نقيب الصحفيين: اتفقنا مع وزير الأوقاف على أهمية صون الحياة الشخصية بما يكفل حرية الصحافة    هالة السعيد: انخفاض معدل حوادث الطرق 33% بين عامي 2018 و2022    النرويج: ملتزمون باعتقال نتنياهو حال أصدرت «الجنائية الدولية» مذكرة بحقه    عار عليك.. متظاهرون يمنعون بلينكن من التحدث ويقاطعون كلمته 4 مرات متتالية    هشام نصر يشيد بأداء يد الزمالك أمام الأهلي في نهائي دوري المحترفين    الزمالك يشكر ياسين البحيري لاعب نهضة بركان المغربي    حسين السيد: زيزو وعواد وصبحى لن يرحلوا عن الزمالك ولم نفكر فى لاعبى نهضة بركان    الرئيس التنفيذي لاتحاد جدة يجتمع بوكيل أليجري للتفاوض حول تدريب الفريق الموسم المقبل    كاميرات المراقبة تكشف كذب ادعاءات «أجنبي» باستبدال أمواله بعملات محلية| فيديو    ننشر تفاصيل ضوابط تصوير الجنازات.. أبرزها تخصيص «فيست» للمصورين    "مبقيش كتير".. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    أزهري: ليس من حق الآباء إجبار بناتهم على ارتداء الحجاب    المصري يفوز على النصر القاهري بهدفين لهدف وديا استعدادا لمودرن فيوتشر    تكنولوجيا رجال الأعمال تبحث تنمية الصناعة لتحقيق مستهدف الناتج القومي 2030    تكثيف المراجعات النهائية لطلاب الثانوية العامة بالفيوم.. «إحصاء وإنجليزي»    البحوث الفلكية: الأحد 16 يونيو أول أيام عيد الأضحى المبارك 2024    قرار جديد ضد سائق لاتهامه بالتحرش بطالب في أكتوبر    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    «رفعت» و«الحصري».. تعرف على قراء التلاوات المجودة بإذاعة القرآن الكريم غدا    محمد عبد الحافظ ناصف نائبا للهيئة العامة لقصور الثقافة    مدير مكتبة الإسكندرية: لقاؤنا مع الرئيس السيسي اهتم بمجريات قضية فلسطين    رفقة سليمان عيد.. كريم محمود عبدالعزيز يشارك جمهوره كواليس «البيت بيتي 2»    خصومات تصل حتى 65% على المكيفات.. عروض خاصة نون السعودية    حزب الله يشدد على عدم التفاوض إلا بعد وقف العدوان على غزة    أستاذ بالأزهر: الحر الشديد من تنفيس جهنم على الدنيا    أمين الفتوى بدار الإفتاء: سداد الدين مقدم على الأضحية    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد سير العمل والخدمات الطبية بمستشفى الحسينية    هل وصل متحور كورونا الجديد FLiRT لمصر؟ المصل واللقاح تجيب (فيديو)    تأثير استخدام مكيفات الهواء على الصحة.. توازن بين الراحة والمخاطر    وزيرة الهجرة: نحرص على تعريف الراغبين في السفر بقوانين الدولة المغادر إليها    سامح شكرى لوزيرة خارجية هولندا: نرفض بشكل قاطع سياسات تهجير الفلسطينيين    عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024.. خليك مميز    رئيس الوزراء يتابع موقف منظومة رد الأعباء التصديرية    موقع إلكتروني ولجنة استشارية، البلشي يعلن عدة إجراءات تنظيمية لمؤتمر نقابة الصحفيين (صور)    جنايات المنصورة تحيل أوراق أب ونجليه للمفتى لقتلهم شخصا بسبب خلافات الجيرة    عاجل| أسوشيتد برس تعلن تعليق إسرائيل خدمات الوكالة في غزة    ب ممارسات حاطة بالكرامة والتقييد.. شهادات توثق تعذيب الاحتلال ل معتقلي غزة (تقرير)    لمواليد برج الثور.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    جيفرى هينتون: الذكاء الاصطناعى سيزيد ثروة الأغنياء فقط    العثور على جثة طفل في ترعة بقنا    خليفة ميسي يقترب من الدوري السعودي    محافظ أسيوط: مواصلة حملات نظافة وصيانة لكشافات الإنارة بحي شرق    "سيارة الغلابة".. انخفاض أسعار بي واي دي F3 حتى 80 ألف جنيه (صور)    زراعة النواب تقرر استدعاء وزير الأوقاف لحسم إجراءات تقنين أوضاع الأهالي    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    وزير الأوقاف: انضمام 12 قارئا لإذاعة القرآن لدعم الأصوات الشابة    «الشراء الموحد»: الشراكة مع «أكياس الدم اليابانية» تشمل التصدير الحصري للشرق الأوسط    في اليوم العالمي للشاي.. طريقة