محللون: الرئيس يتحاشى غضب المجتمع الدولى بإعدام قيادات الجماعة.. وإسلاميون: لن يعدم مرسي "قرارات الإحالة للمفتى من قبل للمحكمة هى عبارة عن استبيان واستطلاع رأى المفتى فى الأحكام التى ستصدر، هل تستحق من وجهه النظر الدينية والشرعية إصدار حكم الإعدام أم لا، بعيدًا عن حكم الإعدام".. بهذه الكلمات عبر الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال مؤتمره مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن موقف النظام الحالى تجاه المحكوم عليهم بالإعدام من قيادات جماعة الإخوان المسلمين. وأوضح أن أحكام الإعدام التى صدرت أغلبها أحكام غيابية تسقط بحكم القانون بمثول المتهم الغائب عن المحاكمة أمام المحكمة، لتبدأ إجراءات تقاضى طبقا للقانون الجنائى فى مصر، وأكد السيسى أن الموضوع يعتبر طبقًا للاعتبارات الدولية وليس خاصًا بمصر فقط، ولا تعد هذه محاكمات استثنائية أو ثورية تصدر أحكامها على المواطنين. وأضاف السيسى تعليقًا على أحكام إعدام قيادات الإخوان "أن حكم الإعدام الصادر هو أول مرحلة من مراحل التقاضي، وأن النيابة العامة والتى تمثل سلطة الشعب لا بد أن تتقدم بطلب إعادة المحاكمة كإجراء قانون لدخول المحاكمة مرحلة ثانية". وأكد السيسى فى رسالة إلى المجتمع الدولى قائلاً: "إذا كنتم أنتم حريصون على الحياة وعلى الإنسان اوعوا تستكتروا علينا إحنا كمان إننا نكون حريصين على الحياة وعلى الإنسان". ويرى محللون، أن تصريحات السيسى تأتي امتثالا للضغوط الدولية وسعيًا للحصول على شرعية لاستمراره فى الحكم وربما يكون خيار التراجع عن إعدام الرئيس الأسبق محمد مرسى وقيادات الإخوان المسلمين هو السبيل الوحيد لتحقيق طموحات الرئيس عبد الفتاح السيسي, وهى الاعتراف بشرعيته وتثبيت أركان حكمه وذلك بعد موجة شرسة من الانتقادات الحقوقية الدولية والمنظمات لارتفاع عدد أحكام الإعدام فى مصر لنحو غير مسبوق. وأشاروا، إلى أن اعتراف السيسى بشرعية مرسى خلال المؤتمر يغلق الباب نهائيًا أمام عودة الفريق أحمد شفيق والتحدث عن وجود شرعية له وقال المستشار أشرف عمران عضو الدفاع عن الرئيس السابق محمد مرسي: إنه تم تقديم العديد من الدفوع التى تثبت براءة الدكتور مرسى ومن معه فى قضية الهروب من سجن وادى النطرون خاصة وأن المجلس العسكرى تجاوز عن هذه الواقعة وأصدر قرارًا بالعفو عن جميع من خرجوا من السجن . وأضاف عمران، أن اعتراف السيسى بشرعية مرسى خلال تصريحات صحفية له ليس له أهمية كبيرة, مضيفًا أن الرئيس محمد مرسى نجح فى انتخابات رئاسية شهدها جميع دول العالم وراقبتها كل المنظمات الحقوقية, كما أن المنافس اعترف بخسارته، وحديث السيسى عن وجود إجراءات أخرى للتقاضى يعد رسالة سياسية مفادها أن احكام الإعدام لن تطبق على قيادات الإخوان المسلمين خاصة أنه تطرق إلى إمكانية استخدام آلية العفو الرئاسى لوقف التنفيذ . وتابع "فبالرغم من تصريحات السيسى إلا أن المحكمة لا تأخذ بأى كلام يقال خارج قاعتها ولا تعتبره دليلا إدانة أو إثبات ولا يمثل تغيير فى اتجاه المحاكمة, إلا أن هناك إجراءات عديدة سيقوم فريق الدفاع بالتحرك فيها إذا ما تم تأييد النطق بالحكم عن طريق الطعن عليه أولاً". ولفت عمران، إلى أن أى تأويل سياسى يصدر من السيسى بخصوص إمكانية عدم تنفيذ الأحكام على الرئيس الأسبق محمد مرسى قد يحتمل الصحة والخطأ, إلا أن الفصل الأخير سوف يكون من خلال المحكمة.
