تنتظر عائشة بخاري، دخول القصر الرئاسي في أبوجا برفقة زوجها الرئيس النيجيري المنتخب حديثا محمد بخاري في أواخر مايو المقبل. ويعقد كثير من النيجيريين آمالا عريضة علي "عائشة"، ابنة الشمال في تحسين صورة السيدة الأولى، عندما تخلف أخريات أثرن الجدل بتدخلهن في السياسة من وراء الجدران. وبينما لا يعترف الدستور أو القانون النيجيري، بمنصب السيدة الأولى، يحظى عدد محدود للغاية من المناصب في البيئة السياسية النيجيرية عمليا بذات النوع من النفوذ والسلطة على غرار زوجة الرئيس. وخلال السنوات السابقة، تمتعت العديد من السيدات الأوليات بنفوذ كبير لدرجة أنهن أثرن في شكل الرئاسة نفسها، سواء بالسلب أو الإيجاب. وفي 1 إبريل الجاري، فاز بخاري، الذي يؤدي اليمين الدستورية رئيسا للبلاد في 29 مايو/ أيار المقبل، بالانتخابات الرئاسية متقدما بفارق 2.5 مليون صوت على منافسه غودلاك جوناثان من جميع الولايات النيجيرية. فعلى سبيل المثال كانت السيدة الأولى، المنتهية ولاية زوجها أواخر الشهر المقبل، بيشنس جوناثان، ذات سلطة ونفوذ ومثيرة للجدل في الوقت ذاته، وكانت معروفة أيضا بصلاحياتها السياسية الكبرى، واستعدادها للتهديد بممارستها لتقويم خصومها السياسيين. وفي أوج قوتها، كانت هناك مزاعم بأن "بيشنس"، تهيمن على تعاقدات الحكومة وظهور مرشحي الحزب، وهي الاتهامات التي نفتها الأخيرة. وفي فبراير الماضي، هدد حزب "مؤتمر كل التقدميين" (إيه بي سي) الذي ينتمي إليه الرئيس الفائز "بخاري"، بملاحقة السيدة الأولى قضائيا على خلفية مزاعم بأنها "طلبت من الناس أن يرشقوا بالحجارة" أي شخص يهتف ب"التغيير" الذي كان يتخذه الحزب شعارا. واتهمت "بيشنس"، أيضا ب"التشويه العرقي" ضد شمال نيجيريا، ونقل عنها منتقدون قولها إن "الشماليين يلدون الكثير من الأطفال". كانت السيدة الأولى مثار للسخرية أيضا، حيث حاول أغلب نجوم "ستاند أب" كوميدي النيجيريين التفوق على أنفسهم في تقليد أسلوب "بيشنس"، الانتقادي في التحدث وعباراتها الشائنة مثل "أوه هناك رب" التي قالتها في ذروة أحداث اختطاف فتيات "شيبوك" من قبل عناصر بوكو حرام. وأصبحت عبارتها "نا أونلي يو واكا كوم"، التي تعني "هل جئت بمفردك؟" كلمة عامية شعبية، تستخدم في شمال وجنوب البلاد. "سنفتقد بيشنس وما كانت تثيره من الكوميديا".. هكذا استهل حديثه لوكالة الأناضول أبيودون أريمو، الكاتب وخبير الشؤون العامة. وقال "لكن يجب أن أقول أنه من الجيد الخلاص منها، لأنها كانت تهيمن على الكثير من الصلاحيات" معتبرا أنها "كانت مثيرة للجدل للغاية ومحبة للسلطة". "بيشنس" خلفت، سيدة أولى مثيرة للجدل بنفس القدر هي "توراي"، زوجة الرئيس الراحل عمر موسى يارادوا. وكان "توراي" بالكاد يسمع عنها، منذ تولى زوجها منصبه عام 2007، وحتى وفاته في منصبه عام 2010، على الرغم من ظهور آثار تصرفاتها المزعومة في الأجواء السياسية. عندما سقط "يارادوا" مريض عام 2009، وظل متواريا عن المشهد العام لعدة شهور، اتهمت ب"محاولة تولي سلطاته على حساب نائب الرئيس آنذاك، غودلاك جوناثان". وخلافا ل"بيشنس"، رغم ذلك، كانت سلطات "توراي" غير واضحة، لأن وسائل الإعلام كانت بالكاد تنقل