تحضير «بسكويت الماتشا» في المنزل    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    روسيا تفشل في إصدار قرار أممي لوقف سباق التسلح في الفضاء    «ختامها مسك».. طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان اللغة الإنجليزية دون مشاكل أو تسريبات    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    مارك فوتا: الإسماعيلي تواصل معي لتولي الأكاديميات وتطوير الشباب    شبانة: مندهش من الأحداث التي صاحبت مراسم تتويج الزمالك    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    استعدادات وترقب لقدوم عيد الأضحى المبارك 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحف حكومية تصف جمال مبارك بأنه "أحد أقوى الشخصيات في الحياة السياسية" !! .. وكاتب يقول عنه انه (الفنكوش) .. والحديث عن صفقات سرية بين جمال وشخصيات بارزة في أحزاب المعارضة تمهيدا لقبوله ..ونشر رواية "أولاد حارتنا" بعد إعطائها شهادة براءة من أبو المجد!
نشر في المصريون يوم 31 - 01 - 2006

تحدثت صحف القاهرة الصادرة أمس (الثلاثاء) عن تصعيد (جمال) لمنصب الأمين العام المساعد للوطني مع احتفاظه بأمانة السياسات ، فيما وصفته صحف حكومية ب"أحد أقوى الشخصيات في الحياة السياسية" !! .. وتضاربت الأنباء عن مصير صفوت الشريف ما بين استمراره في موقعه كأمين عام للحزب ، أو تصعيد مفيد شهاب ليحل محله .. فيما دخلت أزمة الوفد نفقا مظلما بعد فشل مفاوضات الصلح واستمرار توقف الصحيفة .. وفجر محمود أباظة مفاجأة بامتناعه عن الترشيح للرئاسة لموائمات سياسية .. وطعن جمعه على الجمعية العمومية .. وسط أنباء عن صفقات سرية مع المعارضة تكرس مكانة جمال ، تتضمن إخراج صحيفة العربي من أزمتها ودعم نعمان والسعيد .. وأبرزت صحف أمس تصاعد الغضب الشعبي على الدنمارك وتزايد الدعوات لمقاطعة بضائعها .. التي تفاعلت بقرار اتحاد الغرف التجارية حظر التعامل معها في السوق المصرية .. واستدعاء الخارجية سفير الدنمارك وطلب منه تفسيرا للإساءة للرسول .. كما تحدثت الصحف عن استعداد دار الشروق لنشر رواية "أولاد حارتنا" بعد 47 عاما من صدورها ، مزودة بمقدمة من الكاتب كمال أبو المجد تعطي شهادة براءة للرواية من تهمة المساس بالذات الإلهية والأنبياء .. فيما كشفت الداخلية عن التحقيق مع عبود الزمر لمخالفته قواعد السجن ووعدها بالإفراج عنه إذا التزم بعدم الحديث مع وسائل الإعلام .. واستمر الغموض في موقف مصر من ملف طهران النووي ، باعتراف وزير الخارجية بعدم التوصل لرأي محدد في هذا الشأن !! .. وطالبة نظيف‏ مجلس الشعب بتعجيل إنهاء حالة الطوارئ وإصدار قانون جديد لمكافحة الإرهاب ومراجعة مواد الدستور الحالي لتلائم الوضع الاقتصادي .. وتقديمه تقريراً للرئيس مبارك حول نتائج منتدى دافوس .. نبدأ بموضوع جمال مبارك الذي تصاعدت وتيرة الحديث عنه في الأيام الأخيرة .. حيث ذكرت صحيفة الأخبار أن جمال مبارك يعد أحد أقوى الشخصيات في الحياة السياسية المصرية .. مؤكدة أن نجل الرئيس حسني مبارك ينتظر تصعيدا جديدا في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم عبر حركة تغييرات في قيادة الحزب .. وقالت صحيفة الأخبار أن من المتوقع تعيين جمال في منصب الأمين العام المساعد للحزب ، وأن يعين في منصب مماثل زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية . وأضافت أن الأمين العام المساعد للحزب حاليا كمال الشاذلي وهو سياسي مخضرم سيعين نائبا لرئيس الحزب في إشارة إلى ما يبدو أنه إبعاد له عن العمل الحزبي اليومي .. في حين سيبقى في منصب أمين السياسات الذي يشغله منذ عام 2002 إلى جانب منصبه الجديد . وقالت الأخبار إن التغييرات ستعلن خلال ساعات .. لكن صحيفة الجمهورية قالت إن التغييرات ستعلن "خلال أيام" . وفي سياق مواز ترددت أنباء صحفية عن صفقات سرية تتم الآن بين فريق جمال مبارك أمين لجنة السياسات من جهة وعدد من الشخصيات البارزة في أحزاب المعارضة المصرية بهدف تمهيد الساحة