"أتمنى أن أعود لبلدي، وأضع طفلي بين أهلي، فكلما اقترب موعد ولادتي شعرت بالأسى والحزن، فلا أتحمل فكرة أن أضع وليدي بعيدا عن وطني". بهذه الكلمات عبرت أم سجى الحامل في منتصف شهرها الثامن من سكان محافظة حضرموتجنوبي اليمن في حديثها للأناضول عن خشيتها من أن تمر الأيام سريعا وتدخل في شهرها الأخير من الحمل وهي لازالت في مصر دون أن تعود إلى ديارها لتضع حملها بين أهلها وذويها. أم سجى المعيدة في إحدى الجامعات اليمنية، وتحضر رسالة الماجستير في مصر، أحد مئات الحالات الإنسانية التي تعذر عودتها إلى اليمن، بسبب العمليات العسكرية التي بدأت قبل أكثر من 10 أيام وما تبعها من غلق المجال الجوي أمام الطيران المدني. وبحسب السفير اليمني في القاهرة محمد الهيصمي فيوجد حوالي 4 آلاف يمني – على الأقل - عالقين في القاهرة (معظمهم من المرضى والنساء) يجري بحث سبل عودتهم أو تقديم المساعدات لهم، حتى يتم الوصول إلى آلية تمكنهم من العودة إلى اليمن في ظل ظروف الحرب التي يعيشها اليمن الآن، والتي توقفت بسببها خطوط الملاحة الجوية من وإلى اليمن. وأوضح السفير اليمني في تصريح صحفي أن معظم العالقين ظروفهم صعبة ولم يكونوا مستعدين للاستمرار في العيش بالقاهرة فترة أكثر، حيث إن عددا منهم جاء القاهرة من أجل العلاج أو الدراسة، أو أمور أخرى، ولم يكن في حسبانهم أن يظلوا بعيدا عن بلدهم وقت طويل. وأشار إلى أن هناك جهودا تُبذل عبر التواصل مع منظمة الهجرة الدولية ومكتب الأممالمتحدةبالقاهرة، من أجل التوصل إلى حلول بشأن هؤلاء العالقين وبحث سبل مساعدتهم وتوفير ممرات إنسانية ووسائل سفر آمنة، لتأمين الوسيلة المناسبة لعودتهم إلى اليمن تحت رعاية الأممالمتحدة. أحمد يمني من تعز (جنوب)، جاء إلى مصر مع زوجته لعلاج والديه، وكانت رحلته العلاجية مريرة على المستوى النفسي وطويلة ومكلفة جدا، وبعد أن وصل إلى مرحلة مُرضية من العلاج، حلم بالعودة إلى وطنه، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهيه السفن، ولم يفق من حلمه إلا وهو في طابور طويل يسجل اسمه في سجلات العالقين التي ترصدها غرفة العمليات في السفارة اليمنية بالقاهرة، وهو يتخيل مشهد اللاجئين الفلسطينيين والسوريين في الطوابير الطويلة التي أصبح هو جزءا منها. واعتبر الناشط والقانوني اليمني جمال محسن في تصريحه للأناضول أن "أزمة الرعايا اليمنيين العالقين داخل مصر ستشكل مع مرور الوقت عبئاً سياسياً واجتماعياً، محلياً ودولياً"، مشيرا إلى أن "طبيعة الحلول لابد أن تكون أيضا مناسبة لطبيعة وظروف اليمنيين الذين في معظمهم مرضى وكبار سن ونساء يتعذر عليهم السفر برا أو بحرا". في المقابل، يقوم بعض رجال الأعمال اليمنيين المتواجدين في مصر بجهود رمزية لتوفير المساعدات وإعالة بعض الأسر، إلا أن العدد كبير، ولا تفي معه الجهود الفردية ويتطلب جهداً كبيراً ومكثفاً، بحسب مراسل الأناضول. ولا يوجد إحصاء دقيق لعدد اليمنيين الذين يعيشون في القاهرة. ويدور نقاش محتدم بين بعض اليمنيين الذي يتظاهرون يوميا أمام السفارة اليمنية بحي الدقي، غربي القاهرة، والتي راعت السلطات المصرية توفير الحماية الكافية لها، حيث يرى البعض أن على الدول التي ترعى التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين (عاصفة الحزم) أن تعمل على إيجاد حلول للعالقين اليمنيين، فهي المتسبب في هذا الوضع. بينما يعتبر آخرون أن الوضع السياسي الذي تسبب فيه رعونة التصعيد الحوثي وسيطرة مليشياته على المشهد اليمني وانقلابه على العملية السياسية هي السبب في معاناة اليمنيين في الداخل والخارج. ومنذ 26 مارس الماضي، تواصل طائرات تحالف تقوده السعودية، قصف مواقع عسكرية لمسلحي جماعة "الحوثي" ضمن عملية "عاصفة الحزم"، التي تقول الرياض إنها تأتي استجابة لطلب الرئيس عبد ربه منصور هادي بالتدخل عسكرياً ل"حماية اليمن وشعبه من عدوان الميلشيات الحوثية".