من بلايا هذه المرحلة الزمنية أن السلطة السياسية رعت التملق وغذت النفاق وأعلت من شأنهما، وأصبح كل من التملق أو النفاق جواز السفر أحمر للوظائف والرتب الأعلى والنهب النشط في نظام ينمو على الممالأة والكذب، ويكرس المقولة الرديئة " كلما نافقت أكثر صعدت أعلى وأسرع "، لذلك صار للفساد مريدين وأتباعا في مواقع مختلفة في المجالس النيابية والهيئات والمؤسسات الحكومية وقطاع الخدمات، لكن أكثر أوجه النفاق وقاحة هو نفاق الرياضيين للساسة في كل مناسبة وبلا أي حياء، رغم الفشل الذريع والأصفار المعتبرة. يتربع على رأس هؤلاء المدلسين والمنافقين أحد لاعبي كرة القدم القدامى، الذي ابتدع طريقة مرذولة في تملق الرئيس وعائلته في أي وقت وبدون أي مناسبة، مكملا دور الصحف المحتلة حكوميا. ومشجعو كرة القدم في مصر- ونحن منهم- يشاهدون ويسمعون معلقي كرة القدم في دول أوربا الغربية والشرقية منذ سنين طويلة، ومع ذلك لم نسمع- لمرة واحدة معلقا رياضيا يدلس أو ينافق رئيس النظام السياسي للدولة التي ينتمي إليها وأظن لو فعل منهم أحد ذلك لكانت نهايته في التعليق الرياضي، أما عندنا فالمكان محجوز والبرامج والقنوات والخزائن تفتح، وبالتالي صار النفاق المبتذل ماركة مسجلة يتقنها حارس المرمى السابق الذي يعمل في التعليق على المباريات، ويستغل برنامجا رياضيا على أحد الفضائيات شبه الحكومية في تغييب وعي الشباب والمشجعين، ودس مفاهيم ومعلومات ودعاية رخيصة مقيتة أشبه بالدعاية لصابون منزوع الرائحة والفاعلية، إعلان يصب في قناة التمديد والتوريث، ولا أظن أنها تفيد الرئيس أو ابنه، بل على العكس لا يستفيد منها سوى اختصاصي النفاق السيارياضي( نفاق الرياضيين للساسة ). وقد استطاع اللاعب السابق بهذه الطريقة الممجوجة كسب ود قيادات لجنة السياسات، فحصل على عضوية مجلس الشعب في محافظته في غفلة من الوعي الشعبي وفي ظل الأمية والتزوير السائدين، وهذا المعلق يفرض عنوة على مشجعي كرة القدم في عدد من القنوات الفضائية والأرضية، ويدس اسم الرئيس وعائلته من الأبناء إلى الأحفاد في كل الطبخات أثناء التعليق علي مباريات كرة القدم، وهو ما لوحظ بوضوح في البطولة الإفريقية الحالية 2006. وإذا كان لدي هذا اللاعب شيء من الحس الشعبي الصادق لأحجم عن سلوكه الموالس، ولو كانت لديه ذرة من المهنية لعلق على المباراة وحدها، ولأدرك أننا مشبعون لدرجة التخمة من صورة سيادة الرئيس في شوارع وميادين ودوائر المحروسة الحكومية لمدة ربع قرن، ولم ينج منها حتى مشاهدي المباريات الرياضية في جميع الملاعب ، لكن الكابتن موالس له رأي آخر يفرضه على المتفرجين مستغلا الجهاز الإعلامي الخطير في تسويق بضاعته التي تصيب بالغثيان، لدرجة أنني أعرف كثيرا من المشادهين يحولون لقناة أخرى أو يغلقون التلفاز ولا يشاهدون المباراة أو البرامج التي يقدمها المعلق المذكور زهدا في كرة القدم. ووصل التعبئة النفاقية ذروتها في بطولة أفربقيا الحالية، حيث حرص زعيم المدلسين على استلاب عقول المشاهدين الرافضين للنظام ، الذي افتضح زيفه في الانتخابات الأخيرة، ففي أثناء إذاعة مباراة الافتتاح بين مصر وليبيا أطل علينا النفاق المبتذل مجددا ومجسدا، وحاول تلميع صورة باهتة فاستخرج الكابتن من أحشاء المباراة حدثا فريدا يستحق التأمل والتعجب ألا وهو أن السيدة حرم الرئيس قد شهقت عندما ضاعت ضربة الجزاء وهذا دليل على وطنيتها وحبها لمصر!!! وأعاد المنظر عدة مرات !! عجيب تفسير المعلق الرياضي الذي لا يتقن من التعليق الرياضي سوي المداهنة والتحيز والنفاق, أليس عيبا أن يستجدي وعي المشاهدين بما لا أصل له في الواقع ؟ وإذا كانت السيدة حريصة علي مصر والمصريين كما تدعي، فأين كانت وأين كنت عندما اعتدي النظام وحزبه علي الفتيات المصريات في 25 مايو 2005 أمام نقابة الصحفيين ؟ ليس لديك رد !!!. وفي مباراة المغرب أصر المعلق على استضافة حفيد الرئيس في تعليقه ليقول له لقد شرفت بحضورك مصر ؟ آه من النفاق و الكذب ، مصر هي التي تشرف من عاش على أرضها من أصغر كناس إلى أكبر رأس ، وهي الباقية وكلنا زائلون. ألا يكفيك ذلك ؟ " كده وللا كفايه " ؟ [email protected]