تحرك جديد في عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأحد 19 مايو 2024    أسعار الدواجن واللحوم والخضروات والفواكه اليوم الأحد 19 مايو    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 19 مايو    بالطيران المسير.. فصائل عراقية مسلحة تعلن استهداف هدف حيوي في إيلات بإسرائيل    جانتس يطالب نتنياهو بالالتزام برؤية متفق عليها للصراع في غزة    خادم الحرمين الشريفين يجري فحوصات طبية في العيادات الملكية    شكرى يتوجه إلى أثينا فى زيارة ثنائية تستهدف متابعة وتعزيز مسار العلاقات    وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم صاروخي أوكراني استهدف شبه جزيرة القرم    عاجل.. رد فعل مفاجئ ل كهربا عقب مباراة الأهلي والترجي    وسام أبو علي: نسعى للتتويج باللقب في جولة الإياب أمام الترجي    حالة الطقس المتوقعة غدًا الإثنين 20 مايو 2024 | إنفوجراف    مصرع 6 أشخاص وإصابة 13 فى حادث تصادم أتوبيس على الطريق الدائرى بشبرا الخيمة    ماس كهربائي وراء حريق أكشاك الخضار بشبرا الخيمة    حظك اليوم وتوقعات برجك 19 مايو 2024.. مفاجأة للجوزاء ونصائح مهمة للسرطان    الفنان سامح يسري يحتفل بزفاف ابنته ليلى | صور    نهائي دوري أبطال أفريقيا| بعثة الأهلي تصل مطار القاهرة بعد التعادل مع الترجي    اليوم.. إعادة محاكمة متهم بأحداث محمد محمود الثانية    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأمريكي    تعرف على سعر الدولار اليوم في البنوك    الكرملين: الإستعدادات جارية لزيارة بوتين إلى كوريا الشمالية    بأسعار مخفضة.. طرح سلع غذائية جديدة على البطاقات التموينية    ظاهرة عالمية فنية اسمها ..عادل إمام    8 مصادر لتمويل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وفقًا للقانون (تعرف عليهم)    انخفاض أسعار الفائدة في البنوك من %27 إلى 23%.. ما حقيقة الأمر؟    تعليم النواب: السنة التمهيدية تحقق حلم الطلاب.. وآليات قانونية تحكمها    خبير اقتصادي: صفقة رأس الحكمة غيرت مسار الاقتصاد المصري    حملات لإلغاء متابعة مشاهير صمتوا عن حرب غزة، أبرزهم تايلور سويفت وبيونسيه وعائلة كارداشيان    رامي جمال يتصدر تريند "يوتيوب" لهذا السبب    عاجل.. موجة كورونا صيفية تثير الذعر في العالم.. هل تصمد اللقاحات أمامها؟    القومي للبحوث يوجه 9 نصائح للحماية من الموجة الحارة.. تجنب التدخين    الداخلية تكشف حقيقة فيديو الاستعراض في زفاف "صحراوي الإسماعيلية"    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    بوجه شاحب وصوت يملأه الانهيار. من كانت تقصد بسمة وهبة في البث المباشر عبر صفحتها الشخصية؟    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    بن حمودة: أشجع الأهلي دائما إلا ضد الترجي.. والشحات الأفضل في النادي    "التنظيم والإدارة" يكشف عدد المتقدمين لمسابقة وظائف معلم مساعد مادة    مع استمرار موجة الحر.. الصحة تنبه من مخاطر الإجهاد الحراري وتحذر هذه الفئات    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    شافها في مقطع إباحي.. تفاصيل اتهام سائق لزوجته بالزنا مع عاطل بكرداسة    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    رقصة على ضفاف النيل تنتهي بجثة طالب في المياه بالجيزة    أخذتُ ابني الصبي معي في الحج فهل يصح حجُّه؟.. الإفتاء تُجيب    رامي ربيعة: البطولة لم تحسم بعد.. ولدينا طموح مختلف للتتويج بدوري الأبطال    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أدوات القوة المصرية: الأزهر الشريف
نشر في المصريون يوم 23 - 10 - 2011

من عجيب الأمور أن الأزهر الشريف قد أُنشئ من قبل الفاطميين العُبيديين في القرن الرابع الهجري ليكون مركز التشيع في العالم الإسلامي غير أنه لم يلبث على هذه الحالة إلا مدة قرنين وبضع سنين حتى جاء صلاح الدين الأيوبي ليطهر مصر من ربقة هذا التشيع والرفض وسب الصحابة والبدع والخرافات التي كانت تقال علانية في صحن الأزهر قلب مصر الإسلامية، ويجعل هذا الجامع مركزًا عالميًا لأهل السنة بكافة مذاهبهم وانتماءاتهم.