وقال عبد الحميد بركات عضو الهيئة العليا لحزب الاستقلال: إن تصريحات السيسى عن أحكام الإعدامات الأخيرة على الرئيس السابق محمد مرسى وعدد آخر من جماعته ما هى إلا رسالة طمأنة للغرب بعدم إعدام قيادات جماعة الإخوان المسلمين وذلك نتيجة الضغوط القوية التى تمارس ضده فى هذا المجال، فحديث السيسى عن عدم الجزم بإعدام الرئيس الأسبق محمد مرسى وأعضاء جماعته كان فى إطار قانونى صحيح، إلا أنه ذكر أن غالبية المحكوم عليهم بالإعدام كان غيابيًا وهذا غير صحيح . فالمحكمة لها الحق فى الحكم بالإعدام كأقصى عقوبة فى حالة الغياب عن المحاكمة ومن ثم تتم إعادتها فور مثول المتهم، ولرئيس الجمهورية الحق فى إصدار العفو عن العقوبة إذا تأييد الحكم بشكل نهائي. وأضاف بركات، أنه لا يستبعد أن يقدم السيسى على تنفيذ أحكام الإعدام خاصة مع وجود رفض قاطع من جماعة الإخوان بالاعتراف بنظامه، موضحًا أن إعدام متهمى قضية عرب شركس كان بدون أدلة دامغة. وأوضح بركات، أن هناك دعوات من منظمات حقوقية وبعض الشعوب العربية والإسلامية والأوروبية لرفض إعدام مرسى وجماعته، مشيرًا إلى أنه من المحتمل أن يكون السيسى قد قصد توجيه رسالة لشفيق بعد اعترافه بنجاح مرسى خاصة أنه ربما يكون البديل الذى يتم إعداده لخلافة السيسى .
من جانبه قال الدكتور جمال عبد الجواد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن تنفيذ أحكام الإعدام التى صدرت بحق قيادات جماعة الإخوان هى من الأمور الخطيرة ولن تكون فى صالح النظام الحالى ولن تحقق له أى مكاسب سياسية، وأيضًا لن تضعف جماعة الإخوان الذى يمكن أن يكون مواجهتهم بطرق أخرى ليس من بينها الإعدام . وأشار عبد الجواد، إلى أن هناك صعوبة فى تقييم الأحكام الكثيرة التى صدرت فقد تكون من قبيل الضغط على جماعة الإخوان المسلمين للقبول بالأمر الواقع والاعتراف بشرعية السيسي, فتصريحات السيسى عن أحكام الإعدام التى صدرت بأنها ليست نهائية يمكن تحليلها على أنها غير قابلة للتنفيذ . وأستبعد عبد الجواد، أن يكون اعتراف السيسى بشرعية مرسى هو موجه للفريق أحمد شفيق الذى تثار الشكوك حول أحقيته بالرئاسة قائلاً: إن الرئيس السيسى كان يخاطب المجتمع الدولى بالأمر الواقع من خلال تبريره لعزل مرسى وجماعة الإخوان من الحكم عن طريق الحديث أن مرسى جاء بانتخابات نزيهة وهو المستقر فى أذهان المجتمع الغربى إلا أن الشعب خرج عليه فى 30 يونيو ما استوجب الرضوخ لطلبات الشعب والإطاحة به من منصبه وذلك لأن الطعن فى شرعيته تضعه فى موقف الحاكم العسكرى الذى انتزع الحكم بالقوة ويريد تبرير أفعاله وهو ما لا قد يقبله المجتمع الخارجى . فالسيسى لا يحتاج إلى العجلة والتسرع فى إطلاق قرارات عفو عن أعضاء الجماعة، خاصة أن هناك عدة مستويات للتقاضى مما يدلل بأنه لن يتم الحكم بالإعدام بشكل نهائي, كما أن إصدار عفو على جماعة مصنفة من قبل الدولة على أنها إرهابية لن يكون مقبولاً فى ظل توتر الأوضاع السياسيه فى الوقت الحالي. وقال الدكتور سعيد صادق المحلل السياسي: إن أكثر من 100 دولة فى العالم قامت بإلغاء عقوبة الإعدام فهناك حملة دولية بقيادة الأممالمتحدة لمنع أحكام الإعدامات, كما طالب قبل ذلك الأمين العام للأمم المتحدة عدم الحكم بالإعدام على