أفصح القيادي الإخوان المنشق محمد حبيب النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان سابقًا، عن أسرار تتعلق بإدارة مكتب إرشاد الجماعة خلال السنوات الماضية، مؤكدًا أن الرئيس المعزول محمد مرسى لم يكن يحكم، لكن من كان يقوم بذلك هو مكتب الإرشاد، أو بمعنى أدق محمود عزت ومعه خيرت الشاطر. وأضاف حبيب فى مقالة بصحيفة "المصري اليوم": عندما أصبحت نائبا أول للمرشد كان همى مُنصبا على ضرورة انفتاح الجماعة على الرأى العام وعلى القوى السياسية والحزبية وكان هذا يتسق مع الوظائف الأساسية للجماعة، وهى الدعوية والتربوية والسياسية، والتى يجب أن تتم فى النور وليس فى الظلام، وفى العلن وليس فى الخفاء.. كان أول تحرك أقوم به فى إبريل/ مايو 2004 هو زيارة أحزاب الوفد والعربى الناصرى والتجمع، وكان التخطيط أن أزور كل الأحزاب التى كانت موجودة آنذاك.. كان الهدف إنشاء ما أطلقت عليه «لجنة الخمسين للإصلاح»، تضم ممثلين عن هذه الأحزاب. وتابع: وضعت لهذه اللجنة خطة عمل بأهداف ووسائل وآليات وجدول زمنى ونظام للمتابعة، وهكذا.. وقد أغضب استقبال الأحزاب لنا الرئيس الأسبق مبارك، الذى كان يعالج فى ألمانيا، فكلف صفوت الشريف باتخاذ اللازم نحو إفشال هذه اللجنة، وكان أن اجتمعت ثمانية أحزاب بهدف تفويت الفرصة على الإخوان.. وفى إبريل/ مايو 2005، قمت بالاتصال بجميع الأحزاب، علاوة على بعض الشخصيات العامة والرموز الوطنية من أجل وضع تصور للإصلاح، وقد تبلورت الحوارات فى تكوين ما سُمى «التحالف الوطنى من أجل الإصلاح والتغيير». وأشار إلى أنه كان هناك داخل الجماعة من يعارض ذلك ويحاربه.. فمن قائل إن الوقت الذى يمكن أن نعطيه للأحزاب ليس له مردود، وأَوْلَى به أن يُدخر للجماعة، خاصة أن الأحزاب لا أمل فيها ولا رجاء من ورائها، وأن الإصلاح والتغيير سيقوم به الإخوان.. ومن قائل إنه ليس من حق الرأى العام أن يَطَّلع على أى من شئون الجماعة الداخلية، وإنه لابد من المحافظة على أسرارها فى مواجهة نظام حكم قمعى يتعقب ويلاحق ويطارد أفرادها، وهكذا.. والحقيقة أنه كما كانت بعض قيادات الجماعة تعارض مسألة الانفتاح هذه، كان نظام الحكم أيضًا يسير فى نفس الاتجاه، بهدف أن تصبح الجماعة معزولة، وبالتالى يسهل عليه تطويقها وحصارها، ترتب على هذا أن الجماعة تحولت إلى كتلة مصمتة، منكفئة على نفسها. وأوضح حبيب أن ما سبق كان يتيح لنظام الحكم، توجيه ضربات انتقائية استباقية لها من حين لآخر، إرباكًا لإستراتيجيتها وتعويقاً لحركتها ونشاطها، والعمل على تفزيع الرأى العام، المحلى والإقليمى والدولى، من الجماعة، على اعتبار أنها تنظيم سرى، إضافة إلى إيجاد فجوة معلوماتية هائلة بين قيادة الجماعة وأفراد الصف، على أساس «أنه ليس كل ما يُعرف يُقال، ولا كل ما يُقال جاء أوانه»، و«أن تكون المعلومة فى حدود الدائرة التى يتحرك فيها الفرد»، وترتب على هذا بحسب حبيب أيضًا عدم وجود شورى حقيقية، وأصبح مكتب الإرشاد هو الآمر الناهى، بل إن المكتب نفسه ارتهن قراراته -من الناحية الفعلية- برأى وإرادة فرد واحد، هو محمود عزت، الأمين العام للجماعة. وأكد أن صهر محمود عزت وهو مهدى عاكف كان يقف-بكل صلاحياته- حائلاً دون محاسبته ومساءلته، بالرغم من أخطائه القاتلة، واتساقًا مع هذا الدعم المريب من المرشد ل«عزت»، كان التفاف مجموعة المنتفعين حوله من أمثال مرسى، وبديع، والكتاتنى، وغيرهم، ولنا أن نتخيل طبيعة النهاية لجماعة بهذا الحجم يتحكم فيها شخص واحد، خاصة إذا كانت قدراته محدودة ومتواضعة.