ولم يلبث هذا الجامع العريق الذي أصبح رمزًا للعزة الإسلامية، والسيادة المصرية، والقوة العربية طوال قرون عدة، حتى أصبح له مشيخة في القرن الحادي عشر للهجرة، ليتم تقنين وتنظيم الأمور العلمية والعقدية في هذا الكيان العظيم، ثم لما كانت مصر ولا تزال في قلب العالم الإسلامي بين الشرق والغرب رأينا إشارات الرحالة وعلماء العالم الإسلامي وغير الإسلامي غاصة في كتبهم ومظانهم تنضح بالإعجاب به وبحوزاته وعلمائه وطرائق التعليم فيه.
لم تقتصر تجربة الأزهر الشريف عند حدود التعليم والتربية والتثقيف بل كان لعلمائه دورهم الأجل في حفظ السيادة المصرية، وقديما وبالتحديد في القرن العاشر الهجري سقطت الدولة المملوكية لتصبح مصر ولاية عثمانية تابعة لاسطنبول، وقد كان من الطبيعي أن يخبو دور مصر والأزهر، لكن على العكس؛ فقد كان الأتراك أشد إعجابًا وانبهارًا وتعلقًا بمؤسسات مصر الثقافية وعلى رأسها هذا الصرح العظيم، وعظم مع الوقت الدور السياسي لعلماء الأزهر، حتى كانت كلمتهم مسموعة من الأتراك وبقية المماليك في مصر، فكانوا إذا رأوا فساد أحد العثمانيين فضلاً عن المماليك سعوا لعزله والقضاء عليه، وكانوا ينجحون في ذلك بكل سهولة ويسر!
ولما دخل الفرنسيون مصر في أواخر القرن الثامن عشر، ثم حول نابليون الأحمق الأزهر ليكون إسطبلاً للخيول الفرنسية، إمعانًا وحنقًا من هؤلاء الأزاهرة الذين قادوا لواء المقاومة والتنوير وضرب القوات الفرنسية في مقتل، لم يخرجه في نهاية المطاف إلا الأزاهرة الذين كانوا يملكون القوة الشرعية والحقيقية في مصر، والتي كانت العامة تثق فيهم كل الثقة، لذلك تم القضاء على أعظم جيش في العالم وقتها في ثلاث سنوات فقط!
ثم لما ذهب الفرنسيون إلى غير رجعة، واتفق رأي المصريين وعلى رأسهم الأزاهرة في تولية محمد علي بعدما حسبوه مخلصًا محبًا لهم، علم أن قوة هذه الأمة تتمثل في هذا الجامع، والقضاء على هؤلاء الرؤوس هو قضاء على أي قوى قد تناوئه في حكمه مستقبلاً، فقضى على الشيخ عمر مكرم والشرقاوي والجبرتي وغيرهم وغيرهم، ثم خبا دور الأزهر حتى أيس أو كاد أن ييأس منه الشيخ محمد عبده رحمه الله في حملاته الإصلاحية في القرن التاسع عشر.
وبالرغم من جود الاحتلال الانجليزي في مصر، والذي استمر سبعين عامًا متصلة، وكان من جملة أسباب طول هذه الفترة سحب القوة الشرعية والسياسية من الأزهر، إلا أنه بالرغم من ذلك رأينا القوة في الحق عند الأزاهرة وشيوخهم ومقاومتهم الباسلة في الدفاع عن أراضيهم وخرج منهم شيوخ عظماء لم يخافوا من الانجليز بل سببوا هم الخوف لهم وعلى رأسهم الشيخ المراغي تلميد الإمام محمد عبده رحمه الله.
