عاكف وسلطان والخضيري أبرز القيادات المعرضة للخطر بسبب الإهمال ومجلس حقوق الإنسان: نتحرك بناءً على بلاغات وليس بيانات ليس أمامك خيار سوى الموت البطيء خلف القضبان, نتيجة الإهمال الطبى من قبل إدارات السجون، فضلًاً عن منعها دخول الأدوية للمعتقلين أصحاب الأمراض على حسابهم الشخصي، وإذا رأفت إدارة السجن بحالك لسويعات فستكون تحت رحمة مستشفى غير مجهز وأطباء غير مؤهلين لاستقبال حالتك بالأساس، ففى النهاية الموت واحد. ورغم نص المادة 486 من قانون الإجراءات الجنائية على تأجيل تنفيذ العقوبة المقضى بها أو الإفراج الصحى عن المسجونين، إذا أصيب المتهم بمرض يهدد حياته أو أيد الطب الشرعى خطورة حالته, إلا أن الآلاف من المعتقلين يعانون المزيد من الإهمال الطبى بسبب وجود فجوة واسعة بين القانون فى مصر وبين تطبيقه. ووفقًا لعدد من المنظمات الحقوقية، فإن 5000 معتقل يعانون من الأمراض داخل السجون, وحياتهم معرضة للخطر نتيجة الإهمال الطبى فى الوقت الذى لم يحظوا بقرارات الإفراج الصحي، بحسب مواد القانون. "المصريون" رصدت العديد من الحالات المهددة حياتهم بالخطر، فى ظل تعامل غير آدمى من قبل إدارات السجون، والذى بلغ عددهم حوالى 40 آلف معتقل حتى الآن منذ أحداث 30 يونيو 2013، ولم تتم لهم قرارات العفو الصحى فى ظل استمرار تدهور حالاتهم الصحية، ومنهم من توفى بالفعل.
"خالد سعيد".. آخر ضحايا الإهمال الطبي
كان خالد سعيد البالغ من العمر 48 عامًا، آخر ضحايا الإهمال الصحى فى السجون المصرية، حيث توفى الأسبوع قبل الماضى فى سجن بنى سويف، إثر إصابته بنزيف حاد فى الكبد، ظل يعانى منه طيلة أسبوع، دون تحرك من إدارة السجن لمحاولة إسعافه أو نقله إلى مستشفى خارجى لتلقى العلاج المناسب، رغم توصيات طبيب السجن بضرورة نقله للمستشفى بسبب الخطر الذى يهدد حياته، والتى رفضتها إدارة السجن المركزى بمحافظة بنى سويف. "خالد سعيد"، والذى يعمل كمدرس لمادة الرياضيات فى محل إقامته بمحافظة بنى سويف، هو عائلٌ لأسرة مكونة من 4 شباب بينهم شابان معتقلان، ويعول كذلك فتاتين، اعتقلت إحداهما تدعى "إسراء- طالبة بكلية الهندسة"، من منزله قبل شهرين، وأمضى سعيد فى السجن نحو عام ونصف العام، بعد اعتقاله فى 13 يناير من العام الماضي، من داخل السجن المركزى أثناء زيارته لابنيه المعتقلين بالسجن أحمد ومحمد، واتهم فى القضية رقم 154 جنايات عسكرية غرب من العام 2014، ليتم محاكمته أمام محكمة عسكرية على إثر اتهامه بالتجمهر بسبب انتمائه السياسي. ورغم معاناة المعتقل من تضخم فى الكبد والطحال، لم توفر له إدارة السجن الرعاية الصحية المناسبة، أو المكان المناسب للاحتجاز، ما أدى إلى إصابته بفيروس سى أثناء فترة اعتقاله.
على غير المتوقع.. اعتقال مصاب بالشلل وفيروس سي
لم تكتف القوات باعتقال الأصحاء, حيث قامت باعتقال "أحمد عبدالرحمن عبدالفتاح عبدالله"، الذى يبلغ 40 عامًا من عمره، ويعمل مهندسًا فى الشركة المصرية للأملاح والمعادن فى مدينة الفيوم، لإعالة زوجة وطفلة تبلغ 6 أعوام. جاء ذلك بعد مداهمة منزله الشهر الماضي، وسرقة كل الأوراق الرسمية والأموال الموجودة بالمنزل، ومن ثم قامت القوة بتكسير محتويات منزل المواطن، قبل اختطافه إلى مكان غير معلوم لأسرته أو المحامى الخاص به، حتى اللحظة. وما يصعب حالة المواطن كونه مصابًا بالشلل فى قدمه اليسرى، بالإضافة إلى إصابته بفيروس سى فى الكبد، وكذلك معاناته من بعض مشاكل فى صمامات القلب والتى تعرضه لارتجاعات مزمنة، فيما لم يتم التوصل إلى مكانه لمحاولة تقديم العلاج المناسب له من قبل أسرته، ما يثير خوف أسرته إزاء حياته.
