أفتى الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية بأنه يجوز شرعا إخراج الصدقات والتبرعات والأوقاف والهبات والزكاة ونحوها من وسائل الخير لمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، مشروع نهضة مصر. وقال إن الإنفاق في ذلك يُعَد في (سبيل الله) شرعًا، مؤكدًا أن "بلادنا في أحوج ما تكون خاصة في هذه المرحلة إلى أمثال هذه المؤسسات العلمية والتكنولوجية التي تعد الطريق الوحيد الذي يرتقي به الوطن إلى مصاف الدول المتقدمة والتي تمثل القلب النابض للتقدم العلمي الذي تحيا به الشعوب والدول والأمم والحضارات". وأضاف جمعة إن نجاح هذه المؤسسات العلمية التي لا تهدف إلى الربح يحتاج إلى الجهود المتكاتفة وعزمات الرجال وهمم المصلحين وأصحاب المواقف الفارقة التي تصنع التاريخ وتُغيِّر الأحوال. وأوضح أن صرف الزكاة لمثل هذه المدينة العلمية ومشروعها القومي غير الربحي والذي يأخذ بيد المجتمع إلى التقدم العلمي والإنتاج القومي هو من الأمور الجائزة شرعًا بل هي مِن أَوْلى المصارف بالدعم من أموال الزكاة كما يجوز الإنفاق على هذا المشروع من التبرعات والصدقات أيضا فإن الصدقة أمرها أوسع من الزكاة حيث تجوز للفقير وغيره والمسلم وغيره وقد شرع الإسلام الإنفاق في سبيل الله والعلم من سبيل الله تعالى. واعتبر أن البحث العلمي والتقدم التكنولوجي في هذا العصر يدخل دخولاً أوليًّا في مصرف (وفي سبيل الله) بمعنى الجهاد من جهة أنه هو السبيل لإعداد قوى الردع التي تحافظ على السلام والأمن الدوليين، وتمنع الطغيان والعدوان، والتي أمر الله تعالى بها فصار واجب الوقت للأمة الإسلامية في هذا العصر هو الفهم العلمي لمعطيات الحضارة وهذا من أهم مظاهر القوة التي أمرنا الله تعالى بإعدادها. وأكد أن جماعةً مِن العلماء جعلوا مِن مصرف (في سبيل الله) مجالاً للتوسع في صرف الزكاة عند الحاجة إلى ذلك في كل القُرَب وسبل الخير ومصالح الناس العامة، حتى مع انعدام شرط التمليك في ذلك؛ أخذًا بظاهر اللفظ في قوله تعالى: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾، وهو ما عليه فتوى دار الإفتاء المصرية منذ عهد فضيلة الشيخ عبد المجيد سليم رحمه الله تعالى. جاء ذلك في معرض رده على سؤال من الدكتور أحمد زويل رئيس مجلس أمناء مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا "مشروع نهضة مصر" حول مدى شرعية تلقي المؤسسة للتبرعات والصدقات الجارية والأوقاف والزكاة ونحوها خاصة وأن هذه المؤسسة هي مؤسسة غير ربحية وهي عبارة عن مدينة علمية تعمل تحت إشراف مجلس أمناء عالمي يضم ستةً من الحاصلين على جائزة نوبل في المجالات العلمية المختلفة، بالإضافة إلى أن المشروع يهدف إلى الوصول بالتعليم في مصر إلى المستويات العالمية، ورفع شأن البحث العلمي والتكنولوجيا؛ لإحداث طفرة ونقلة نوعية لزيادة الإنتاج القومي لمصلحة البلاد والعباد. ورأى المفتي أن أمثال هذا المشروع يعد مصرفا شرعيا للصدقات الجارية والأوقاف أيضًا التي يجري نفعُها وأجرُها ويدوم لقول النبي صلى الله عليه: «إِذا مَاتَ ابْن آدم انْقَطع عمله إِلا من ثَلَاث صَدَقَة جَارِيَة أَو علم ينْتَفع بِهِ أَو ولد صَالح يَدْعُو لَهُ»، وأشار إلى أن الإسلام عظم شأن العلم، ورفع قدر أهله؛ حتى كان أول أمر إلهي نزل به الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأمر بالقراءة فجعل الأولى في الوجود، والثانية في الوحي. وقال المفتي إنه مما لا شك فيه ومما هو متفق عليه أن حاجة الأفراد والمجتمعات إلى العلم أعظم من الحاجة إلى المال وأن العلم هو السبيل الصحيح لرقي الأمم واكتفاء المجتمعات وقدرتها على سد حاجاتها. وشدد على أهمية البحث العلمي باعتباره المظهر الحقيقي لتطور العلم وتقدمه وازدهاره، وأنه يمثل نقطة البداية الصحيحة للأمة الإسلامية حتى تضع قدمها مرة أخرى في خريطة العالم، وتشارك بحضارتها في بناء الحضارة الإنسانية، والسبيل إلى كل ذلك هو نهضة البحث العلمي عند المسلمين ليكون امتدادًا حقيقيًّا لعلوم المسلمين الأوائل ومظهرًا للصلة بين أصالة السلف ومعاصرة الخلف.