هاجم رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق الجنرال احتياط غيورا آيلاند, التقرير, الذي نشرته منظمة "كسر الصمت", التي يديرها جنود إسرائيليون سابقون، حول مجازر الاحتلال في الحرب الأخيرة على قطاع غزة. ونقلت "الجزيرة" عن آيلاند قوله إن :"التقرير قدم صورة جزئية، لأن الجيوش الغربية قتلت عددا أكبر من المدنيين في حروبها بالعراق وأفغانستان". وكانت منظمة "كسر الصمت", التي يديرها جنود إسرائيليون سابقون، نشرت في 4 مايو شهادات واعترافات عن جرائم إسرائيل في عدوان الصيف الماضي على غزة، تؤكد صحة الرواية الفلسطينية حول العدوان، وتنسف الرواية الرسمية لجيش الاحتلال الإسرائيلي. وفي شهاداتهم -التي بلغت السبعين- كشف ضباط وجنود إسرائيليون -لم تكشف هوياتهم- وهم برتب مختلفة في الجيشين النظامي والاحتياطي، عن سياسة "الضغط السريع على الزناد"، واعترفوا بالتدمير الشامل الذي سببوه داخل القطاع. وأطلق جنود وضباط إسرائيليون بالاحتياط عام 2002 منظمة "كسر الصمت"، لإطلاع الإسرائيليين على انتهاكات جيش الاحتلال في الأرض المحتلة بهدف إنهائها، لاعتبارها خطرا على إسرائيل. وبدأت الشهادات بقول أحد الجنود :"كنا بحالة جنون فهدمنا أحياء كاملة في غزة، وقصفنا المنازل الفلسطينية بشكل أعمى، ودون منح سكانها فرصة للهرب". بينما كشف الضابط الأعلى رتبة من بين أصحاب الشهادات، أن جيش الاحتلال قام باستخدام المدفعية لاستهداف المنطقة تمهيدا لدخولها، ودون منح سكانها فرصة كافية للهرب. وأشار إلى أن قوة القذائف كانت تصيب البيوت المجاورة للعمارة المستهدفة أيضا مرة تلو المرة حتى تنهار، "وبسبب الازدحام فقد كانت النتيجة تدمير أحياء كاملة". وكشف ضابط آخر أن المسؤولين الميدانيين التفوا على القيود المفروضة عليهم كي لا يتم المساس بالمدنيين، من خلال تحديد الهدف على الخريطة وتصويب النار لمنطقة مجاورة له. ويستذكر أحد الضباط في شهادته، أن معلومات بلغت الجيش بشأن وجود قيادي في المقاومة داخل بيت في عمارة مكونة من ستة طوابق في حي خزاعة، وتم منح سكانها 26 ثانية فقط للهرب قبل تفجيرها من الجو. وتكشف شهادة أخرى عن تغيير جيش الاحتلال توجهاته وأنظمته القتالية، بالإشارة إلى التعليمات بقتل كل مواطن يفتح نافذة. ويروي صاحب الشهادة وهو ضابط تواجد في دير البلح، أن قيادة الجيش أبلغته بأن كل من يتواجد في المنطقة فهو "مخرب" وينبغي قتله، إلا إذا كان رافعا راية بيضاء. وأضاف "في كل يوم كنا نتلقى تصويرا جويا مختلفا للمنطقة بسبب قوة القصف والتدمير الهائل، وقد تم تدمير عشرات المنازل لمجرد أن موقعها إستراتيجي، ومنها يمكن الاطلاع على عمارات دخلها جنود إسرائيليون". ويفسر ضابط في سلاح المدرعات تغير ملامح المنطقة يوميا، فيقول إن الجنود تحاشوا أي مخاطرة، فكانوا يطلقون النار بشكل عشوائي على البيوت في كافة مناطق القتال. وعن مجزرة رفح في اليوم الأول من أغسطس بعد أسر الضابط الإسرائيلي أورون شاؤول، يروي ضابط من وحدة مشاة، أن الجيش أعلن تشغيل نظام "هانيباعل" وأمطر سماء المنطقة كلها بالنار، مما أدى إلى قتل نحو 150 فلسطينيا معظمهم مدنيون. وأضاف أنه بسبب الرغبة في الانتقام أو إثبات الوجود، فإن أوامر فتح النار كانت أكثر سهولة، وتابع "كان يكفي أن تقول إن العمارة السكنية هذه أو تلك تبدو تهديدا فيتم تفجيرها". واستطرد أنه إذا كانت الطائرة تلقي قنبلة بزنة طن داخل حي أو مستشفى، فإن إطلاق قذيفة دبابة نحو عمارة "تبدو عملية بسيطة". وردا على سؤال ل "الجزيرة"، قال آفنر جفارياهو أحد قادة "كسر الصمت" , إنه وزملاءه فوجئوا بتوجه ضباط وجنود لهم بعد انتهاء الحرب، وكشفوا عن قيام الجيش الإسرائيلي بتغيير أنظمة "الفتح بالنار". وشدد جفارياهو على أن المشكلة تكمن في قيادة الجيش الإسرائيلي وواضعي سياساته، زاعما أن المجتمع الإسرائيلي الذي ساند الحرب على غزة لم يكن يعلم بهذه التغييرات. كما قال إن قيادة الجيش الإسرائيلي غررت بالضباط والجنود في الميدان، بإبلاغهم بأن المنطقة التي سيدخلونها خالية من المدنيين. وتابع جفارياهو أن الشهادات تدلل على صورة قاسية سببها سياسة فتح النار بعشوائية قادت لقتل أبرياء كثر، وتابع "هذا خلل أخلاقي قيمي وليست حوادث شاذة، ونتمنى على الإسرائيليين المساهمة بتغيير هذا الواقع". ومن جهته، اكتفى الناطق بلسان الجيش بالرد على سؤال "الجزيرة" إن الجيش أتاح لكل جندي أن يقدم شكواه، وإنه شرع في تحقيقات داخلية تمهيدا لمحاسبة كل من يخرج عن التعليمات. وهاجم جيش الاحتلال منظمة "كسر الصمت" لرفضها تسليمه التقرير قبل نشره، "مما يحول دون فحص ما جاء فيه فورا وبجدية".