المدارس القرآنية في العاصمة الغينية كوناكري، ترتدي حلّة مغايرة خلال شهر رمضان، وتفتح أبوابها لطلاّبها ولغير طلاّبها، لحفظ ما تيسّر من القرآن الكريم، وتعلّم مبادئ الدين الإسلامي. ديناميكية استثنائية تشهدها المدارس القرآنية في كوناكري خلال شهر رمضان من كلّ سنة. فهذه المراكز الدينية التي يقدّر عددها بنحو 10 في كوناكري، تتحوّل إلى خلية نشاط، وهي تستعدّ لإستقبال الأطفال والمراهقين لتعليمهم قيم الدين الإسلامي، وحفظ القرآن والنهل من السنة النبوية الشريفة، إضافة إلى كلّ ما يتعلّق بالصوم والصلاة وجميع التفاصيل التي لا يحصلون عليها إلاّ في مثل تلك المراكز. "التلميذ"، أو "دجاناكو" باللغة الفولانية (الفولان هم شعب استوطن بغرب افريقيا، ويعتبرون من أبرز العرقيات المستقرة في غينيا)، هو اسم إحدى المدارس القرآنية التي "تجعل من هدفها الأسمى تعليم الأطفال مبادئ الدين الإسلامي"، بحسب مديرها باري بابا. قال بابا: "قبل حلول شهر رمضان، نعلّم الأطفال أركان الإسلام الخمسة، ثم بعد ذلك، أي عند حلول الشهر الكريم، نوجّه دروسنا نحو استعراض فوائد ومزايا الصيام، ومكانة هذا الشهر في الإسلام"، مضيفا أنّ "الهدف الرئيسي لمدرستنا هو السماح لهؤلاء الأطفال بحفظ القرآن، خصوصا وأننا نستقبل، حاليا، وعلاوة على طلبتنا القارّين، آخرين تقتصر دراستهم على شهر رمضان، وقد جاؤوا خصيصا لحفظ وترتيل وتجويد القرآن". ومع أنّ التعليم في المدارس القرآنية موجّه أساس إلى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من الخامسة إلى 18 عاما، إلاّ أن شهر رمضان يمنح الفرصة لجميع الفئات العمرية لدخول هذه المراكز الدينية. ففي مدرسة "الحاج نفالا نابي"، الواقعة في قلب العاصمة الغينية، انتشرت مجموعات مؤلّفة من الأطفال والنساء والمسنين في قاعة فسيحة، يرتادونها يوميا، منذ حلول رمضان، لتعلّم القرآن والسنّة النبوية الشريفة. مدير المدرسة، بابا أليمو، أوضح في حديث للأناضول، أنّ "40 % من أعمار طلاب المدرسة تتجاوز ال 10 سنوات، فيما تتراوح أعمار البقية من 4 إلى 10 سنوات، أما النساء فيمثّلن حوالي 26 % من مجموع الطلاب". " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ". بهذه الآية الكريمة (183 من سورة البقرة)، يشرح أليمو لطلابه أهمية الصيام والقيم الروحية التي يكتسيها أداء هذه الفريضة، لافتا إلى أنّ معظم القادمين إلى مدرسته يجهلون العناصر الأساسية للقرآن والسنّة. أليمو أشار أيضا إلى أنه يقوم بالإحاطة وتوجيه الأطفال الأصغر سنا، والذين يجهلون معاني الصيام، وذلك من خلال تفسير ما هو جائز وماهو محظور خلال الشهر الكريم، مضيفا أنّ "مدرستنا تعلّمهم أيضا كيفية عبادة الله، والصلاة في هذا الشهر المخصّص لطلب المغفرة وتنقية الروح والجسد". معاني يردّدها بحماس ودون كلل على مسامع طلاب قال إنّه يسعى بجهد من أجل ترسيخ قيم الإسلام في نفوسهم، وغرس مبادئ التسامح في قلوبهم.