عنها أقوالها. في الوقت الذي يستعد "بخاري" لتولي مهام منصبه رسميا بعد أداء اليمين الدستورية في 29 مايو/ آيار، ينتظر الكثير من المواطنين ليروا كيف ستكمل السيدة الأولى عائشة بخاري زوجها الذي جاء إلى رأس السلطة متعهدا "بالتغيير". ولدت "عائشة" في 17 فبراير ، 1971، وهي الزوجة الثانية للرئيس المنتخب، حيث تزوجها عام 1989، وأنجبت منه 4 بنات وولد، بحسب ملفها الشخصي. وتنحدر من ولاية "أداماوا" (شمال شرق) من عائلة محمدو ريبادو الشهيرة، أول وزير دفاع نيجيري من أهل البلاد في الستينيات من القرن الماضي. وهي خبيرة تجميل محترفة، وسيدة أعمال ومستشارة اكتساب مهارات، حاصلة على درجة البكالوريوس في الإدارة العامة من جامعة أحمدو بيلو، في زاريا، بولاية كادونا (شمال غرب). وهي أيضا من خريجي معهد كارلتون في لندن، و"معهد أكاديمية الجمال في فرنسا"، حيث حصلت على دبلوم الدراسات العليا في التجميل والعلاج التجميلي. ومن المتوقع أن تطغى شخصية "عائشة" التي تتحدث بمعسول الكلام وتعرف بطلاقة لسانها، على منصب السيدة الأولى، ولكن ليس من المعروف كيف سيحدث هذا. إذا ثبت صحة ما يشتهر به "بخاري"، من انضباط شخصي ونمط حياة تقشفية في إدارة ائتلافه الرئاسي الذي يضم مختلف الأطياف، ربما تشهد نيجيريا سيدة أولى معتدلة قد لا يسمع منها كثيرا كما كان الحال مع السيدة جوناثان. ظهرت "عائشة" بشكل طفيف خلال الحملات الانتخابية السابقة لزوجها، على الرغم إيلاءها اهتمام هزيل في وسائل الإعلام. من جهته، قال أولاميد داودا، وهو مستشار إدارة وخبير شؤون عامة، "خلال الحملة ظهرت السيدة الأولى بصورة متوازنة بشكل غير عادي لا يعكس ما شهدناه مع السيدتين الأوليين الأخيرين". وحتى وقت متأخر في حملة الانتخابات الرئاسية عام 2015، لم يعرف أو يسمع سوى القليل للغاية عن السيدة الأولى الجديدة، عندما تعرض "بخاري" لضغوط من أجل السماح لها بالظهور. وسخر حزب الرئيس الخاسر "جوناثان" مما وصفه ب"عدم إيمان بخاري بالحقوق السياسية للمرأة"، وهي المزاعم التي قال الحزب إنها تتجلى في عدم منح زوجته أي دور في حملته. حتى ذلك الحين، كانت تعليقات عائشة محدودة نسبيا وبالكاد تصدرت أخبارها العناوين الرئيسية للصحف. وأضاف داودا "تذكرني (عائشة) كثيرا بالسيدة الأولى (الراحلة) مريم بابانغيدا"، في إشارة إلى زوجة الرئيس العسكري النيجيري السابق إبراهيم بابانغيدا الذي حكم بين عامي 1985 و1993. وكانت "مريم" أول سيدة أولى في تاريخ نيجيريا تبدأ مشاريع تستهدف التنمية الشعبية والتخفيف من حدة الفقر. وفي حين قدر الكثيرون البريق، والكاريزما والتوازن الذي أضفته على هذا المنصب، انتقد آخرون سلطتها ونفوذها وبريقها، أيضا. وأعرب "داودا"، عن رغبته في إعطاء دعم قانوني لمنصب السيدة الأولى ولكن بأدوار واضحة المعالم والحدود لمنع التجاوزات. ومضى قائلا: "أتطلع إلى رؤية سيدة أولى تساند القضايا ذات أهمية كبرى تتعلق بالتعليم والرعاية الصحية وزيادة مشاركة المرأة في السياسة". وأوضح أنها "ستعمل ضمن الهيئات المعينة دستوريا لدعم هذه القضايا وبالتالي ستضرب مثالا لنظيراتها في الولايات"، في إشارة إلى 36 ولاية توجد في نيجريا.