من المعلوم ان كل شعب من الشعوب غير المسلمة في مشارق الارض ومغاربها يفتخر بعلمائه في شتى مجالات العلوم الدينية والدنيوية ... ومن العجيب ان هناك من بين المسلمين في هذا الزمان من ارتفع صوته بإهانة الصحابة رضوان الله عليهم وبتحقير كل علماء الاسلام من صدر الاسلام وحتى الان .. وبينما تفتخر الامم الاخرى برموزها وعلمائها يريد منا البعض ان نتبرأ من فقهاء الامة الاسلامية الذين اجتهدوا في وضع قواعد العلوم الفقهية والشرعية .!! وعلينا ان ندرك ذلك المخطط الخبيث .. فما يحدث من هجوم على أئمة المذاهب الفقهية الاربعة من هنا او هناك هدفه إلقاء التراب على كل شيء جميل وعظيم في تاريخنا الإسلامي خاصة الفقهاء والعلماء الذين خدموا الدين الاسلامي وأسسوا قواعد العلوم الشرعية على مر السنين .. واجتهدوا في استنباط الأحكام الشرعية ... وان كانوا قد اختلفوا في عدد من القضايا وأسس كل واحد منهم مذهبا فقهيا مستقلا إلا ان اختلافهم كان رحمة بالامة ...
وامام هذه الهجمة الشرسة علينا جميعا ان نفتخر بأجدادنا أئمة المذاهب الفقهية الاربعة .. وان نفتخر بعلماء وفقهاء الامة الاسلامية عبر العصور فهؤلاء هم فخرنا وعزنا ودليل نهضتنا الاسلامية قديما وعلى خطاهم نسير لاحياء الامة من جديد .. وعن فقهاء المذاهب الاربعة ، وصلني أحدث اصدارات إدارة الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت وهو الكتاب الموسوم ب «المذاهب الفقهية الأربعة، أئمتها أطوارها أصولها آثارها». وهو نتاج علمي لوحدة البحث العلمي في إدارة الإفتاء بدولة الكويت . ويبين الكتاب منزلة أصحاب المذاهب الأربعة، ومكانة أصحابها، حيث تناول الكتاب كل مذهب على حدة، من حيث معرفة أئمته، وكتبه، وأصوله،ومصطلحاته التي توضح دلالاته ورموزه . وعرضت إدارة الإفتاء بالكويت ما كتب فيه عن كل مذهب من المذاهب الفقهية الأربعة على عالم مختص في كل مذهب، لتقييمه واعتماده من الناحية العلمية والمنهجية .
فراجع الفقيه الحنفي الدكتور أحمد الحجي الكردي ما يتعلق بمذهب الامام ابي حنيفة النعمان ، وراجع فَقِيه المالكية الدكتور بومِيَّة بن محمد السعيد مذهب الامام مالك بن أنس ، وراجع فَقِيه الشافعية الشيخ علي خالد الشَّرْبَجيّ مذهب الامام الشافعي ، وراجع الفَقِيه الحنبلي عدنان بن سالم النَّهَّام مذهب الامام احمد بن حَنْبَل
وجاء في مقدمة الكتاب : ان المذاهب الفقهية الاربعة هي المذاهب التي تلقتها الامة بالقبول جيلا بعد جيل فكان عليها مدار الفتوى في عامة بلاد المسلمين واليها المرجع للفصل بين المتنازعين في المحاكم الشرعية وعليها المعول في التدريس بالمدارس النظامية والحلقات المسجدية وبها تفقه علماء الاسلام على اختلاف مدارسهم واليها انتسبوا ...
وما ذلك الا لما تميزت به مذاهبهم عن غيرها من جلالة اصحابها وصحة المنقول عن أئمتها واستقرار أحكامها وتحرير الأقوال فيها ومعرفة مشهورها من شاذها وصحيحها من ضعيفها ... وعناية المنتسبين اليها بخدمتها وتنقيحها و الاحتجاج لصحة أقوالها والتخريج على نصوصها وقواعدها وما الى ذلك ...
اضافة الى هذا فقد امتازت أقوال هذه المذاهب في المسائل الخلافية واختياراتهم الحكمية بالموافقة لأصول الشريعة وقواعدها ومقاصدها العامة وروحها .
بعد هذه الخدمة الجليلة التي أسداها فقهاء المذاهب الاربعة للأمة الاسلامية بوضعهم قواعد الأحكام الشرعية ... آلا يحق لنا ان نفتخر بهم ونرفض مساس البعض بهم بهدف تحقيرهم وصرف الناس عن طلب العلم الشرعي واشاعة الفوضى الدينية والفقهية في المجتمع ..!!!