (22 عاما)، للأناضول، "خليل جزء منا، لا نشعر اأنه غريب، يعمل مثلنا، بل لديه طاقة وحافز أكبر منا". ويتابع "ما يجمعنا حب الخير والعمل التطوعي، نعمل معاً، للحد من سرعة المركبات وقت الإفطار". وكشف اسكندر أن "الشارع يرحب بنا، ويقدم الدعم المادي والمعنوي للحملة". ويحصل الشبان على المياه والتمور من متبرعين ومؤسسات نابلسية. وكان الشبان برفقة صديقهم المسيحي كوع، عملوا قبيل رمضان على تزيين شوارع وساحات وأزقة نابلس بالحبال المضيئة والأهلة الرمضانية والرايات، ابتهاجًا بالشهر الكريم. وعن الفكرة يقول المواطن ناجح إبراهيم، أحد المارة، بعد أن قدّم كوع الماء والتمر له، "هذا دليل على ما نعيشه في فلسطين عامة ونابلس خاصة، من تسامح ديني، وتعايش"، مضيفاً " أقدّر هذا العمل". وحول عمله الأساسي، أوضح كوع أنه يملك كافتيريا ومتجراً بمستشفى "الإنجيلي العربي" بنابلس، وعن ذلك يقول "في رمضان أبيع مراجعي المشفى ما يحتاجون من مستلزمات، وامتنع عن تقديم المشروبات، والمأكولات، وأقوم بذلك بعد ساعات الإفطار فقط". ويحرص الشاب المسيحي على عدم تناول الطعام والشراب أمام زملائه في رمضان، وعن ذلك يقول "عندما أخرج في جولة مع أصدقائي المسلمين أتناول طعامي أو شرابي، في مكان لا يروني فيه وذلك احتراماً لهم". ويسكن في نابلس، نحو 800 مسيحيًا فلسطينيًا، في تعايش وسلام، ولا يعكر صفو هذا التعايش أي حوادث تفرقة فردية كانت أو جماعية، وهي مثال للتعايش لمعظم سكان فلسطين، بحسب مراسل الأناضول.