أبدى الكاتب الصحفي المتخصص في الشئون العربية فهمى هويدى، عدة ملاحظات على تشكيل قوة عربية مشتركة والتي أعلن عنها مؤخرًا خلال اجتماع رؤساء أركان الجيوش العربية فى القاهرة مؤكدًا أنه لا مفر من الاعتراف بأن العالم العربى مختلف الآن حول العدو الذي يتعين عليه أن يواجهه، وهل هو إسرائيل أم إيران أم أنه تآمر الأمريكان والغرب؟ وتلك مسألة فارقة. وكانت أولى الملاحظات على اجتماع رؤساء الأركان العرب فى القاهرة هذا الأسبوع بحسب هويدى، أن ظهور أولئك الجنرالات فى الصور هذا الأسبوع لم يكن له صدى يذكر فى مختلف الأوساط، حيث لم يستوقف أحدًا، وكان الإقبال على مطالعة الصور والتفرس فى الوجوه أكثر من الاهتمام بمتابعة الكلام، كما أن أحدًا لم يلمس أثرا إيجابيا لجهودهم، ولم يستطع أن يجد إجابة شافية ومقنعة على السؤال: ماذا يفعلون؟. وتابع: وأما الملاحظة الثانية، أن الجيوش العربية التى لم تخض معركة حقيقية منذ عام 1973 (أى منذ 45 عامًا) تراجعت كفاءتها إلى حد كبير، حتى إن بعضها صار ينهزم ويفر أمام الجماعات المسلحة، كما حدث فى الرمادى بالعراق، وفى إدلب وجسر الشغور فى سوريا، وحين دخلت بعض تلك الجيوش فى مواجهات مع الجماعات الإرهابية، فإنها لم تنجح فى القضاء عليها، وهو الحاصل فى دول عربية أخرى.
وعن الملاحظة الثالثة، قال هويدى في مقاله بصحيفة "الشروق"، إنه فى حين خرجت الجيوش العربية من ساحة المواجهة مع العدو محتلاً كان أم غازيًا، فإن المجموعات المسلحة هى التى تولت المهمة وحققت نجاحًا فيها، وهو ما فعله حزب الله فى لبنان، وما فعلته حماس والجهاد الإسلامى والقوى الوطنية فى غزة، وما قامت به فصائل المقاومة ضد الأمريكيين فى العراق، وها نحن نجد المقاومة الشعبية فى اليمن هى التى تتولى صد تمدد الحوثيين.
واستطرد: بقيت عندى ملاحظات أخرى تتعلق بموضوع القوة العربية التي اجتمع رؤساء الأركان العرب لتشكيلها قبل نهاية شهر يونيو المقبل، طبقًا لقرار القمة العربية في شرم الشيخ. هذه الملاحظات تتلخص فيما يلى: ستكون مفارقة لا ريب أن تتولى القواعد العسكرية الغربية تأمين، وحراسة مصالحها المفترضة فى كل الدول العربية المهمة، من الناحيتين الإستراتيجية أو الاقتصادية والنفطية، وفى الوقت ذاته تشكل قوة مسلحة عربية، لا يعرف بالضبط الهدف من وراء إنشائها.
واختتم: ولأنه فى غياب الاتفاق عليها يبدو الكلام عن القوى العربية مجرد غطاء لتصفية حسابات ضيقة لبعض الأنظمة، لا علاقة له بالمصالح العليا للأمة العربية، ومشروع القوة العربية بصورته تلك إذا أضيف إلى التفاعل الحاصل والمنتظم بين وزراء الداخلية العرب، فإنه يبعث إلى الجميع برسالة خلاصتها أن العمل العربى المشترك بات محصورًا على الدفاع عن الأنظمة وأمنها، وأن مصالح الشعوب وتطلعاتها فى التقدم والنمو والحرية والعدل لم تعد مدرجة على جدول الأعمال. وعلى الشعوب أن تدبر حالها من باب آخر.