وآخر يعانى تليفًا فى الكبد وتضخم فى الطحال
ويعانى المعتقل "محمد محمد الفلاحجى – 59 عامًا"، الذى يعمل كمدير عام للتربية والتعليم بدمياط، تليفًا فى الكبد وتضخم فى الطحال، كما يعانى وجود تجمعات مائية فى معدته، ورفضت إدارة سجن جمصة دخول أية أدوية له منذ بداية الشهر الجاري. من جانبها، أكدت أسرته تدهور حالته الصحية، حيث إنه معتقل منذ 26 أغسطس الماضى فى قضايا سياسية، وتسوء حالته مع استمرار حبسه ومنع الرعاية الطبية عنه. أحد أطفال كوم الدكة يعانى الانزلاق الغضروفي
بالرغم من معاناته من انزلاق غضروفى فى العظمة القطنية والوسطى، والتبول اللاإرادي، فقد تعنتت نيابة الإسكندرية فى إخلاء سبيل الطالب نادر محمد جابر محمد، 19 عامًا، طالب بالمرحلة الثانوية، وأحد معتقلى أحداث كوم الدكة. وكان الطالب قد تم اعتقاله من منزله بواسطة قوات الشرطة والجيش فى 30 ديسمبر العام 2013، ليتعرض للتعذيب فى قسم شرطة الرمل طيلة 4 أيام اعتقال بالقسم، وذلك للاعتراف بتهم ملفقة تتعلق بقضايا سياسية.
"عصام عقل" مريض فيروس سى وأمن الإسكندرية يرفض إدخال الأدوية
من جانبها، اشتكت أسرة المعتقل "عصام محمد محمود عقل – 33 عامًا"، والذى يعمل كفنى "هيدروليك ونيوماتيك"، بمحل إقامته فى الإسكندرية، من تعنت إدارة مديرية أمن الإسكندرية فى إدخال الأدوية له، إذ أنه مريض بفيروس سي. كان "عقل" قد تم اعتقاله من منزل والده فى البحيرة من قبل قوات الشرطة فى 12 فبراير الماضي، كما قامت السلطات المصرية بالضغط عليه لانتزاع اعترافات بتهم لم تثبت عليه، حيث تم إخضاعه للتعذيب المستمر لمدة 11 يومًا بمديرية أمن الإسكندرية لتصويره فى فيديو يعترف خلاله بالتهم الملفقة، بحسب بيان لأسرته.
سلطان والخضيرى وعاكف.. أبرز الشخصيات
ويعد عصام سلطان والمستشار الخضيرى والدكتور مهدى عاكف، أبرز الشخصيات السياسية المعتقلة بالسجون والتى تتعرض للإهمال الطبى ومعرضة حياتهم للخطر بسبب بعض التضييقات عليهم بالرغم من المطالبات العديدة من إدارة السجن بضرورة حسن معاملتهم نظرًا لظروفهم الصحية. وكان عصام سلطان، نائب رئيس حزب الوسط، ضمن أكثر المعتقلين تعرضًا لتهديد حياته للخطر، حيث إنه تعرض لمضاعفات شديدة فى عموده الفقرى إثر قيامه بعمليات جراحية به قبيل اعتقاله منذ أغسطس 2013. وقال أحمد أبو العلا ماضي، محامى سلطان، إن نائب رئيس حزب الوسط، والتى تُصَعِّب من جلوسه دون إسنادٍ منه لظهره.. والذى به عدة عمليات جراحية خطيرة، مما يجعله مُعرّضًا لمضاعفات شديدة تهدد حالته الصحية تهديدًا مُباشرًا. وأشار "ماضي" إلى أن سلطان تعرض على مدار الفترة الأخيرة لعدة مضايقات أثرت على حالته الصحية، حيث يعانى ألمًا فى ظهره نظرًا لإجرائه عملية فى الغضروف قبيل اعتقاله، واقتياده إلى سجن العقرب شديد الحراسة، مبينا أنه قام بتركيب 6 مسامير فى فقرات ظهره، الأمر الذى قد يؤدى إلى تضاعف حالته الصحية الفترة القادمة فى ظل استمرار المضايقات التى يتعرض لها. وقال "ماضي"، إن إدارة السجن قامت فى الفترة الأخيرة بسحب السرير الخاص به، وكذلك البطاطين والأدوية الخاصة به وجميع متعلقاته الشخصية، بالإضافة إلى استمرار منع أسرته من الزيارات داخل السجن، لكنه أشار إلى أن حالته النفسية جيدة، مبينًا أن جميعها إجراءات سياسية الهدف منها الضغط على المعتقلين داخل السجون وإحداث نوع من الضغط النفسى عليهم لإجبارهم على أشياء لن يفعلوها، بحسب قوله، مشيرًا إلى أنه تم تقديم بلاغ بتلك الإجراءات غير القانونية برقم 5707 لسنة 2015 عرائض النائب العام. وأوضح "ماضي"، أن العديد من الحالات، ليس فقط القيادات، تتعرض لمعاملة غير آدمية فى الوقت الذى يعانى فيه المئات من المعتقلين، أمراضًا وحالات صحية سيئة تكاد