لقبول طرح نجل الرئيس مبارك كشخصية من شأنها أن تتولي إدارة دفة شؤون البلد في الفترة القليلة القادمة .. وفي مقابل ذلك التأييد تقوم قوي تابعة لأنظمة الحكم بدعم أحزاب المعارضة التي تعاني أزمات مادية مثل الحزب الناصري أو من خلال التوفيق بين الخصوم المتنازعين مثل ما يجري في حزب الوفد حاليا . وبحسب تقرير أورده القدس العربي فان مهندسي سيناريو التوريث نجحوا علي مدار الفترة الماضية وفي هدوء شديد علي طرح اسم جمال بين أروقة مؤسسات مهمة وان كل الخطوات جري إعدادها بنجاح كبير .. ويجري نفس الفريق الآن محاولاته لتعزيز صورة نجل الرئيس بين جهات سيادية من أجل تحقيق نفس الغرض .. وبالنسبة لقوي المعارضة فان ضعفها يجعل التفاوض معها أسهل .. حيث أتضح أن معظم أحزاب المعارضة لا ترفض مشروع التوريث ولكنها تريده بصورة لا تمثل إحراجا لأي منها كأن يتم الزج بأسماء مسؤولين من هذه الأحزاب في هرج المبايعة لنجل الرئيس مستقبلا !! .. وفي ذات السياق يمكن فهم ما يشهده الحزب الناصري من إعادة ترتيب لصفوف جريدة العربي الناصري ، وهو يكشف بعضا من جوانب الصفقة المرتقبة حيث بات هناك تضييق علي بعض مسؤولي الصحيفة وخاصة رئيسا التحرير عبد الله السناوي وعبد الحليم قنديل وترى بعض القوى داخل الحزب مسؤولية كليهما في انحسار الأضواء عنه وتراجع شعبيته في الشارع فضلا عن فتح صفحات الجريدة لجماعة الإخوان المسلمين مما أدى لزيادة فرص نجاحها في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة .. ويقتضي السيناريو الذي سيخرج للنور في غضون أيام بالنسبة للحزب الناصري انتقال قنديل لفريق صحيفة الكرامة والبحث عن بديل آخر وذلك بعد أن قرر السناوي الاستقالة. ويقوم حاليا أحمد حسن الأمين العام للحزب بالإمساك بأوراق اللعبة كاملة حيث تتحدث الأنباء عن صفقة تقدمت بها شخصيات مسؤولة وتعمل في ذات الوقت بعالم المال ورجال الأعمال تهدف إلي تسديد كافة الديون المستحقة علي العربي لصالح مؤسسة الأهرام بالإضافة لعقد صفقات إعلانية ضخمة تحول العربي من مؤسسة مديونة إلي دار غنية . وكان الاتفاق مع قيادات الحزب الناصري قد سبق الإعداد للصفقة الأخيرة بين قوي الحكم وباقي أحزاب المعارضة منذ أعوام وتولي التفاوض قبل عامين د. أسامة الباز مستشار الرئيس مبارك للشؤون السياسية حيث طلب إبعاد عبد الحليم قنديل منذ منتصف العام 2003 وألح في طلبه لضياء الدين داوود رئيس الحزب الناصري والذي رفض إبعاد قنديل الذي ساهم في ارتفاع توزيع الصحيفة بشكل غير مسبوق ونجح بمعاونة عبد الله السناوي في إعادة بعث الجريدة من الرماد وباتت علي رأس الصحف شديدة التأثير في الشارع وفي كواليس النخبة الحاكمة . وقد انتهت الصفقة بالرفض التام رغم أنها كانت تمثل حلا للأزمة المالية للعربي . وتؤكد مصادر لجنة السياسات أن الصفقة التي يجري الإعداد لها الآن من شبه المؤكد نجاحها فقد بدا كلا الرجلين قنديل والسناوي يلمان أوراقهما تمهيدا للمغادرة ولمنع أي محاولة انقلابية في صفوف محرري الجريدة تم تسريب معلومات تفيد بمستقبل وردي ينتظرهم في ظل القيادة الجديدة حيث ستتضاعف الرواتب ولن يتأخر موعد صرفها كما كان يحدث من قبل . الصفقة المماثلة مع حزب الوفد تختلف في تفاصيلها حيث لا يواجه الحزب ولا صحيفته الممنوعة صدورها حاليا أزمة مالية ولكن هناك أزمة تكاد تعصف بالحزب نفسه بعد فصل نعمان جمعة من رئاسة الحزب ثم عودته . وتشير المعلومات أن صراعا محموما تشارك فيه بعض قوي الحكم بهدف الاستفادة من الأزمة التي باتت تسبب إرهاقا لكلا الفريقين المتنازعين . ووجه الاستفادة تتمثل في محاولة الحصول علي ضمانات من كلا الخصمين نعمان جمعة ومحمود أباظة بعدم معارضة سيناريو التوريث خلال المرحلة القادمة وبالطبع ستقف الدولة مع الطرف الموافق علي صعود جمال مبارك وحتى هذه اللحظة لا يعرف مدي التحول الذي حدث بالنسبة لموقف نعمان جمعة الذي كان يعلن قبل فصله من رئاسة الحزب رفضه جملة وتفصيلا سيناريو التوريث غير ان بعض المقربين منه في الوقت