الجزائر وسلطنة عمان تدعمان عودة «منصور هادى» ضمن مجلس رئاسي.. السعودية ترفض أي دور للحوثيين.. وباكستانوتركيا تجهزان لتسوية تواصلت للأسبوع الثاني على التوالي عملية "عاصفة الحزم" العسكرية باليمن التي تقودها السعودية في إطار تحالف عربي ضد جماعة الحوثيين، وحليفها الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، استجابة لنداء الرئيس عبدربه منصور هادي ل "حماية اليمن وشعبه من عدوان الميلشيات الحوثية"، فيما لم يعلن حتى الساعة عن عملية برية يراها مراقبون تلوح في الأفق ويحذر آخرون من خطورتها. وأعلنت مصر وباكستان استعدادها للمشاركة بقوات جوية وبحرية، كما أعلنت القاهرة استعدادها للمشاركة بقوات برية "إذا لزم الأمر". فيما تفضل السعودية شن عملية عسكرية برية ضد الحوثيين وأذناب صالح، وهو ما ظهر جليًا في تأكيدات السفير السعودي لدى الولاياتالمتحدة عادل الجبير، الذي اعتبر أن "كل الخيارات واردة في التعامل مع تمرد الحوثيين وأنصار صالح". وأكد الدكتور طارق فهمي أستاذ العلاقات بجامعة القاهرة، أن "حالة التردد في القيام بعملية برية ضد الحوثيين في اليمن تعود إلى الطبيعة الوعرة لمسرح العمليات في اليمن، وصعوبة نجاح عملية برية في ظل هذه الأجواء وهو ما يجعل الخيار الأقوى هو الرهان على القصف الجوى خلال هذه المرحلة على الأقل". ورأى أن "هناك مخاوف كذلك من إمكانية توظيف هذه المعركة لابتزاز المملكة العربية السعودية سياسيًا وعسكريًا واستهداف العمق السعودي بصواريخ باليستية بشكل بدفع الرياض إلى خوض معركة موسعة ويحول اليمن إلى مستنقع وهو ما يدفع السعودية إلى التريث". ولم يستبعد فهمي، أن "يكون لتوصل إيران لاتفاق مع القوى الدولية حول ملفها النووي دور في تصعيد الضغط على السعودية بشكل قد يخرج الأمور من تحت السيطرة ويشعل حربًا طائفية، وهو ما دفع عددًا من الوسطاء العرب للتحرك بسرعة للوصول لتسوية سريعة للأزمة". من جهته، حذر اللواء محمد على بلال، قائد القوات المصرية في حرب الخليج الثانية من مغبة مشاركة مصر في عملية برية باليمن، قائلاً: "الدخول في حرب برية سيكون سيئًا جدا نظرا لوجود تجربة سابقة سيئة جدًا لمصر في اليمن عام 1962، فمن الصعب جدًا القتال هناك، وما لم يكن هناك دعم من القبائل اليمنية نفسها، فلن تستطيع أن يكون لك وضع قوي على الأرض". وأضاف: "مصر لا تستطيع أن تدخل في حرب برية في اليمن، لأنه لا توجد حدود مشتركة بين مصر واليمن"، موضحًا أنه "لا يمكن أن نقوم بعمل نقل بحري ثم إنزال بحري حتى ندخل بريًا، لكن هناك حدود مشتركة بين السعودية واليمن، فمن الممكن أن تدخل السعودية برًا إذا أرادت ذلك، كما أن طبيعة الأرض الموجودة في اليمن صعبة جدًا أمام دخولها من قبل دول أخرى". يأتي هذا فيما أعلنت قوى إقليمية كبرى وشخصيات سياسية مؤثرة، عن دعمها لعملية "عاصفة الحزم" ومن بينهم رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف والرئيس التركى رجب طيب أردوغان، واللذين انتقدا التمدد الإيراني باليمن وتدخل طهران في شئون الدول العربية. في الوقت الذي دعا فيه مساعد وزير الخارجية الإيراني للشئون العربية إلى دعوة الفرقاء اليمنيين للعودة للحوار الوطني، مطالبًا بوقف العمليات العسكرية في اليمن، وهو ما اعتبر تراجعًا إيرانيا تحت ضغط الضربات التي أفقدت الحوثيين زمام المبادرة. وزادت الضغوط مع قيام سفن حربية تابعة لعملية "عاصفة الحزم" بضرب حصار على الموانئ اليمنية لمنع وصول أي مساعدات إلى الحوثيين، فضلاً عن السيطرة على المجال الجوى اليمنى، ومنع وصول أي دعم إيراني بشكل دفع طهران إلى طلب تدخل عدد من الدول العربية، ومنها الجزائر وسلطنة عمان للوساطة بين الطرفين وطرح مبادرات للتسوية. وتدور مبادرات حول نقل الحوار الوطني وتنفيذ مخرجاته، وتدشين شراكة وطنية بالبلاد، فيما تسعى إيران إلى الحفاظ بأي شكل من الأشكال على دور كبير لحلفائها الحوثيين في الساحة اليمنية، الأمر الذي لا يجد أدنى استجابة من المملكة العربية السعودية. في هذا السياق، قالت مصادر دبلوماسية مطلعة، إن "هناك عدة صيغ قد طرحت لمبادرة عربية ترعاها الجزائر وسلطنة عمان بدعم مصري لتسوية سياسية في اليمن تدور حول عودة الرئيس عبدربه منصور، إلى ممارسة صلاحياته في إطار مجلس رئاسي يتولى قيادته وعودة الأوضاع في البلاد إلى ما قبل 23 سبتمبر الماضي، وتفكيك كل المظاهر المسلحة في صنعاء، فضلاً عن عودة الحوثيين إلى صعدة، والتزامهم بمخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية، وانتهاء أي دور سياسي للرئيس المخلوع على عبدالله وصالح وعائلته. بينما دخلت باكستانوتركيا على خط جهود تحقيق تسوية سياسية وهو ما ظهر جليًا في زيارة العمل التي قام بها رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف إلى تركيا ولقائه مع نظيره التركي أحمد داود أوغلو، حيث يسعى البلدان التي تربطهما علاقات وثيقة بالسعودية وإيران في الوصول لحل سياسي يتمحور حول عودة الشرعية ومخرجات الحوار والمبادرة الخليجية. وقال الدكتور ناجح إبراهيم، مُنظّر "الجماعة الإسلامية"، إن "عدم فرملة إيران لجماعة الحوثيين وضبط طموحاتهم كان الخطأ الأبرز الذي ارتكبته طهران وقادها لمواجهة هزيمة ساحقة لها ولمن يخوضون الحرب بالوكالة عنها في اليمن، بل وإمكانية غروب شمسها من المنطقة كلها". وأشار إلى أن "دعوة إيران لكل أطراف الصراع اليمنى للعودة يأتي كمحاولة من جانبها لإنقاذ ما تبقى من النفوذ الحوثي، لاسيما أن استمرار قصف التحالف سيضعف بشدة من نفوذ الحوثيين وبل ويخرجهم من معادلات القوة في الساحة اليمنية ولكن يبدو أن هذه الدعوة جاءت متأخرة للغاية". وأوضح أن "مشكلة جماعة الحوثي، أن ولائها لإيران مقدم على ولائها للدولة اليمنية وهو أمر يعمق الشكوك فى الجماعة من جانب الفرقاء لاسيما أن نهج الهيمنة الذي اتبعته الجماعة خلال الفترة الأخيرة جعل التفاهم بينها وبين القوى السياسية اليمنية أمر شديد الصعوبة".