تتسبب فى إحداث عجز لبعضهم، خاصة فى ظل الظروف السيئة التى يتعرضون لها من مضايقات وسحب الأدوية والمتعلقات الشخصية. وأضاف محامى سلطان، أن العديد من المعتقلين الآخرين يعانون كحالة المستشار محمود الخضيرى بسجن وادى النطرون، حيث يعانى مشاكل وأمراض كبر السن ولا يستطيع المشى بمفرده، مبينًا أن كل ما تفعله إدارات السجون فى التعامل مع القيادات بمنهج واحد هو منع الزيارات واستمرار التضييق عليهم داخل السجون. وتابع، أن العديد من المعتقلين يتعرضون لنفس الضغوط والمضايقات الأمنية داخل السجون، مما يعرض حياتهم للخطر، مشيرًا إلى أنهم تعاملوا مع حاله سلطان بتقديم بلاغ للنائب العام للتحقيق فيما يتعرض له من وقائع ومضايقات بالرغم من علمهم أن لا شيء يفيد، إلا أنهم قاموا بذلك من أجل إثبات حالة على إدارات السجون. وشدد "ماضي" على أن القانون يسمح بالعفو الصحى عن المعتقلين الذين يعانون أمراضًا مزمنة أو نظرًا لكبر سنهم، لكنه أشار إلى أن السلطة الحالية لا تتعامل بالقانون، بل إنها تفعل ما تريده بلا قوانين وبلا دستور، فالقانون لا يتم العمل به من الأساس، ولا يوجد مبررات لاستمرار الحبس الاحتياطي، لذلك فالقانون لم يجد من يطبقه. وحذر "ماضي" من استمرار التضييقات الأمنية على المعتقلين، خاصة الذين يعانون أمراضًا مزمنة أو كبر سن، كما أن البعض الآخر يعانى ما هو أكثر من ذلك، لكن لم يتم الالتفات إليه.
"القومى لحقوق الإنسان": نتحرك بناءً على بلاغات وليس بيانات
وقال عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن تحركات المجلس تكون بناءً على بلاغات مقدمة من أهالى المعتقلين وغيرها من الحالات التى تم نشرها بالصحف والجرائد، لكنه على استعداد أن يتم التعامل مع الحالات التى يتم نشرها عبر المنظمات الحقوقية غير الرسمية، مؤكدا: "نتحرك بناءً على البلاغات وليس البيانات". ونفى "شكر"، فى تصريحات ل"المصريون"، علمه بوجود حالات تدهور لصحة عدد من المعتقلين، مؤكدا لم تصلنا أى بلاغات أو شكاوى حتى الآن, مشيرًا إلى أن إحدى الحالات التى تم التعامل معها كانت للمستشار محمود الخضيري، الذى يعانى داخل السجون من تدهور حالته الصحية، لكنه أكد أنه لم يتم التعامل مع البلاغ حتى الآن. وأشار"شكر" إلى أن ضمن أعمال المجلس أن يراقب السجون ويقوم بزيارتها، إلا أن ذلك يجب أن يتم بتصريح من النيابة، وهو الأمر الذى سيتم العمل على تعديله لملاءمته، بحيث يتم زيارة السجون دون الحصول على تراخيص أو تصريحات. وتنص المادة 486 من قانون الإجراءات الجنائية على تأجيل تنفيذ العقوبة المقضى بها إذا أصيب المتهم بمرض يهدد حياته، وذلك بعد توقيع الكشف الطبى عليه بمعرفة الطبيب الشرعي، للتأكد من إصابته بالفعل بمرض خطير، أما إذا أصيب بمرض يهدد حياته وهو داخل السجن، فيعرض على مدير القسم الطبى بمصلحة السجون، ويفحص من خلال لجنة طبية تضم خبير الطب الشرعي، فإذا قررت خطورة حالته يتم الإفراج عنه بعد موافقة النائب العام.
"مونيتور": على الحكومة توفير أماكن آمنة للمعتقلين ومن جانبها، نددت منظمة هيومان رايتس مونيتور، بالانتهاكات الصحية بحق المعتقلين، وعدم توفير الرعاية الطبية الكاملة لهم، كما نددت بالتعنت فى منع دخول الأدوية لهم واستكمال التصريحات الخاصة بذلك. وعبرت المنظمة، فى بيان لها، عن قلقها الشديد حيال صحة المعتقلين بالسجون، محملة السلطات المصرية مسئولية حياتهم، مع زيادة أعداد المتوفين داخل السجون إثر الإهمال الطبي. وشددت مونيتور، على ضرورة توفير أماكن صحية وآمنة للمعتقلين، وكذلك توفير خدمات الرعاية الطبية والأدوية الكافية للمرضى، وتمكينهم من الحصول على أعلى مستوى ممكن من الرعاية الصحية، وضمان توفير أفضل الظروف الممكنة لتحقيق ذلك.