الراهن يشيرون إلي بعض التغيير بدأ يبدو علي موقفه حيث يستشعر أن الجميع طعنه في ظهره باستثناء شخصية قيادية أصدرت أوامرها بإمداد حبل الإنقاذ له لذا فمن الطبيعي حسب رأي بعض المراقبين ألا يعارض جمعة الآن أن يمنح صوته وفؤاده لنجل الرئيس . وفي ذات السياق يجري التفاوض أيضا مع حزب التجمع والذي يواجه رئيسه رفعت السعيد مشاكل جمة أبرزها زيادة عدد خصومه وخاصة بين شباب الحزب وعدد من كبار رموز اليسار المصري الذين يعتبرونه سبب انهيار شعبية الحزب حيث قبل عقد صفقات ومساومات لم تجر علي الحزب سوي مزيد من الخيبة كما يقول أحد شباب الحزب والجريدة الناطقة باسمه الصحفي محمد منير . من بين الذين تجري معهم الصفقات أيضا عدد من الأحزاب الصغيرة التي أغلقت صحفها بسبب عدم وجود سيولة مالية مثل حزب الجيل والذي يرأسه ناجي الشهابي وتؤكد مصادر لجنة السياسات أن الصفقات تسير بالتوازي وبنجاح كبير . والى أزمة حزب الوفد ، حيث لاحت بوادر انفراج في الأزمة ، خلال لقاء بين المتنازعين على رئاسة الحزب د. نعمان جمعة رئيس الحزب ونائبه د. محمود أباظة في منزل احد أصدقاء الطرفين ، وهو اللقاء الأول بينهما منذ بداية النزاع في الحزب يوم 18 يناير الحالي، وإطاحة مجموعة أباظة بنعمان . وذكرت الصحف انه تم الاتفاق خلال اللقاء على قبول نعمان بمقترحات مجموعة أباظة لإصلاح هياكل الحزب و"دمقرطته" وتعديل اللائحة ، وإلغاء قرارات الفصل والتجميد المتبادلة ، مقابل قبول مجموعة أباظة لتنقية كشوف الجمعية العمومية المشكلة عام 2001 وتشكيل لجنة محايدة من 7 شخصيات وفدية يتفق عليها الطرفان مهمتها مراجعة كشوف الجمعية واللجان النوعية التي شكلها نعمان حديثاً وقبول أي تظلم من حذف اسمه من كشوف اللجان النوعية . واتفق الطرفان على أن تكون قرارات اللجنة نهائية بقبول التظلم ممن له حق في عودة اسمه للكشوف أو رفضه.كما تعهد نعمان بعودة صحيفة الوفد للصدور برئاسة عباس الطرابيلي بعد إخلاء المقر تماما من الشباب المؤيدين لأباظة . وعرض أباظة تفاصيل الاتفاق أمس على أعضاء الهيئة العليا الموالين له، للحصول على موافقتهم ، لبدء اختيار أعضاء اللجنة المحايدة السبعة وإجراءات عودة صدور الصحيفة. من جانبه علق الكاتب عبد المنعم سعيد في مقال بالأهرام على موضوع التوريث وتنامي دور أمانة السياسات بأنها مثل شائعة (الفنكوش) لا وجود لها في الواقع وقال : هناك كثير من الأفلام والمسرحيات والروايات العربية والأجنبية التي دارت حول موضوع كيف يتم بناء كذبة إعلامية كبري عن طريق أجهزة الإعلام ثم بعد ذلك تظهر علي حقيقتها كمجرد فقاعة لا وجود لها ,‏ فإذا بمن خلقوها لا يجدون مناصا من إيجادها في الواقع حتى لا يفقدوا مصداقيتهم لدي الجماهير أو لدي المستهلكين .‏ وفي مصر كان الفنان القدير عادل إمام مضطرا لخلق سلعة في الإعلام تسمي الفنكوش لا وجود لها من الأصل ,‏ وقبل أن يتم كشفها كان عليه اختراع ما لا وجود له .‏ مثل هذه القصة التي تتكرر من وقت لآخر مضمونة النجاح ,‏ وهي مضحكة في كل الأحوال‏ ,‏ وتلقي دائما استقبالا حسنا من النظارة‏,‏ وتكون دائما فيها لحظة تحبس فيها الأنفاس عندما تكون العقدة قد قادت إلي كشف الملعوب وينتظر الناس كيف سيتعامل البطل مع معضلة وجود ما لا وجود له‏.‏ ولكن في الحقيقة فإن القصة تكون مختلفة تماما عندما تكون في الواقع‏,‏ وبالذات عندما تكون لها علاقة بالسياسة‏,‏ وأكاد أقول عندما ترتبط بالسياسة المصرية علي وجه الخصوص ليس فقط لأن فيها ما يكفيها من الهموم التي لا تحتاج إضافة هموم جديدة‏,‏ وإنما لأن التحديات التي تواجهها لا تتحمل أنواعا جديدة من السخف‏.‏ وخلال العامين الماضيين قام الإعلام المصري الحزبي والمستقل بخلق فنكوش خاص به يسمي لجنة السياسات لا علاقة لها بواقع لجنة السياسات التي عرفتها كواحد من أعضائها‏,‏ ومشارك في لجنتها الفرعية الخاصة بالسياسة الخارجية والمسماة مصر والعالم‏.