قال الداعية الإسلامي، الدكتور عمرو خالد، إنه لا يمكن أن يحدث تجديد في نظرتنا لدور الدين في الحياة إلا إذا امتلك شبابنا العقلية الفارقة، مجيبًا على السؤال: ماذا نعني بالعقلية الفارقة؟ بأنها "العقلية التي تعرف كيف تفرق بين الأشياء المتداخلة حتى لوكان بينها خيط رفيع". وأضاف فى الحلقة الثالثة عشر من برنامجه الإيمان والعصر،والتى جاءت بعنوان "العقلية الفارقة التى تفرق بين حياة النبى وعصر النبى": "عندنا مواضيع كثيرة متداخلة على بعضها تجعلنا نفهم الدين خطأ وبالتالي نحكم على الأشياء خطأ وبالتالي يحدث التطرف والتشدد". وأوضح أن "العقل المسلم قديمًا لم يكن عنده هذه الإشكالية (إشكالية خلط الأشياء ) لأن كان فيه العلماء الكبار .. الشافعي الغزالي كانوا يتميزون بما يسمى بالعقلية الفارقة تنشر بين الناس الفرق بين الأشياء فلا يحدث التطرف أوالعنف أوالتخلف".. وتابع: "كانت عقليتهم فارقة قادرة على تمييز الأشياء من بعضها حتى لو بينها خط دقيق ..نحن لسنا كذلك. لكي نحمي الشباب من التطرف والتشدد والعنف. نحتاج عقلية فارقة تحتاج عقلية فارقة بين مواضيع كثيرة". ومضى خالد قائلا: "تفرق بين الفن الجميل وبين القبيح .. وليس كل الفن حرام ..تفرق بين الثوابت والمتغيرات.. تفرق بين الجمال والإفساد.. تفرق بين القرآن وتفسير القرآن . لقدسية للنص وليس للتفسير. التفسير ممكن أرده لكن النص لايرد. هل صار التفسير أشد قداسة من القرآن". ووصف عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين بأنه "نموذج العقلية الفارقة.. سماه النبي الفاروق (يفرق بك الله بين الحق والباطل) . أي الذي يمتلك عقلية فارقة". واستدرك "لكن هناك 3 قضايا دينية أساسية وضرورية لابد أن يكون عندنا فيها عقلية فارقه وإلا يحدث تطرف وتشدد وجمود وتخلف. العقلية الفارقة بين الدين والتدين . نحن نضع الاثنين على بعضهما وهناك فرق كبير بينها.الدين علم .. التدين عمل . وهذا غير هذا تماماً .. فلو ظن كل متدين أنه عالم في الدين تكون هنا الكارثة". وقال إن "الدين خاص مطالب به متخصصون (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )"،.في حين أشار إلى أن "التدين عام مطالب به كلنا فلو ظن كل متدين أن يلزم له منزله ووضع معين سياسي أو منصب أو مكانه لمجرد أنه متدين تكون كارثة". وضرب أمثل على ذلك "عن أبي ذر قال قلت : يا رسول الله ألا تستعملني قال فضرب بيده على منكبي ثم قال : " يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها " رغم إنه من أعلاهم تدينًا". واستطرد "لذلك كان العز بن عبدالسلام .. كان يرى ان العلماء لا يلبسوا زي خاص مثل باقي عباد الله "تقوى الله" في أحد المرات كان في الحج رأى رجل يقوم بنسك بصورة غير صحيحة .. الراجل قال له : و ماذا تعرف أنت لتتكلم وماهو دخلك .. فذهب وارتدى زي العلماء و اعاد عليه الكلام .. فالراجل قال : حاضر ياسيدي .. فالزي للعلم وليس لمنزلة دينية أعلى". وحذر خالد من أن "الخلط بين الدين والتدين .. كارثة .. يجعل أي شخص لأنه متدين يكون مفتي ويرشح للمناصب والناس تختاره لأنه متدين.. خطأ .. أمتلك عقلية فارقة .. ماهي إمكانياته (يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ) (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ) وليس متدين فقط ولكن لديه خبرة وكفاءة، والعكس لو ظن عالم الدين أنه لكونه عالم صار أقرب إلى الله من عموم المتدينين .. أيضاً مصيبة". وتابع "الخلط بين الدين والتدين أفسد علينا معايير الاختيار والتقييم .. نحتاج هذه العقلية الفارقة بين الدين والتدين، عقلية فارقة بين القضايا الكبيرة والمسائل الصغيرة، فالإسلام ليس درجة واحدة ..الإيمان ليس درجة واحدة .. ليس كله مثل بعضه .. لا فيه أحجام وفيه أوزان".