آثار تأخر وصول المساعدات والمنح الخليجية التي أعلنت عنها خلال المؤتمر الاقتصادي الذي عقد مؤخرًا بشرم الشيخ، عدة تساؤلات لدى خبراء السياسة والاقتصاد الذين أرجعوا أسباب هذا التأخر للظروف التي تمر بها الدول الخليجية سواء بحربها في اليمن، إضافة إلى انخفاض أسعار النفط على مستوى العالم. وقال الخبير الاقتصادي مصطفي عبد السلام، إن هناك ثلاثة أسباب وراء تأخر وصول المساعدات الخليجية لمصر، والتي أعلن عنها السيسي خلال المؤتمر الاقتصادي، وفى مقدمتها عدم تحمس بعض دول الخليج لإرسال هذه المساعدات في ظل الوضع المالي الذي تمر به هذه الدول، إضافة إلى أن المساعدات المالية السابقة لم يظهر لها أثر ملموس سواء على مستوى تحسين الأحوال المعيشية للمواطنين وتهدئة الأسعار، أو تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي من عجز في الموازنة العامة وزيادة الدين المحلي. وأضاف عبد السلام، أن انشغال دول الخليج بتغطية نفقات الحرب على اليمن، والذي دفع دولاً خليجية مثل السعودية إلى سحب مليارات الدولارات من احتياطياتها النقدية لتغطية نفقات الحرب التي دخلت أسبوعها الثالث، يعد سببًا فى تأخر المنح أيضًا، كما أن هناك تأثرًا باستمرار تراجع أسعار النفط، رغم زيادة حدة التوتر في المنطقة. وأشار إلى أن المساعدات الخليجية ستصل مصر، خاصة مع الوضع الصعب الذي يمر به احتياطي مصر من النقد الأجنبي، لكن السؤال المطروح هنا هو: وماذا بعد إنفاق مصر كل هذه المليارات الجديدة من المساعدات، وهل ستطلب مساعدات جديدة وتحت أي عنوان وبأي مبرر؟ وهل ستجد في هذه الحالة استجابة من قبل دول الخليج؟، أم أن الظروف الجديدة التي وجدت دول الخليج نفسها فيها ستمنعها من التعهد بمساعدات جديدة سواء لمصر أو لغيرها من الدول؟. فيما فسَّر الدكتور حازم حسني، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، تأخر وصول المساعدات الخليجية لمصر، والتي تم الإعلان عنها خلال المؤتمر الاقتصادي المنعقد في مارس الماضي، بوجود مشاكل بين مصر ودول الخليج في شروط تحويل المساعدات. وقال "حسني" ل"المصريون" إن النظام المصري، يرغب في صرف المساعدات الخليجية وفق أجندته الخاصة، على هيئة منح، في حين أن دول الخليج ترغب في تحويل المساعدات على هيئة إيداعات واستثمارات. وأكد "حسني" أن دول الخليج لن تمنح مصر مساعدات بسخاء كما كان في وقت سابق، حين تركت نظام السيسي يصرف المساعدات كيفما يشاء، وحين رأت أن مصر مرت مرحلة الخطر، وبالتالي لا منح إضافية بدون مقابل تدفعه مصر. وأضاف الخبير السياسي والاقتصادي أن دول الخليج لديهم رغبة قوية في ترشيد نفقاتهم في المستقبل، وبالتالي هم يعملون حسب مصالحهم وليس حسب أهواء السيسي ونظامه. وأشار إلى أن الخليج لن يعطي مصر مساعدات أو يقف بجوارها من أجل أن يجعل يدها هي العليا، لافتا إلى أن حرب اليمن الحالية كشفت أن الوضع قد تغير، وأن الخليج لن يقبل ابتزازات مصرية جديدة على غرار رسائل "مسافة السكة" التي كان يقولها السيسي دوما، وبالتالي هم أعلنوا الحرب على الحوثيين في اليمن، دون مشاورة مصر، ليثبوا للسيسي أنهم ليسوا بحاجة لقواته. وأعلنت الإمارات والسعودية والكويت وعمان، عن تقديم مساعدات ومنح واستثمارات لمصر بنحو 12.5 مليار دولار، وذلك في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر القمة في شرم الشيخ، إلا أن تلك المنح لم تصل مصر رغم مرور أكثر من 40 يومًا من تاريخ الإعلان عنها.