‏ كاد الفنكوش الإعلامي يكون غولا سياسيا يقيل الوزراء ويعينهم‏,‏ ويعين رؤساء تحرير الصحف ويعفيهم من مناصبهم‏,‏ ويحدد السياسات الداخلية والخارجية‏,‏ ويقيم القطاع الخاص‏,‏ ويدعم رجال الأعمال‏,‏ ويحمي الرأسمالية المتوحشة‏,‏ ويعقد الصفقات ويقيم الشركات‏,‏ ويطرد ويضم من شاءت له الأقدار من السلطة وإليها‏.‏ وفوق ذلك فقد كانت لجنة السياسات جزءا من سيناريو متشعب الخطوط لتوريث السلطة وتحويل مصر من جمهورية رئاسية إلي ملكية علي الطريقة السورية التقدمية البعثية الديموقراطية‏!.‏ وللحق فلم تكن السمعة الذائعة عن اللجنة مصرية فقط‏ ,‏ فقد وصلت إلي بلاد وراء البحار والمحيطات‏,‏ وما زلت أذكر أن واحدا من أبرز المتخصصين في شئون الشرق الأوسط والقارئين كثيرا للصحف المصرية ويعمل في جامعة أمريكية مرموقة سألني عما إذا كنت شخصيا الآن راسما للسياسة الخارجية المصرية بتفويض من لجنة السياسات القوية‏!.‏ ووصل الأمر في النهاية إلي داخل لجنة السياسات نفسها‏,‏ فقد وجد بعض الأعضاء أنه طالما أن الفنكوش هو سلعة حقيقية في نظر الرأي العام فلماذا لا يستغلونها في حياتهم العامة والخاصة‏,‏ أما الصادقون من أعضاء اللجنة فقد تساءلوا‏:‏ لماذا لا يكون لدي اللجنة هذه السلطات الخرافية بالفعل؟‏!‏ وأكد الكاتب أنه من بين القليلين الذين حاولوا كشف هذه
الكذبة الكبري حينما نشرت مقالا في هذا المكان تحت عنوان لجنة السياسات المفتري عليها ومن بعدها أشرت إلي ذلك في أكثر من مقام‏.‏ وفي كل مرة كان العجب هائلا لماذا أقول ذلك في وجه ما هو معروف‏,‏ وهو تعبير في السياسة المصرية أشبه بتعبير ما هو معلوم عن الدين بالضرورة في الفقه‏,‏ وتعبير الحكم عنوان الحقيقة في القانون‏,‏ ويعني أن ما توافق عليه الإعلام حتي ولو كان افتراضا وخيالا وفقاعة لا وجود لها هو الحقيقة بعينها والتي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها‏.‏ وببساطة كان الإعلام متشوقا لجسد من قش يسدد له السهام والطعنات ويلقي عليه المسئولية عن كل الأمراض والمشكلات المصرية بعيدا عن مجلس الوزراء والأحزاب والمجلس التشريعي والصحافة المصرية وكافة المؤسسات القومية الأخري‏.‏ ولم تفلح جهود وتصريحات الرئيس مبارك‏,‏ ولا السيد جمال مبارك‏,‏ في نفي سيناريو التوريث‏,‏ في التأثير في الكذبة الكبري التي تشعبت واستحكمت حتي صارت جزءا من الثقافة السياسية القومية‏.‏ وقال الكاتب أن السؤال الأكثر أهمية من ذلك كله هو‏:‏ لماذا جري ما جري وتم تصديق ما لا يصدق‏,‏ وهل يعود ذلك إلي القوة غير العادية لوسائل الإعلام‏,‏ أو أنه راجع إلي حالة من التربص في الساحة السياسية المصرية‏,‏ أو أن السبب يعود إلي أن أمين لجنة السياسات حدث أنه كان نجل رئيس الجمهورية وهناك من يريد إصابتهما معا بحجر واحد‏,‏أو أن قيمة الحقيقة والموضوعية غائبة وليست من الفضائل الذائعة علي أية حال‏.‏ إنها أسئلة كلها تحتاج إلي إجابات‏,‏ ولكن المرجح هو أن المشكلة تكمن في حالة الغموض التي يعيشها النظام السياسي المصري ومستقبله في الإصلاح والديموقراطية‏,‏ فرغم الوعود الكثيرة والآمال العريضة فإنه لا توجد حتي الآن خطة ملهمة للانتقال مما نحن فيه إلي زمن نكون فيه مثل دول العالم التي اختارت الطريق الديموقراطي بلا لبس ولا تردد‏,‏ ولا توجد إشارات تضع المصداقية علي الوعد والأمل‏.‏ ولعل تجربة تعديل المادة‏76‏ من الدستور خلقت بما جري فيها علي السطح وما جري فيها في الخفاء تشجيعا لمناخ الاعتقاد في وجود جماعات سرية وكهنوتية تحرك الأحداث والتطورات بأكثر مما يعرفه الناس‏.‏ وعندما لا تكون الشفافية كاملة‏,‏ والتواصل مع الناس والشرح لهم طوال الوقت قائما‏,‏ فإن كثيرا من القاعدة‏!!‏ الفناكيش السياسية تصبح ممكنه‏,‏ ولا تصير قصة لجنة السياسات والافتراء عليها استثناء من القاعدة‏!!. وهكذا حاول السعيد أن يفهمنا ان التوريث فنكوشا لغرض في نفس يعقوب ، كأنه يريد أن يجعلنا نصدقه ونأمن هذا الجانب حتى يتم بسرعة ويأتينا فجأة وعلى حين غرة !! .. لكن الكاتب سلامة أحمد سلامة تحدث عن موضوع حقيقي وليس فنكوشا هذه المرة ، وهو ظاهرة الوزير والبيزنس‏ وتولي رجال الأعمال مناصب وزارية‏ .. وقال ان التضارب بين مصالح رجل الأعمال ومسئوليته في الجهاز التنفيذي للدولة ,‏ يؤدي إلى حصوله علي منافع ما كان ليحصل عليها لو أنه خارج الوزارة؟ وهل ينطوي ذلك علي استغلال للسلطة ,‏ ليس فقط بحكم نفوذه ولكن أيضا بحكم إطلاعه علي الأسرار والسياسات الاقتصادية والمالية التي يمكن ان يحقق من ورائها مكاسب أو يدفع عن نفسه أضرارا وخسائر متوقعة؟ .. وبداية فلا يوجد إطلاقا ما يمنع انضمام أشخاص أكفاء من رجال الأعمال الذين أثبتوا جدارتهم ونجاحهم إلي الوزارة‏,‏ في مواقع يمكن الاستفادة فيها من خبراتهم الدولية وتجاربهم العملية في حل كثير من التعقيدات البيروقراطية والمشاكل الروتينية بأساليب تتلاءم مع التطورات العالمية‏.‏ وقد أشار رئيس الوزراء إلي تطبيق عدد من الضوابط علي رجال الأعمال الذين دخلوا وزارته‏,‏ من بينها تقديم إقرار الذمة المالية قبل وبعد تركه المنصب‏,‏ وأن يتخلى عن إدارة شركاته الخاصة ويعهد بها لجهة مستقلة‏,‏ وثالثها ان يبتعد عن اتخاذ قرارات في المجال الذي له فيه مشروعات خاصة‏..‏ وهو في حالة وزرائنا شبه مستحيل‏.‏ فكل منهم يعمل في مجال نشاطه الخاص‏.‏ وقال الكاتب أنه مع التسليم بأن الشخصيات التي دخلت الوزارة من رجال الأعمال تعد نماذج مشرفة لم تشب سمعتها شائبة‏,‏ إلا أن الأمر يتعلق بممارسات وتقاليد سوف يقاس عليها في المستقبل‏.‏ ومن ثم فلابد من الأخذ بالأحوط كما يقول الفقهاء‏.‏ ولا ينبغي أن يثير ذلك غضب أحد‏,‏ كما لا ينبغي أن يضاروا نتيجة لذلك أو يقال أن كل شئ يجري تحت سمع وبصر الرأي العام‏.‏ فالذي يحدث في الواقع هو أن أحدا لا يتخلي عن إدارة أمواله طواعية إلا إذا كان هناك قانون ملزم يجري تطبيقه بحزم‏.‏ كما أننا نعرف جميعا أن الرأي العام لا يحاط علما بما يحدث‏,‏ بل هو آخر من يعلم‏. .. والأحوط هنا‏,‏ كما ذكر لي أحد كبار رجال الأعمال‏,‏ هو أن يتخلى الشخص المسئول بصفة نهائية عن إدارة أعماله بمجرد توليه منصبا وزاريا‏.‏ ولا يعود إلي ممارسة البيزنس إلا بعد مضي فترة من الزمن خمس إلي سبع سنوات علي الأقل من تركه منصبه‏,‏ فمن المعروف ان منصب الوزارة في دول العالم الثالث بالذات يتيح لصاحبه نفوذا يظل يلازمه بقية سنوات عمره‏.‏ وأعرف بعضهم يظل مصرا علي الاحتفاظ بامتيازاته الوزارية التي تتيح له ولمصالحه معاملة متميزة‏,‏ علي أساس أن المنصب الوزاري قد يعود له مرة أخري‏ .‏ وفي بلادنا يظل النفاق وتقديس المنصب سببا من أسباب الفساد‏,‏ في غياب مبدأ الشفافية وتجاهل نصوص الدستور‏. .. وأضاف : لاشك فيه أن هذه المشكلة لم تكن لتنشأ لو أن المنصب الوزاري عندنا منصب سياسي‏,‏ يصعد إليه الشخص استنادا لمؤهلات سياسية وليس لعلاقات شخصية‏.‏ ولكن مادمنا لم نصل بعد إلي هذا المستوي‏ ,‏ فالأفضل هو الأفضل ,‏ وسوف تظل مجرد تمنيات معلقة في الهواء‏.‏ والى موضوع فوز حماس حيث أكد الكاتب فهمي هويدي في مقاله بالأهرام أن الحركة تنتظرها تحديات صعبة .. وقال أنها المرة الأولي في التاريخ العربي المعاصر‏,‏ التي تتولي فيها حركة إسلامية مقاليد السلطة بالانتخاب الحر المباشر ,‏ ومن خلال إعمال قواعد اللعبة الديمقراطية‏,‏ وهو ما لم تمكن منه جبهة الإنقاذ في الجزائر‏,‏ حين أجهض الجيش التجربة وانقلب عليها‏,‏ بمجرد ظهور بوادر فوزها في الانتخابات التشريعية‏,‏ وهو أيضا يختلف عما جري في إيران والسودان وأفغانستان‏,‏ حيث وصلت القوي الإسلامية إلي السلطة عن طريق الانقلاب أو العمل العسكري‏.‏ وأضاف ان الأمر لم يكن مفاجئا لنا خارج فلسطين فحسب‏,‏ وإنما كان مفاجئا لحركة حماس ذاتها‏,‏ ومتجاوزا بمراحل لما انتهت إليه استطلاعات الرأي‏,‏ التي لم تعط حماس في أحسن الفروض أكثر من نصف مقاعد المجلس التشريعي‏,‏ في حين أجمعت علي ترجيح كفة حركة فتح‏,‏ وفي حدود علمي فإن قادة حماس توقعوا في البداية مشاركة محدودة في الوزارة‏,‏وتحدثت دوائرهم عن تولي حقائب التربية والتعليم والعدل والشئون الاجتماعية والأوقاف‏,‏ حيث حرصوا علي أن ينأوا بأنفسهم من الوزارات التي تقتضي التفاوض أو التواصل مع الإسرائيليين‏,‏ لكن الرياح أتت بغير ما اشتهوا‏,‏ ووضعتهم في موقف مثير لايحسدون عليه‏,‏ في حين اعتادوا علي الوقوف خارج النظام‏,‏ وإدانة كل ممارساته وتجريح شرعيته‏.