كنت أظن – والظن أكذب الحديث كما تعلمون – إلى وقت قريب أن مشكلة سيدات مصر الرئيسة مع البدانة نظراً لعشقهن المفرط للمحشى والسمن البلدى والسمين والمفتقة وكل أطعمة التسمين البشرية التى تحرص عليها المرأة المصرية اعتقاداً منها أنها الأدوات المشروعة لجلب العريس والطريق الوحيد لنيل رضا أمه ، إذ مازال جيل الأمهات يصر على النظر بازدراء لأى واحدة لحم على عظم كما يقولون . ولا أنكر أن هذه الثقافة الموروثة تتعرض الآن لهزة عنيفة تحت موجة " التنحيف " التى تسللت على حين غفلة منا ، وفتحت باب الثراء واسعاً أمام مراكز التجميل وأخصائى الوصفات السحرية التى يمكنها إنقاص عشرة كيلو من الوزن دفعة واحدة ، ولا ننسى عمليات الشفط والفحطت وتدبيس المعدة وتصغيرها ولم يبق إلا إزالة المعدة وإراحة البال والذهن من مشاكلها !!! ولكن تصريح المتحدث الرسمى باسم مصلحة الطب الشرعى قبل حوالى يومين أعاد الاعتبار بوضوح لكل سيدات مصر البدينات إذ صرح سيادته بلغة " علمية " دقيقة أن الخرطوش الذى أطلق على الشهيدة شيماء الصباغ - رحمها الله – لم يكن هو سبب الوفاة لأن الخرطوش – حسب الطب الشرعى فى مصر – لا يقتل ولا يسبب أى أذى ، لذا فإن وفاة شيماء حدث لكونها " نحيفة " أكثر من اللازم . وبداية فطلقات الخرطوش مدينة بالفضل والعرفان لمصر المحروسة إذ إنها الدولة الوحيدة على ما أعلم التى دائما ما تعيد الاعتبار للخرطوش ، وتحرص فى كل فترة على التأكيد على نعومة وليونة طلقات الحرطوش وأنها من المستحيل أن تتسبب فى القتل ، إذ ما زلنا نذكر تصريحات الوزير " الناصرى " ذائع الصيت حسام عيسى الذى يحسب له أنه كان اول من امتلك الشجاعة الكافية وصرح بأن الخرطوش الذى تم إطلاقه على طلاب الجامعة حينها لايقتل ولكن " بيلسع " حسب تعبيره الشهير الذى صار مضرب الأمثال وظننا حينها أنها سقطة من الوزير الذى بلغ من الكبر عتياً ولم يعد يدرى ما يقول، إذ كنا حديثى عهد بالمعلومة ، فقد تمحورت معلوماتنا السابقة حول قدرة الخرطوش على القتل خاصة إذا تم تصويبه من مكان قريب من الهدف . ولكن تصريح المتحدث الرسمى باسم مصلحة الطب الشرعى نزل على قلوبنا برداً وسلاماً وأعاد الاعتبار ليس لطلقات الخرطوش فقط ولكن لحسام عيسى أيضاً بعد أن ظننا أن تصريحاته حول الخرطوش الذى " يلسع " المقصود منها تبرئة جهاز الشرطة من تهمة قتل الطلبة داخل وخارج أسوار الجامعات بل وداخل قاعات التدريس خاصة وأن معظم هذه الجرائم جرى توثيقها بالصوت والصورة . إذن اتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر واتضح لكل متجرد أن المسؤول الأول عن مقتل شيماء الصباغ هى شيماء الصباغ نفسها التى حرمت نفسها طويلاً من المحشى والمفتقة والسمن البلدى ولهثت وراء وهم وسراب اسمه " التنحيف " وأتعبت نفسها بالحرمان طويلاً من أجل التخلص من أى جرام زائد على وزنها المثالى .كان يمكن أن ينفعها فى موقعة وسط البلد . شيماء الصباغ هى المسؤولة عن قتل نفسها لأنها صدقت فى لحظة جنون انتابتها أن البدانة لها أخطار كبيرة على صحتها ونست فى غمرة نشاطها وحيوتها أن طلقات الخرطوش أقرب إليها من حبل الوريد وأنه مكتوب عليها " ممنوع الاقتراب من البدينات " . نعم جنت شيماء على نفسها وزوجها وابنها الطفل الصغير لأنه كان يجب عليها أن تعلم أن للتنحيف حدوداً كان يجب أن تقف عندها ولا تتمادى فى غيها . إذن قتلت النحافة شيماء ...... حسب تأكيد مصلحة الطب الشرعى فهل من الممكن أن تتفضل ذات المصلحة لتقول لنا ..... من قتل قبلها بيومين سندس ؟!! ومن قتل هالة أبو شعيشع ، وأسماء البلتاجى ، وحبيبة عبد العزيز ، و ..... و ......... وغيرهم كثيرات لم يكن نحيفات كشيماء ؟!!!! بل كان الجميع يتطلع لحلم اسمه " الحرية " .