الرئيس المخلوع حسنى مبارك أثناء محاكمته, وذلك وفقا للاتفاقيات الدولية التى تنص على تقليل مثل هذه الأحكام, وهناك بعض الدول الإسلامية مثل تونس وتركيا تم إلغاء هذه الاحكام أما فى مصر فبسبب وجود الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع فإنه يصعب إلغاء هذا الحكم, الذى تجيزه الشريعة فى بعض الأوقات. وأوضح صادق، أن السيسى لم يجزم صراحةَ بإسقاط عقوبة الإعدام عن قيادات الإخوان ولكنه ذكر أن الأحكام ليست نهائية وحتى بعد الحكم يوجد طعن على الحكم أمام محكمة النقض ومن ثم يستغرق الأمر وقتا طويلاً. وأشار صادق، إلى أن السيسى ليس فى حاجة لتنفيذ الإعدام للقضاء على قيادات الإخوان، الذى ترتفع معدلات أعمارهم بنحو كبير كما أن معظمهم حكم عليه بنحو 20 عامًا فإذا ما قضوها فلن يستطيعوا أساسًا الخروج من السجن وقد يموت بعضهم، وبذلك يكون قد أرضى المجتمع الدولى بعدم تنفيذه لأحكام الإعدام وحقق مبتغاه فى القضاء على الإخوان. ولفت صادق، إلى أن من بين ما يقرب من أكثر من ألف حكم بالإعدام لم ينفذ إلى 7 أحكام فقط ولأمور عاجلة منها وجود ضغط سياسى واستحضار هيبة الدولة وردع من تسول له نفسه القيام بأفعال إرهابية أما الأحكام الباقية فمن المتوقع أن تأخذ إجراءات تقاضى فترات كبيرة. ولفت صادق، إلى أن أحمد شفيق لا يمتلك شعبية حقيقية فى الشارع ومن ثم الحديث عن شرعية مرسى غير موجه له خاصة أن المؤسسة لن تستبدل جنرال بجنرال جديد كما أنه كان جزءًا من نظام مبارك. فاهتمام الدول الأوروبية بانتقاد أحكام الإعدام فى مصر من أجل تحقيق مصالحها هو ما أجبر المانيا على استقبال السيسى وعدم الضغط لوقف الإعدامات مقابل الحصول على صفقة بمليارى يورو لصالح شركة سيمنز الألمانية. وتوقع سامح عيد المتحدث باسم حزب المحافظين، أن الرئيس السيسى لن يتحمل فاتورة إعدام مرسى فى حال صدور حكم نهائى بإعدامه من خلال إدانات وتدخلات غربية وعربية فالتكلفة السياسية والأمنية والاجتماعية ستكون كبيرة، ومجال عنف الجماعة ورفعهم السلاح ضد الدولة سيكون بصورة أخطر. ولوح عيد، إلى أن السيسى لن يعدم مرسى ولن يصدر فى حقه عفوًا رئاسيًا أيضًا ولكنه سيتم تخفيف الحكم ضده إلى المؤبد، مشددًا على أن الرئيس جمال عبد الناصر فى قمة قوته تردد فى إعدام حسن الهضيبى مرشد جماعة الإخوان حينها وتخوف من ردود الأفعال على الرغم من شعبية ناصر الجارفة حينها. وقال عاطف المغاورى نائب رئيس حزب التجمع: إن الرئيس السيسى لن يتحمل فاتورة العفو عن مرسى وجماعته لأن معنى العفو عن مرسى هو تشجيع للإرهاب، وحث الدولة للجماعة أن تستمر فى غيها، مؤكدًا أن السيسى ينطلق من باب إعلاء المصلحة الوطنية ولا يعتبر للمعايير الدولية التى تتغير تبعًا لأهوائها. وتابع مغاوري، أن الرئيس السيسى يدرك جيدًا أن لكل حدث حديث، وأن مرسى سيخضع لإجراءات مكملة بعد إحالة أوراقه للمفتي، كما أن باب الطعن على هذا الحكم أمام محكمة النقض مفتوح، ولكنه لن يتدخل بالعفو أو التخفيف عن مرسي. واستنكر المغاوري، التدخلات الدولية بشأن مرسى قائلاً "لماذا لم نر هذه التحركات الواسعة والاستنكار المبالغ فيه من المنظمات الدولية فى شنق الرئيس العراقى صدام حسين فى حين أن المسلمين كانوا يؤدون مناسك الحج؟.