تحوط شبهات الفساد المالي بشركة "سيمنز" الألمانية التي أبرمت معها الحكومة المصرية حول الغاز وتوليد الطاقة من الرياح، بعد سوابق لها في دفع رشاوى للاستحواذ على صفقات في دول عربية. وكانت الحكومة المصرية اتفقت مع "سيمنز" على بناء محطات طاقة كهربائية عالية الكفاءة تعتمد على الغاز الطبيعي إلى جانب محطات تعمل بطاقة الرياح، وهو ما سيؤدي إلى تعزيز قدرات مصر لتوليد الطاقة الكهربائية بأكثر من 50%. وتبلغ قيمة العقد 8 مليار يورو. وأعلنت "سيمنز" خلال توقيع العقد أمس بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال زيارته الحالية إلى ألمانيا، أنها ستبني ثلاثة مصانع للغاز الطبيعي "ستكون الأكبر من نوعها في العالم" كما ستشيد 12 مزرعة في خليج السويس ومناطق غرب النيل لنصب 600 مروحة عملاقة. وعزت تقارير صحفية ألمانية استقبال المستشارة أنجيلا ميركل للسيسي في برلين على الرغم من الانتقادات الواسعة ضد نظام حكمه إلى الصفقة الضخمة التي أبرمتها حكومته مع شركة "سيمنز". وقالت مجلة "دير شبيجل" الألمانية الذائعة الصيت: "يبدو أن الحكومة الاتحادية (الألمانية) تخلت - مقابل عملية تجارية مع شركة سيمنز - عن وسيلة ضغط من أقوى وسائل الضغط لديها. فهي استقبلت السيسي الآن وجعلته بذلك شخصية مقبولة على الصعيد الدولي. ما يهم السيسي هو إضفاء الشرعية، أي تلك الصور التي تأتي من برلين وتضفي الشرعية على العسكري السابق، الذي يحكم مصر بوحشية لم تكن سائدة حتى في عهد حسني مبارك. دعوة ميركل هي عبارة عن ضوء أخضر للمستثمرين العالميين. ويعني ذلك: نحن الألمان نعتمد على الحكام المستبدين الجدد. إن ذلك بمثابة صفعة موجهة للبراليين المصريين. ومعنى ذلك أيضا أننا ابتهجنا بهؤلاء بداية لنخونهم الآن". وسبق أن اعترفت "سيمنز" بأنها دفعت رشاوى لمسئولين في عدة دول منها دولة عربية خليجية لترسية مشاريع عليها، وتنفيذها في تلك الدول. وفي يوليو 2007، عثر مراجعو حسابات "سيمنز" على مدفوعات غير قانونية يعود تاريخها إلى مطلع التسعينات وتبلغ قيمتها أكثر من مليار يورو، أثناء فحوصاتهم المحاسبية للمؤسسة الصناعية الألمانية العملاقة، في إطار تحقيق بشأن قضية فساد تم خلالها دفع أموال كرشاوى من اجل ضمان حصول الشركة على عقود. وقالت صحيفة "سوديشته" الألمانية الصادرة في ميونخ آنذاك، إن محامين أمريكيين ومدققي حسابات وجدوا أن المدفوعات تتعلق بوحدتي الاتصالات وتوليد الطاقة في الشركة. وأضافت أن "الأموال محل التساؤل" بلغ مجموعها أكثر بثلاثة أمثال ما كان يعتقد من قبل. ونقلت عن مديرين بارزين في الشركة وصفهم لتلك المبالغ التي تم إنفاقها بأنها "مبالغ تدعو للصدمة'" وأضافت أن حوالي 900 مليون يورو تخص وحدة الاتصالات مقابل 420 مليونا كانت "سيمنز" قد اعترفت بها من قبل. بينما بلغت المدفوعات غير القانونية في وحدة توليد الطاقة ما بين 250 إلى 300 مليون يورو. وفي يونيو 2011، أعلنت شركة "سيمنز" العملاقة عن اكتشافها أدلة على فساد في أنشطتها بالكويت، وأنها أبلغت السلطات الكويتية بذلك. وقال متحدث باسم الشركة: "اكتشفنا القضية بأنفسنا وأبلغنا السلطات واتخذنا إجراءات عقابية، بعد نتيجة اعتقال السلطات القضائية بمدينة ميونيخ الألمانية اثنين من مديري الشركة على خلفية الاشتباه في تورطهما في قضية رشاوى تتعلق بمشاريع الشركة في الكويت". وكانت الشركة الألمانية وافقت في 2008 على دفع 800 مليون دولار لإغلاق تحقيق في الولاياتالمتحدة حول مزاعم استخدامها رشى لسنوات للحصول على عقود. وتعمل "سيمنز" تعمل في الكويت منذ نصف قرن في ميدان الصناعة والطاقة، حيث أنشأت نحو 100 محطة صغيرة لتوليد الكهرباء، فضلا عن محطة طاقة تعمل بتوربينات الغاز تبلغ طاقتها 1500 ميجاوات وقد ناهزت مبيعات الشركة لعملائها بالكويت 328 مليون دولار برسم السنة المالية 2010. وأثيرت القضية داخل البرلمان الكويتي، بعد أن توجيه النائب عادل الصرعاوي بأسئلة برلمانية إلى كل من وزراء الكهرباء والماء، والعدل ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء، والمواصلات، والنفط عن هذا الموضوع. وكانت وزارة الكهرباء الكويتية شكلت "لجنة محايدة" لدراسة عقد محطة نقل كهرباء تم سحب من شركة "توشيبا" ومنحه إلى شركة "سيمنز" اثر قيام حملة إعلامية شرسة ضد "توشيبا" ووكلائها في الكويت، بداعي أن "سيمنز" هي التي تقدمت بأقل الأسعار. ونقلت صحيفة "فايننشال تايمز" آنذاك عن مصادر قريبة من التحقيق في القضية قولها وقتذاك، إن التحقيق يشمل محاولة مديرين سابقين في الشركة رشوة مسؤولين في وزارة الكهرباء والماء بمبلغ 1.8 مليون دولار للحصول على عقود.