أُسْدِل الستار على الحملات الانتخابية لأول استحقاق انتخابِي بتونس بعد ثورة 14 يناير التي أطاحت بنظام الرئيس السابق ابن علي، وذلك استعدادًا لبدء عملية الاقتراع التي ستنطلق غدًا الأحد. وتواصلت الحملات الانتخابية في كافة أنحاء تونس على مدى 21 يومًا لم يتمّ خلالها تسجيل تجاوزات أمنية خطيرة، كما خلت من الأجواء الساخنة التي عادةً ما تحيط بمثل هذه المناسبات. ويجمع المراقبون على أنَّ تلك الحملات الانتخابية كانت فاترةً وباهتةً، ولم تتمكن من شدّ انتباه الناخب التونسي الذي بدَا مشوشًا ومرتبكًا أمام كثرة الأحزاب السياسية وتنوع برامجها. وللمرة الأولى أوكلت مهمة تنظيم الانتخابات لهيئة مستقلة برئاسة الحقوقي التونسي كمال الجندوبي، ولم تسجل في البلاد أحداثًا تذكر، فيما بدت جميع الأحزاب مهتمة بمدَى إقبال المواطن التونسي على صناديق الاقتراع التي ستفتح أبوابها غدًا الأحد. وسيتوجّه الناخبون التونسيون غدًا إلى صناديق الاقتراع، لانتخاب أعضاء أول مجلس وطني تأسيسي تونسي يتألف من 218 مقعدًا، منها 18 مقعدًا ستخصص للمغتربين التونسيين. وسيتولّى المجلس صياغة دستور جديد يضع أسس وقواعد جديدة لنظام الحكم في تونس، ومؤسّسات الحكم والسلطات الموكلة إليها، ويضع المبادئ الأساسية لهذا النظام الجديد. ومن المتوقع أنّ ينتخب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي رئيسًا مؤقتًا لتونس، وتعيين حكومة انتقالية لتسيير شؤون البلاد ومراقبة عملها، وذلك إلى حين إجراء انتخابات رئاسية لانتخاب رئيس للبلاد، وتشريعية تؤدّي إلى تشكيل حكومة جديدة. ويُقدّر عدد الناخبين التونسيين المعنيين بهذا الاستحقاق الانتخابي ب 7 ملايين و900 ألف شخص، قام نحو 4 ملايين 439 ألف شخص منهم بالتسجيل قبل الانتخابات لاختيار مركز الاقتراع. ويشارك بالانتخابات أكثر من 80 حزبًا سياسيًا من مجموع 116 حزبًا سياسيًا ناشطًا في البلاد، إلى جانب العديد من المستقلين، حيث تشير البيانات الإحصائية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنّ عدد المرشحين لهذا الاستحقاق الانتخابي بلغ11 ألف و686 مرشحًا ومرشحة. وتوزع المرشحون لهذه الانتخابات على 1521 قائمة انتخابية، منها 827 قائمة انتخابية حزبية، و660 قائمة انتخابية للمستقلين، و34 قائمة ائتلافية. وهيأت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات 7 آلاف و692 مركزًا للاقتراع داخل تونس وخارجها، (7 آلاف و213 مركز اقتراع داخل تونس، و479 مركز اقتراع خارج تونس). وستجري الانتخابات المرتقبة في 27 دائرة انتخابية داخل تونس و6 دوائر مخصصة لأفراد الجالية التونسية في الخارج، موزعة على أوروبا والأمريكيتين والعالم العربي (باريس ومرسيليا الفرنسيتان، وإيطاليا وألمانيا وكندا وأبو ظبي في الأمارات العربية المتحدة). وكان المغتربون التونسيون بدأوا منذ يوم الخميس عملية الاقتراع لانتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي، حيث ستتواصل على مدى ثلاثة أيام. ويُنتظر أن يتابع الانتخابات في تونس خمسة آلاف مراقب تونسي و530 أجنبيًا، منهم ثلاثة رؤساء دول سابقين هم الرئيس السابق للبيرو أليخاندرو توليدو، والرئيس السابق لبوليفيا خورخي فرناندو كيروغا، والرئيس السابق لجمهورية موريشيوس قاسم يوتيم، إلى جانب العشرات من المنظمات التونسية والدولية. وأكد الحكومة التونسية أنَّها هيأت كافة الظروف لضمان حسن سير الانتخابات في كنف الشفافية والنزاهة، فيما أكّدت السلطات الأمنية والعسكرية أنها شرعت في نشر نحو 50 ألف شرطي وعسكري للسهر على إنجاح عمليات الاقتراع.