‏ ومنذ حدث الزلزال ووقعت الواقعة‏,‏ انفتحت الأبواب علي مصاريعها لتتدفق منها مئات الأسئلة‏,‏ التي استدعت كل الملفات العالقة‏,‏ السياسي منها والاجتماعي والاقتصادي‏.‏ وإذا كان سيل الأسئلة قد انهال علي الإخوان حين فازوا بخمس مقاعد البرلمان فقط في مصر‏,‏ حتى طلب منهم أن يقدموا حلهم الإسلامي لأنفلونزا الطيور والسحابة السوداء‏,‏ ومشكلة العجز التجاري‏,‏ فلك أن تتصور كم ونوع الأسئلة التي ألقيت علي نظرائهم في فلسطين منذ أعلن عن فوزهم بأغلبية مقاعد البرلمان‏,‏ وصاروا مرشحين لتولي السلطة؟ وانتقد الكاتب الصورة النمطية التي رسمها الإعلام المضاد‏,‏ التي جعلت من نموذج طالبان الممثل الشرعي الوحيد للتطبيق الإسلامي‏,‏ وقد استقرت تلك الصورة في الأذهان بحيث محت منها ما تضمنه الموروث الثقافي من مناهج وتوجيهات في الإصلاح‏,‏ والتعامل مع الواقع تطويرا أو تغييرا‏,‏ وهو مسلك من الصعب افتراض القراءة فيه‏,‏ ليس فقط لأنه يسقط من الذاكرة كل ما أفرزته الحضارة الإسلامية من عطاء وثراء علي مدي تاريخها المديد‏,‏ ويوحي بأن تاريخ الإسلام والمسلمين بدأ في تسعينيات القرن المنصرم‏,‏ ولكن أيضا لأنه يعتبر نموذج طالبان هو الأصل‏,‏ وما سبقه من تعاليم أو اجتهادات أو خبرات استثناء غير معترف به‏,‏ في حين أن طالبان ونظراءها هي الشذوذ والاستثناء الذي لا ينبغي الالتفات إليه‏,‏ ناهيك عن القياس عليه‏.‏ يرفع من وتيرة الدهشة أن يستدعي الملف الاجتماعي‏,‏ ويحاول البعض إثارة الجدل حول الحريات الخاصة في بلد واقع تحت الاحتلال وفاقد لحريته أصلا‏.‏ الأمر الذي يعبر عن خلل فادح في ترتيب الأولويات‏,‏ ولا يفسر إلا بكونه نوعا من السفه والحمق الذي قد يرفع التكليف عن صاحبه‏,‏ وهو ما إذا فهم بالنسبة لآحاد الناس‏,‏ فإنه قد يصبح وصمة في سجل أي جماعة مشتغلة بالعمل العام‏.‏ وأعرب الكاتب عن سروره لأن قادة حماس طوروا رؤاهم وأنضجوا خبراتهم بعدما عركته الممارسة خلال فترة الثمانية عشر عاما‏,‏ حتى أصبح خطاب الحركة أكثر حرصا علي تجميع القوي وطمأنة المتخوفين‏,‏ وهو ما تجلى مثلا في رد أحدهم علي سؤال حول موقفهم من الحريات الخاصة‏,‏ في أثناء ندوة بثتها قناة الجزيرة في رام الله مساء الخميس الماضي‏(1/26)‏ فقال إن الإسلام علمنا احترام حريات الناس وخياراتهم‏,‏ وإذا كان القرآن قد قرر أنه لا إكراه في الدين‏,‏ فأولي بذلك وأجدر ألا يكون هناك إكراه في أي شئ يتعلق بالدنيا‏.‏ وقال أن ثمة أسئلة كبيرة ومهمة مطروحة علي حماس في الملف السياسي الذي يتمحور حول قضية التحرير‏,‏ وأتصور أن الإجابة علي تلك الأسئلة محل دراسة الآن سواء داخل صفوف الحركة‏,‏ أو خلال المناقشات الجارية مع رئاسة السلطة ومختلف القوي الوطنية‏.‏ بالتالي فكلامنا في هذا الشق ينبغي أن يؤجل حتى يتحقق التوافق حول تشكيل الحكومة وسياستها‏,‏ وما يهمني في اللحظة الراهنة هو لفت الانتباه إلي الكيفية التي تعامل بها العقل الإسلامي مع قضية التغيير التي يفترض أن تشكل المرجعية التي تهتدي بها حماس في تعاطيها لهذا الجانب‏.‏ وقبل أن أتطرق إلي هذا الجانب أشدد علي أن أكثر مشكلات الواقع الفلسطيني في الوقت الراهن لا تتطلب بالضرورة عقلا إسلاميا وإنما يكفيها وينهض بها أي عقل رشيد وضمير وطني مستقيم‏.‏ وهو ما ينسحب علي أهم قضايا الساعة المتمثلة في تحرير السلطة من الفساد وتحرير البلد من الاحتلال وما سمي بترتيب البيت الفلسطيني‏.‏ وإذا ما احتاج أي تغيير أيا كانت وجهته إلي مرجعية إسلامية‏,‏ فثمة قواعد ومبادئ استقرت في الموروث الثقافي والفقهي‏,‏ هي علي النقيض تماما من الصورة الطالبانية الشائعة‏,‏ التي تقدم مسعى التغيير بحسبانه مغامرة انقلابية‏,‏ لا تبقي علي شئ إلا وتصبغه بصبغتها بين يوم وليلة‏.