فى 31 مايو من كل عام تحتفل مصر بعيد الإعلاميين , وهو اليوم الذى يواكب ذكرى إفتتاح الإذاعة المصرية فى عام 1934 ؟ ..وبالطبع فإن هناك الكثير من الإعلاميين فى تاريخ مصر صنعوا أمجاداً وأعطوا الكثير والكثير لبلدهم ومهنتهم وتعلمت على أيديهم أجيال كثيرة ومتعاقبة من الإعلاميين , وهذه كلمة حق لا ينكرها أحد , وبالطبع سوف يكون من الصعب ذكر قائمة هؤلاء الرواد العظام حتى لا ننسى بعضهم أو الكثير منهم فنبخسهم حقهم الذى يستحقونه . وبهذه المناسبة .. راودتنى العديد من التساؤلات خلال الأيام الماضية منها : هل الأجيال الحالية من القيادات تعد إمتداداً لهؤلاء العظماء ؟ وهل من الممكن أن يستكملوا مسيرتهم وينهضوا بهذا المكان العريق وهو ماسبيرو ؟ وهل يمكنهم الحفاظ على التاريخ والتراث الذى بناه هؤلاء بعرقهم وجهدهم وخبراتهم ؟ . وبصراحة أكثر فقد حاولت الإجابة عن هذه التساؤلات من خلال ما قرأته على مدى سنوات عن تاريخ الإذاعة والتليفزيون المصرى ومن خلال طرحى لها على الكثير من العاملين والخبراء فى المجال الإعلامى . والحق أقول إن الأجيال الحالية من القيادات تعد (شر سلف لخير سلف ) لعدة أسباب منها : - أنهم لم يتعلموا من هؤلاء العظماء شيئاً لا فنون الإعلام ولا الخبرات والكفاءات الإدارية المطلوبة . - رغم كل الظروف المادية الممتازة من مرتبات وحوافز و (سقف ) ومخصصات آخرى لا حصر لها , ورغم إنتظام صرف كل هذه المبالغ لهم ولجميع العاملين فى كل القطاعات لم يحدث أى نوع من التطوير للشاشات وهو الأمر الذى أدى إلى هروب المشاهدين والإعلانات من التليفزيون المصرى . - لم تفكر هذه القيادات فى تطوير البرامج شكلاً ومضموناً بل إقتصر التطوير فى معظم الأحيان على تغيير الفواصل والتترات وسرقة بعض الأسماء من القنوات الفضائية الخاصة المصرية والعربية والإدعاء بأنهم قاموا بالتطوير وهذا الملف يجب أن يكون محل تحقيقات موسعة لأنه أهدر عليه مئات الملايين من الجنيهات دون أى فائدة وقد كان باباً ذهبياً للسرقات والتفنن فى إهدار المال العام على الأقارب والمحاسيب . - إعتماد هذه القيادات سواء فى رئاسة الإتحاد أوالقطاعات والقنوات على سياسة (الكم لا الكيف ) وهذا يظهر بوضوح فى قطاعات التليفزيون والاخبار والمتخصصة والإقليميات , فكل ما يشغل الغالبية العظمى من هذه القيادات إرضاء ( أفراد الشلة والأصدقاء الأنتيم والزوجات والصديقات وال ...!!) على حساب المضون والجودة والمال العام , الإهتمام بالشكل والمضمون وتطوير الأفكار فهذه أشياء خارج تفكير وحسابات القيادات الحالية ؟. - تفرغ الغالبية العظمى من القيادات لتصفية الحسابات مع خصومهم داخل القطاعات والبحث عن وسائل للإنتقام منهم بأى وسيلة, والبحث عن كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتصعيد أنفسهم لمناصب أعلى منها رئاسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون أو عضوية المجلس الوطنى للإعلام والذى سيتم تشكيله عقب الإنتخابات البرلمانية القادمة . - عدم إمتلاك الغالبية العظمى للإتحاد لخبرات وتجارب كافية تؤهلها لتولى هذه المناصب المهمة, والواقع يؤكد أن معظمهم من وصلوا إلى تلك المناصب (فى غفلة من الزمن ) – كما يقولون - كان طريق التودد و (المحلسة ) والتقرب إلى بعض المسئولين فى الجهات المهمة والنافذة فى الدولة , وكانت النتيجة أنهم تحولوا من قيادات إلى (عاهات ) أساءت للمبنى ولتاريخه العريق وأوصلت الإعلام الرسمى إلى مرحلة الموت الإكلينيكى التى نراه عليها حالياً ؟ . - إعتماد القيادات الحالية على مبدأ (أهل الثقة ) وليس (أصحاب الخبرة والإبداع ) وهو الأمر الذى انعكس بدوره على مستوى البرامج المتدنى وعدم مواكبتها للعصر شكلاً ومضمونا وتحولت جميعها إلى (مسخ مكرر ) ومتشابه لا تجديد فيها ولا إبتكار . وفى النهاية أقول إن الكارثة الأكبر إنه رغم كل هذا الفشل الذريع لماسبيرو يتم التجديد للقيادات فى مناصبهم أو التصعيد لمناصب أعلى وكأن الفشل وإهدار المال العام أصبح شرطاً أساسياً للترقى والتصعيد أو البقاء فى المناصب القيادية . ولذك أقول إننى أتمنى ن تكون هناك صحوة حقيقية لماسبيرو يستيقظ فيها من كبواته وأزماته وان يستعيد عافيته ليسترد دوره وتاريخه العريق لأنه لو استمرت الأوضاع الحالية لفترة آخرى فلن تقوم لهذا الكيان العريق قائمة مرة آخرى . وأعتقد أن البداية يجب أن تكون بالإطاحة ب (العاهات ) - عفوا القيادات - الحالية من مناصبها اذا كانت هناك رغبة حقيقية للإصلاح .