في الوقت الذي تتزايد فيه رقعة المعارضين للرئيس عبدالفتاح السيسي بالشارع المصري، وتراجعت أسهمه بشكل واضح، بدأ أنصار الفريق أحمد شفيق، رئيس الوزراء، والمرشح الرئاسي الأسبق، التحرك على الأرض، من خلال حركة "أنت الريس" التي تطالب بعودة الفريق إلى مصر، وتنصيبه رئيسًا للجمهورية، عبر نشر 7500بوستر بشوارع القاهرة، تحمل عبارة "لازم يرجع". وظهرت حركة "أنت الريس" بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، وعلى الرغم من أن شفيق أعلن انسحابه، إلا أنه ظلت بوسترات تأييده بجميع شوارع القاهرة، واستمرت الحملة في المطالبة بترشحه، ليس هذا فحسب بل قامت أيضًا بجمع توكيلات من المواطنين وعرضها على النائب العام للمطالبة برفع اسمه من على قوائم ترقب الوصول وغلق جميع القضايا وعلى رأسهم قضية الطيارين. لتختفي الحركة فترة بعد إجراء الانتخابات الرئاسية في مايو 2014، لتظهر في ثوب جديد وتطالب بتولي شفيق رئاسة البلاد، إلى أن عادت مؤخرًا ما جعل المراقبين يتساءلون: "لماذا الآن؟، فنحن لم يغفل عن أذهاننا مشهد ال12 مليون مواطن الذين أعلنوا تأييدهم لشفيق في الانتخابات الرئاسية، ولا مشهد الاحتفال الهائل حين أعلن فوزه في الجولة "قبل النهائية". أحمد شفيق والذي وصفه البعض ب"البعبع المخيف"، جاء خروجه من مصر على أعقاب فتح النائب العام باب التحقيقات بشأن اتهامات متعددة حول إهدار المال العام خلال الثماني سنوات السابقة بصفته وزير الطيران المدني في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، حيث تم رفع 24دعوى قضائية ضده، مما جعل النائب العام يقرر استدعاءه للتحقيق معه، وقد علم شفيق من بعض مصادره بهذا الاستدعاء فقرر مغادرة القاهرة فجرًا، وذلك بحجة أداء مناسك العمرة، ومنذ ذلك الوقت اختار الإمارات مقرًا للإقامة، ولم يعد حتى مع الإطاحة ب "الإخوان المسلمين" من السلطة. كل ذلك يجعل شفيق ورقة مهمة قد يلجأ إلى رجال مبارك، وسط ترجيحات خبراء بأنه سيضاعف من محنة السيسي، الذي يتعرض لحملة هجوم في وسائل الإعلام مع تراجع في موقف الأحزاب ضده، بما يشير إلى أن ملصقات "لازم يرجع" ليست من قبيل العشوائية. وقال محمد إمام، مؤسس حركة "أنت الرئيس" إن حملة "عايزين الفريق شفيق يرجع مصر" هدفها إعادة هيبة الفريق، ردًا على الاتهامات التي تعرض لها في وسائل الإعلام. وأضاف أنهم طبعوا 7500بوستر بتكلفة 5 آلاف جنيه، من تبرعات أفراد الحملة، قائلاً: "تمويلنا ذاتي ولا توجد جهة ممولة كما يعتقد البعض، وسيجوبون شوارع القاهرة وجميع المحافظات خلال الفترة المقبلة، للصق هذه البوسترات، فضلاً عن توزيع استمارة مطبوعة، تدعو لرفع اسم شفيق من قوائم ترقب الوصول". وأشار إلى أنه "جانب ذلك سيتم إطلاق حملة إلكترونية لمخاطبة 13 مليون مواطن أعطوا أصواتهم للفريق شفيق في الانتخابات الرئاسية قبل الماضية، بهدف الضغط لعودته، ورفع اسمه من قوائم الممنوعين من السفر، وإنهاء التحقيقات في قضية تزوير الانتخابات الرئاسية لصالح محمد مرسي"، على حد قوله. ونفى إمام وجود أي علاقة للحملة بحزب الحركة الوطنية، أو الفريق ذاته، قائلاً إنه استقال من الحزب العام الماضي، بعد أن تولى قيادته من وصفهم ب"المنتفعين من اسم شفيق"، ويأملون في تحقيق منافع سياسية جديدة مثل عضوية مجلس النواب المقبل. وكشف إمام عن أنه تلقى اتصالات هاتفية تحذره من الاستمرار في الحملة، باعتبارها تضر باسم "شفيق"، وتسبب الوقيعة بينه والسلطة الحالية، إلا أنه مستمر في الحملة وتوسيع نطاق نشاطها خارج القاهرة حتى تحقق أهدافها بعودة "الفريق" إلى مصر. من جانبه، قال خالد العوامي، عضو مؤسس بحزب "الحركة الوطنية"، الذي يترأسه الفريق أحمد شفيق، إن الصور واللافتات التي انتشرت بمنطقة وسط القاهرة والتي تطالب بعودة الفريق إلى مصر يقف وراءها المحبون والمؤيدون له من نشطاء "فيسبوك"، موضحًا أن ليس لهم علاقة بهذه الحملة، "التي قد يستخدمها البعض من وسائل الإعلام استخدامًا خاطئًا". وأضاف العوامي ل"المصريون": "هناك بعض الأشخاص يحاولون الوقيعة بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والفريق شفيق، من خلال ترديد شائعات مغرضة، إلا أنهم لن يتمكنوا من ذلك؛ لأن شفيق أكبر الداعمين للقيادة الحالية". وأوضح أن "القضية التي تنظر حاليًا بخصوص تزوير انتخابات الرئاسة 2012لصالح الرئيس المعزول محمد مرسي، ليس الهدف منها تقلد شفيق للحكم ولكن إثبات أن الإخوان أتوا بالتزوير وليس لهم شرعية حتى قبل خروج الملايين ضدهم في 30 يونيو". من جانبه، وصف مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، الوضع السياسي في مصر بأنه "الأسوأ على مر العصور، فهناك رغبة من الحكومة والنظام ككل في الانفراد بالسلطة، هذه الرغبة التي قد تسبب آثارًا جسيمة "قد لا يحمد عقباها". واعتبر أن ظهور الحملة المطالبة بعودة الفريق أحمد شفيق المرشح الرئاسي السابق إلى مصر، تحت عنوان "أنت الرئيس"، هو "شكل من أشكال حالة الجدل والارتباك السياسي الذي تعيشها مصر حاليًا، ورغبة في إحداث حراك في الشارع وجذب انتباه وسائل الإعلام". وأضاف "هذه الحملة لن تكون أول ولا آخر الحركات، فالفترة المقبلة ستشهد تدشين العديد من الحركات التي ستطالب بالتغيير، والسبب هو الارتباك الواضح بين القيادات وأيضًا ضعف الأحزاب سيولد حركات من السهل أن يكون لها ظهير شعبي على مر الأيام". مع ذلك، أكد أن حركة "أنت رئيسي" ليس هدفها عزل رئيس الجمهورية أو شيء من هذا القبيل، وإنما لكسب شو إعلامي واضح بدليل أنها سبق ظهرت واختفت مرة أخرى.