مع هذا كله، كان منصب شيخ الأزهر يتم بالانتخاب، ومن ثم ظلت للمنصب وللجامع هيبته ومكانته في العالم كله، حتى رأينا علماء الأزهر المصريين ينتخبون شيخًا لهم من خارج مصر، وهو فضيلة العلامة محمد الخضر حسين رحمه الله، بل كان للأزهر أوقافه العظيمة التي تقدر بالمليارات، لكن جاء عبد الناصر ليقضي على ما بدأه محمد علي في هذه المؤسسة العظيمة، فقد جعل منصب شيخ الأزهر بالتعيين، ثم استولى على أوقافه لتصبح هذه المؤسسة خاوية على عروشها، ليذوق أبناؤها الفقر والحرمان، ثم يهمش دورهم بعدما كان العالم كله يحترم هذه المؤسسة ودورها العظيم في مناوئة التشيع والتنصير والوقوف أمام الحركات الهدامة، ثم جاء حسني مبارك ليقضي على البقية الباقية في هذه المؤسسة بتعيين المقربين منه وأهل الثقة في هذا المنصب الأجل.
إن الأزهر الشريف – وبالمناسبة فإني دارعمي ولست أزهريًا – قوة كبيرة للدولة المصرية، والأمة الإسلامية، وكم من دولة تتمنى أن تملك نصف هذه المؤسسة بل عشرها لقوتها وتاريخها الضارب في الذب عن الشريعة وحماية الدولة وهيبتها وقوتها أمام العالم.
الآن نريد بأقصى سرعة أن يعاد انتخاب شيخ الأزهر، وأن ترجع الأوقاف التي استولت عليها الدولة ليكون للأزهر ذمته المالية المستقلة التي تعينه على القيام بالمهمات العظمى له ولمصر وللعالم الإسلامي كله، ثم تفعيل هيئة كبار العلماء، وضم دار الإفتاء للأزهر بعدما سعى المرجفون لضمها لوزارة العدل، ليصبح المفتي مجرد موظف معين في تلك الوزارة، كما لابد أن يُنتخب هذا المنصب كذلك من هيئة كبار العلماء، وهي هيئة منتخبة حسب لوائح الأزهر الشريف.
أعرف بعضًا من العلماء الذين قالوا كلمة الحق داخل هذه المؤسسة العريقة في الأعوام العشرين الأخيرة، ولم يرضوا عن السياسة المنبطحة والتابعة تلك التي جعلت الأزهر صغيرا ذليلاً ضعيفًا أمام العامة في مصر قبل العلماء، وأمام العالم قبل المصريين، يأتي على رأس هؤلاء فضية الأستاذ الدكتور المحدّث يحيى إسماعيل الرئيس السابق لجبهة علماء الأزهر المستقلة والذي نفي إلى الكويت منذ عشر سنوات، وتوفيت زوجته ولم يستطع الحضور وحتى هذه اللحظة لا يستطيع الرجل الرجوع لوطنه بناء على توصية أمن الدولة المصري زمن حسني مبارك لدولة الكويت التي يعمل بها أستاذًا في إحدى جامعاتها، وغير هذا الرجل من هُمش دوره، ونحي جانبا داخل وخارج وطنه، ليُفسح المجال أمام أهل الثقة ورجالات الحزب الوطني!
فهل تحقق لنا الثورة المجيدة والتي اشترك فيها أبناء الأزهر ورأيناهم بأم أعيننا في التحرير واقفين صامدين مؤازرين مجروحين مع المصريين في وقوفهم أمام الظلم والاستعباد والتهميش؟ أليس من حق هذه المؤسسة التي هي رفعة وقوة هذا البلد أن تعاد إلى سابق عصرها الزاهر؟ إلى عصر هزم فيه هؤلاء المعممون نابليون وجيشه العظيم الذي كاد أن يستولي على العالم في ثلاث سنوات فقط؟!!
* باحث مصري في التاريخ والتراث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.