‏ *‏ أولا‏:‏ مبدأ الضرورات التي اعترف بها الشارع وهو ما عبرت عنه بعض القواعد الفقهية‏,‏ التي قررت مثلا أن‏:‏ الضرورات تبيح المحظورات‏,‏ وأن الضرورة تقدر بقدرها‏,‏ والحاجة قد تنزل منزلة الضرورة‏.‏ ولهذا المبدأ أدلته الشرعية العديدة‏,‏ ولم يعد هناك خلاف حوله‏.;‏ وللعلم فإن الضرورات الشرعية ليست كلها فردية‏,‏ كما قد يتوهم البعض‏.‏ فللمجتمع ضروراته‏,‏ كما للفرد ضروراته‏.‏ إذ إن هناك ضرورات اقتصادية وسياسية وعسكرية واجتماعية‏,‏ لها أحكامها الاستثنائية التي توجبها الشريعة‏,‏ مراعاة لمصلحة البشر التي هي أساس التشريع الإسلامي كله‏.‏ *‏ ثانيا‏:‏مبدأ السكوت علي المنكر‏,‏ إذا ترتب علي تغييره منكر أكبر منه ودفعا لأعظم المفسدتين‏,‏ وارتكابا لأخف الضررين‏,‏ وبناء علي هذا المبدأ قرر الفقهاء طاعة الإمام الفاسق‏,‏ إذا لم يمكن خلعه إلا بفتنة وفساد أكبر من فسقه‏.‏ وفي صدد تأييده لهذا المبدأ العام يذكر ابن القيم في أعلام الموقعين ج‏2‏ أن النبي شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف مما يحبه الله ورسوله فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلي الله ورسوله‏,‏ فإنه لا يسوغ إنكاره‏,‏ وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله‏.‏. وهو ما يعني أن التغيير لا يكفي فيه مجرد حدوث المنكر‏,‏
بل لا يكفي فيه أيضا أن يكون الفرد أو الدولة قادرا علي تغييره‏,‏ وإنما الأهم من هذا كله هو الاطمئنان إلي أن التغيير يقود إلي الأفضل‏,‏ وتجنب حدوث ما هو أسوأ‏,‏ وإذا لم يتحقق ذلك‏,‏ فإن منطق الشريعة وحكمتها يدعواننا إلي القبول بالمنكر كما هو حتى تتوافر شروط التغيير المنشود وتصبح المصلحة راجحة علي المفسدة‏.‏ *‏ ثالثا‏:‏ مراعاة سنة التدرج‏:‏ وهو مبدأ نهجه الإسلام وهو يبني مجتمعه الأول‏,‏ إذ تدرج بهم في الفرائض‏,‏ كالصلاة والصيام والجهاد‏,‏ كما تدرج بهم في تحريم المحرمات كالخمر ونحوها‏,‏ وكما أنه حدث تدرج في التشريع‏,‏ فإننا نستطيع أن نمضي علي السنة ذاتها ويكون هناك تدرج مماثل في التنفيذ‏.‏. ومن الشواهد التي تذكر هنا‏,‏ ما رواه المؤرخون عن الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز‏,‏ إذ قال له ابنه عبد الملك يوما‏:‏ مالك لا تنفذ الأمور‏,‏ فوالله ما أبالي لو أن القدور غلت بي وبك في الحق‏,‏ فقد كان ابنه الشاب يدعوه لأن يقضي علي المظالم‏,‏ وآثار الفساد الأموي دفعة واحدة‏,‏ دون تريث أو أناة‏,‏ وليكن ما يكون‏,‏ ولكن عمر بن عبد العزيز رد عليه قائلا‏:‏ لا تعجل يا بني‏,‏ فإن الله ذم الخمر في القرآن مرتين وحرمها في الثالثة‏,‏ وإني أخاف أن أحمل الحق علي الناس جملة فيدفعوه جملة‏,‏ ويكون من ذا فتنة‏.‏ وأشار الكاتب إلى كتابات كثيرة في عالمنا العربي عن انتصار حماس وهزيمة فتح‏,‏ وكأن القضية الفلسطينية اختزلت في المنافسة أو الصراع بين الطرفين‏,‏ لكن قلة أدركت حقيقة أن المنتصر الأول في المشهد هو الشعب الفلسطيني‏,‏ الذي جسد بموقفه انتفاضة ثالثة انحازت إلي خيار المقاومة والصمود‏,‏ وحققت إنجازا ديمقراطيا رائعا عجزت عنه العديد من الدول العربية التي أفرغت الديمقراطية من مضمونها‏,‏ وحولتها إلي قناع يسوغ استمرار احتكار السلطة ولاينسي في أي حديث عن الإنجاز الذي تم أنه ما كان له أن يتحقق إلا في ظل الموقف النزيه الذي انحازت إليه قيادة السلطة‏,‏ حين أصرت علي إجراء الانتخابات في موعدها وفي حرية كاملة‏,‏ الأمر الذي فاجأ الكثيرين بمن فيهم قيادات حماس ذاتها‏.‏ وقال انه تحدث إلي بعض قيادات حماس بعد إعلان النتائج فوجدتهم مدركين لجسامة المسئولية التي حملها إياهم الشعب الفلسطيني‏,‏ وبحاجة إلي عون الجميع ونصحهم‏,‏ وإذ استغرب أحدهم التعليقات البائسة التي ظهرت في بعض الصحف العربية‏,‏ واصفا إياها بأنها نيران صديقة‏,‏ فإنه ردد علي الهاتف الدعاء الشهير‏:‏ اللهم احمني من أصدقائي‏,‏ أما أعدائي فأنا كفيل بهم‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة