- الهدف من اعتقال الإمارات لابني هو إسكاتنا عن مناهضة نظام 30 يونيو والتشهير بجرائمه - التسريبات كشفت أبعاد المؤامرة على مرسي - كل ما يجرى فى مصر من إرهاب هو من تدبير النظام لإشغال الرأي العام عن الفشل
بقلب الأم الصابرة المحتسبة.. تحكى أم الشهيدة حبيبة أحمد عبد العزيز، اللحظات الأخيرة فى حياة ابنتها.. وفى حوار مثير أجرته "المصريون" تسرد أم حبيبة المحطات المهمة فى حياة شهيدة رابعة ولا تكتفى بذلك بل تحكى عن ملحمة صمود رابعة وما شهدته من بطولات سطرها الثوار.. وفى الحوار تكشف أم حبيبة أسرار اعتقال ابنها مصعب بالإمارات والمؤامرة التى حيكت ضد الرئيس مرسي.. أسرار وحكايات تبرزها السطور التالية من الحوار.. * هل من الممكن أن تحكى لنا اللحظات الأخيرة من حياة الشهيدة حبيبة؟ عندما بدأت المجزرة كانت حبيبة تتواصل معى من خلال "فيس بوك"، حبيبة كانت مريضة جدًا، وتشعر برعشة فى جسمها، والأدوية التى تناولتها لم تخفف من آلامها، ومع ذلك أصرت أن تكون فى قلب الحدث لتنقله على الهواء بكاميرا البث المباشر، وأن تكون بين إخوانها لتقدم إليهم المساعدة إذا لزم الأمر. فى أثناء محادثتنا، أخبرتنى حبيبة أن ما يدور مجزرة حقيقية، وأن القتل والإصابات كثيرة جدا، وأن هناك قناصًا يشير إليها بيده لتغادر المكان وإلا سيقتلها، وأشار إليها بعلامة "الذبح" إلا أن حبيبة كما أخبرتنى ردت عليه بالإشارة أيضًا.. لا، لن أغادر، وسأبقى هنا لكى أنقل للعالم هذه المجزرة، وطلبت منى الدعاء، فدعوت لها بالثبات، وبعدها بقليل، أطلق عليها هذا القناص رصاصة واحدة فى الصدر مزقت قلبها، وحطمت عظام قفصها الصدري، وخرجت من ظهرها، كما جاء فى تقرير الطب الشرعي، لقد ضربت حبيبة أروع مثال فى الثبات والصمود حتى آخر لحظة فى حياتها على الأرض. *ماذا كانت تتمنى حبيبة أن تكون؟ حبيبة حققت على المستويين العلمى والوظيفى أقصى ما يمكن أن يحققه أى أحد فى سنها، فقد درست الصحافة بالجامعة الأمريكية، ثم عملت فى صحيفة "الجلف نيوز" الإماراتية التى تصدر باللغة الإنجليزية من دبي، لكن حبيبة عاشت لأمتها وقضاياها، وكانت تتمنى الشهادة فى سبيل الله، وسعت إليها فى غير موضع إلى أن منّ الله عليها بها فى مصر، وهى فى صفوف أهل الحق.
*ما الانطباعات التى تولدت لديكِ عن رابعة قبل استشهاد حبيبة؟ رابعة كانت أرض رباط، وصلاة، وصيام، وقيام، هفت إليها الأفئدة والقلوب من كل أنحاء مصر، وعاش الناس فيها أياما من صدر الإسلام بكل ما فيه من تسامح، وسمو، وتقوى، وورع، وإيثار.. لقد كانت رابعة إعدادًا ربانيًا لأهلها لما هو آتٍ من ابتلاء مزلزل لم يكن يتخيله أحد، وقد هب الناس فى اليوم التالى للمجزرة فى مسيرات حاشدة، وهو ما أصاب النظام الحالى بالصدمة، فقد اعتقدوا أن مجزرة الأمس سحقت مؤيدى الشرعية وأنصار الرئيس، ولكن العكس هو الذى حدث، ولا يزال هؤلاء الأبطال شبابًا وفتيات وشيبًا وولدانًا فى الشوارع حتى اليوم، إنهم أهل رابعة أو من تمنى بصدق أن يكون فى رابعة ولم يحالفه الحظ. *البعض يتهم قادة الإخوان بأنهم أرادوا أن يقدموا مشهدًا مأساويًا فى رابعة.. فهل برأيك كان من الممكن أن يتفادى الإخوان مجزرة رابعة العدوية بقليل من الحكمة؟ اتهام رخيص لا دليل عليه، وقول سخيف فج لا يستحق الرد، هل أنجبنا أولادنا وبناتنا وربيناهم وعلمناهم أرقى تعليم لكى نستخدمهم (أدوات) فى حملة إعلامية ضد الانقلاب؟! ما أسخف هذا الادعاء وما أقبحه!! أما بالنسبة لمجزرة رابعة، فقد أثبتت الأيام والأحداث أن النظام ماضٍ فى سحق الإخوان والقضاء عليهم بكل وسيلة وفى أى مكان، بتهمة وبغير تهمة، وهذا يعنى أن المجزرة كانت ستقع فى رابعة أو فى غيرها، فى هذا التوقيت أو فى غير هذا التوقيت، أما كون الإخوان أخطأوا فقد أخطأوا قبل وبعد رابعة، لكن المجال والظرف لا يسمح بالحديث عن هذه الأخطاء، الحديث عن هذه الأخطاء سيكون فى وقته وأوانه إن شاء الله.
*هل تواصل معكم أحد من النظام الحالى بعد استشهاد حبيبة؟ لا، لم يتواصل معنا أحد من هؤلاء القتلة، ربما لأنهم يعلمون يقينًا كيف سيكون ردنا عليهم. *ما أسباب وظروف اعتقال ابنك مصعب فى الإمارات؟ وهل هناك مساعٍ للإفراج عنه؟ كما هو معلن، فقد تم استدعاء مصعب إلى مقر الأمن الوقائى بالشارقة فى 21 أكتوبر 2014، وعندما ذهب إلى هناك، تم اختطافه وإخفائه قسريًا فى مكان غير معلوم لنا حتى اليوم دون سبب أو اتهام، ومن خلال اتصالات والده بقنصلية دولة الإمارات فى تركيا بات واضحًا تمامًا أن الهدف من الاختطاف هو إسكاتنا عن مناهضة الانقلاب والتشهير بجرائمه، فنحن (أنا ووالده) محل ثقة الجميع، ونتمتع بمصداقية كبيرة لدى الناس، وكل ما يصدر عنا من كتابات أو تصريحات يتعامل معها المتابعون بجدية واهتمام. وقد أصدر والد مصعب بيانًا رسميًا مصورًا بيّن فيه ملابسات الاختطاف والهدف منه، وطالب المؤسسات الحقوقية اعتبار هذا البيان بلاغًا رسميًا عن اختطاف مصعب، من جهتها، فقد أصدرت كل من منظمة العفو الدولية "إمنيستي" والمنظمة الدولية لحقوق الإنسان "هيومان رايتس ووتش" بيانًا حول اختطاف مصعب، وطالبت سلطات الإمارات بالكشف عن مصيره والإفراج عنه.
*لماذا أصبحت أم حبيبة خطر على نظام 30 يونيو؟ طبيعى جدا أن أكون وغيرى من ذوى الشهداء والمعتقلين ومؤيدى الشرعية خطرًا على الانقلاب، فنحن نمثل حجر عثرة فى طريقه، ونتسبب فى عدم استقراره؛ لأن وجودنا وما يصدر عنا يشعر الانقلابيين طوال الوقت بأنهم مجموعة من الخونة والقتلة والبلطجية واللصوص، وأن هناك من يطاردهم، ويصر على الثأر منهم، وإعادة الأمور إلى نصابها، وذلك باحترام إرادة الشعب ونتائج الاستحقاقات الدستورية التى شهد الجميع بنزاهتها.
*ما رأيك فى التسريبات التى أذيعت عن السيسى وعلاقته بالخليج؟ هذه التسريبات وضعت النقط على الحروف كما يقولون، فقد تكشفت أبعاد المؤامرة على الرئيس مرسي، وتأكد الجميع أن الرئيس لم يفشل، ولكن تم كب المليارات كبًا (زى الرز) لإفشاله، أو لإظهاره فى صورة الفاشل، وهذا لم يكن صحيحًا أبدا، لقد وضعت التسريبات الناس أمام مسئولياتهم سواء فى مصر أو فى الخليج، فقد لام الكثيرون على الرئيس عدم مصارحة الشعب بحقيقة ما يتعرض له، وها هم الآن قد عرفوا، فليفعلوا ما كانوا ينوون فعله إذا كان قد صارحهم، لا عذر اليوم لأحد. *بعد مرور الوقت ما رأيك فيما يفعله الانقلاب فى سيناء من قتل؟ هل السبب فى ذلك الحرب على الإرهاب؟ لا إرهاب فى مصر غير إرهاب العسكر، وكل ما يجرى فى مصر من مظاهر (إرهابية) هى من تدبير الانقلابيين؛ لإشغال الرأى العام عن الفشل الذى يحققه الانقلاب كل يوم، وعن النهب المستمر لمقدرات البلاد على مدار الساعة، وعن التخريب المتعمد لقدرات مصر لصالح العدو الصهيونى ليل نهار.
*هل ما يقوم به النظام فى ليبيا يدخل تحت بند محاربة الإرهاب ؟ السيسى هو الإرهاب بعينه، وقد جاء السيسى ، لوقف أى تقدم أو نهضة كانت ستتحقق على يد الرئيس مرسي؛ لأن أى تقدم أو نهضة فى مصر يضر بشكل مباشر بالعدو الصهيوني. *بعد عام ونصف من نظام 30 يونيه ماذا تغير فى مصر؟ زاد الوضع فى مصر سوءًا على كل الأصعدة، وبالمقابل زاد وعى الناس بحجم المؤامرة التى تتعرض لها مصر. *برأيك كيف تنتصر الثورة المصرية؟ بزيادة الوعى بين الناس بخطورة ما يقوم به الانقلاب على مصر. · ما رأيك فى شخصية أردوغان؟ شخصية عظيمة حققت إنجازات كبيرة ونوعية لمواطنيها وبلدها. *ما أسباب حب المغتربين المصريين لأم حبيبة؟ هذا السؤال يوجه للمغتربين وليس لى إن كان هذا صحيحًا.
*بما تنصح أم حبيبة الشباب والفتيات فى مصر وخارجها؟ الثبات، زيادة الوعي، الاجتهاد فى التحصيل العلمي، التفقه فى الدين تفقها صحيحا. * ماذا تقولين لأمهات الشهداء؟ صبرًا.. فإن موعدكن الجنة مع فلذات أكبادكن، والقصاص من القتلة آتٍ بحول الله وقوته، كنّ على يقين من ذلك.
*كلمة توجهيها للمعتقلين والمعتقلات فى مصر؟ صمودكم وضع الخونة الانقلابيين فى مأزق لم ولن يتمكنوا من الخروج منه إلا إلى ساحات الإعدام، اثبتوا، اصبروا وصابروا، فليس بعد الليل إلا النهار.
*لو عادت بكِ الأيام هل كنتِ ستتركين حبيبة تذهب لميدان رابعة؟ لو استقبلت من أمرى ما استدبرت، فلن أفعل غير ما فعلت، وأزيد على ذلك، أننى كنت أتمنى أن أكون إلى جوارها فى تلك اللحظة وألقى معها المصير نفسه، فهل هناك أعظم منزلة من الشهيد؟! *ما الرسالة التى تودين أن توجهيها لحبيبة بعد استشهادها؟ وحشتيني.. وإلى لقاء فى ظل عرش الرحمن إن شاء الله.