علمت "المصريون"، أن مصر انتزعت موافقة الولاياتالمتحدة على إقامة منطقة التجارة الحرة بين البلدين بعد سنوات من التعثر، فيما اعتبر أبرز مكاسب صفقة التبادل التي أبرمتها مع إسرائيل والولاياتالمتحدة- والتي لم يتم الإعلان عنها- في إطار اتفاق الإفراج عن 25 سجينا مصريا بإسرائيل مقابل إيلان جرابيل الإسرائيلي – الأمريكي المتهم بالتجسس لحساب إسرائيل، والذي تم الاتفاق على تفاصيله خلال زيارة وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا الأخيرة إلى القاهرة. وكشفت مصادر مطلعة ل "المصريون"، أن القاهرة أصرت خلال زيارة بانيتا على انتزاع موافقة نهائية من واشنطن علي اتفاقية التجارة الحرة التي شهدت جولات مفاوضات معقدة خلال العقد الماتضي وواجهت عراقيل حالت دون توقيعها، وقد انتهى الأمر بتجميد المفاوضات حولها في عهد الرئيس السابق جورج بوش، وذلك بسبب الخلافات حول ملف الإصلاح السياسي. كما وافقت الولاياتالمتحدة على طلب مصر بإعادة النظر في الدعم المقدم من جانبها لمؤسسات المجتمع المدني في مصر واخضاع هذا الدعم لرقابة السلطات المصرية، الأمر الذي رفضت واشنطن الاستجابة له طوال الأشهر الماضية وكان أحد أبرز أسباب حالة الجمود التي هيمنت على العلاقات بين البلدين. وتضمن الاتفاق أيضا مراجعة مؤسسات التعاون الاقتصادي المصرية الأمريكية، والتي كانت خاصة لسيطرة رموز النظام السابق ورجال الأعمال المقربين منه، إذ من المقرر أن تشهد الفترة القادمة إجراء عملية هيكلة جديدة للمجلس الرئاسي ومؤسسات تقديم المعونة الأمريكية لمصر، مع اعطاء مزيد من الحرية لمصر للتصرف في جزء كبير من أموال المعونة بعيدًا عن الشروط الأمريكية. واشتملت الصفقة على وعود أمريكية بالتدخل لدى صندوق النقد والبنك الدوليين لضمان عدم فرضه شروط مجحفة على مصر التي تسعى في المرحلة القادمة للحصول على 3.2 مليار دولا كقروض لتسوية العجز في ميزان مدفوعاتها. وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أن الصفقة تضمنت أيضا تسهيلات عسكرية ومعدات، وأضافت إن الولاياتالمتحدة وافقت على بيع طائرات مقاتلة ( F 16 ) لمصر مقابل الإفراج عن جرابيل وهي الصفقة التي كانت إسرائيل قد رفضتها من قبل واعترضت عليها بشدة. من جانبه، أكد الدكتور طارق فهمي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، الخبير بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، أن صفقة الإفراج عن جرابيل لم تقتصر على إطلاق 25 مصريا بالسجون الإسرائيلية، بل شملت الحصول على مكاسب سياسية واقتصادية وعد بها الجانب الأمريكي الذي شارك في التوصل للاتفاق. وقال في تصريح ل "المصريون"، إنه لا يمكن للقاهرة أبدا أن تتبادل جاسوسا أمريكيا إسرائيليا مقابل 25 سجينا مصريا، في الوقت الذي دعمت فيه إطلاق الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط مقابل 1027 أسيرا فلسطينيا. وأضاف إنه قد يتم إطلاق الإسرائيلي عودة ترابين المسجون في مصر بتهمة التجسس، والأردني بشار أبو زيد مقابل أكثر من 81 مصريا بالسجون الإسرائيلية، مرجحا أن تتم صفقة التبادل المصرية الإسرائيلية القادمة بالتزامن مع المرحلة الثانية من من صفقة شاليط. وقال الدكتور بشير عبد الفتاح الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام": إن ما في الظاهر لا يمثل كل الحقيقة وطبيعي أن صفقات تبادل الأسرى تكون سرية وما يعلن عنه ليس كل شيء حدث وما يعلن عنه هو الأكثر ثقلا وتأثيرا في مجريات الأمور وهذا الحال ينطبق على هذا الجاسوس جرابيل ومجرد إتمام الصفقة في حد ذاته يعتبر إضافة كبيرة لرصيد العمل الاستخباراتي في مصر. وأضاف في تصريح لقناة "الجزيرة مباشر": سوف يعلن عن مزايا أخرى لاحقا أو لا يعلن إلا إذا جاءت مناسبة، لكن جرت العادة أن العلاقات المصرية والإسرائيلية تكون أمريكا طرف مباشر أو غير مباشر فيها ليس فقط لأن الجاسوس جرابيل أمريكي الجنسية ولكن لأنها هي الطرف الثالث في العلاقة المصرية الإسرائيلية. لكن نبيل صادق المتخصص في الشؤون الإسرائيلية قال إنه لا يوجد أخبار مؤكدة عن صفقة سرية، ويرى أن هذه الصفقة هي أحد الخطوات لتحسين العلاقات بين إسرائيل والشعب المصري، لأن الولاياتالمتحدة تحاول أن تعطي إيحاء للمصريين أن إسرائيل "تقدم السبت كي تلاقي الأحد" خاصة أنها تعرف أن الشعب المصري يكره إسرائيل فيما أكد اللواء سامح سيق الليزل الخبير الإستراتيجي، أن التقليل من صفقة التبادل مع إسرائيل لا يتفق مع الشعور العام، واصفا الصفقة بأنها مهمة جدا في تاريخ العلاقات الإسرائيلية المصرية. وقال إن المتبقين في السجون المصرية نحو 56 سجينا مصريا، منهم 18 شخصا رهن التحقيق ولم يتم الحكم عليهم، ولا يوجد داخل السجون الإسرائيلية أي سجين مصري محكوم عليه بقضية سياسية أو أمنية أو عسكرية.