دعا تقرير صادر عن مفوضية الاممالمتحدة لحقوق الانسان، اليوم الخميس، إلى إحالة الوضع في العراق إلى المحكمة الجنائية الدولية، مشيراً إلى انتهاكات ارتكبها "داعش" ترقى للإبادة الجماعية وأخرى ارتكبتها القوات العراقية والمليشيات التابعة لها. وقال التقرير، الذي وصل مراسل "الأناضول" نسخة منه، إن تنظيم "داعش" قد يكون ارتكب أخطر الجرائم الدولية بتصنيفاتها الثلاثة وهي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية. وأوضح التقرير، وجود معلومات من مصادر عديدة زعمت أن قوات الأمن العراقية والميليشيات التابعة لها ارتكبت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان أثناء عمليات الهجوم المضاد التي شنتها ضد "داعش". والتقرير الذي جمع مادته فريق تحقيق أوفدته مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان إلى المنطقة أواخر العام الماضي، يستند إلى مقابلات متعمقة مع أكثر من 100 شخص شهدوا، أو نجوا من الهجمات التي شُنت في العراق في الفترة ما بين شهري يونيو 2014 وفبراير 2015. ويضيف التقرير أن الحكومة مسؤولة عن ضمان وضع جميع القوات والجماعات والوحدات المسلحة المنظمة تحت قيادة تتولى المسؤولية عن سلوك مرؤوسيها. ودعا التقرير الحكومة العراقية إلى التحقيق في جميع الجرائم المبينة في التقرير وتقديم الجناة إلى العدالة. كما حث التقرير الحكومة على أن تصبح طرفاً في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وأن تضمن أن تُجرم بموجب القانون المحلي الجرائم الدولية المحددة في هذا النظام الأساسي. ويدعو التقرير أيضاً مجلس حقوق الإنسان إلى حث مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على أن يتناول، "بأقوى العبارات، المعلومات التي تشير إلى الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب"، وأن ينظر في إحالة الحالة في العراق إلى المحكمة الجنائية الدولية. ويوثق التقرير مجموعة واسعة من الانتهاكات ارتكبتها "داعش" ضد مجموعات عرقية ودينية عديدة في العراق، وبعض هذه الانتهاكات، يقول التقرير، قد يبلغ مرتبة الإبادة الجماعية. كما يسلط التقرير الضوء على الانتهاكات، بما في ذلك أعمال القتل والتعذيب والاختطاف، التي يُدّعى أن قوات الأمن العراقية والجماعات المسلحة المرتبطة بها قامت بها. ويخلص التقرير إلى أن التجاوزات الواسعة النطاق التي يرتكبها "داعش" تتضمن أعمال القتل والتعذيب والاغتصاب والاستعباد الجنسي والإرغام على التحول من دين إلى آخر وتجنيد الأطفال. ويقول إن كل هذه التجاوزات تبلغ مرتبة انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. وبعض هذه التجاوزات قد تشكل جرائم ضد الإنسانية وقد تبلغ مرتبة جرائم الحرب. والتقرير، الذي طلبه مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان بناء على مبادرة حكومة العراق، يذكر أعمال القتل الوحشية والمحددة الهدف التي كان ضحيتها مئات الرجال والفتيان الإيزيديين(أكراد) في سهول محافظة نينوى(شمال) في أغسطس الماضي، فضلاً عن اختطاف النساء وبيعهن ك"هدايا" واعتبارهن "غنائم حرب". ومارس "داعش" انتهاكات كبرى بحق الأقليات والمجموعات الإثنية المختلفة في العراق، بما في ذلك المسيحيين والتركمان والصابئة المندائيين والكاكائية والأكراد والشيعة، وفي غضون أيام في يونيو/حزيران الماضي، هرب آلاف المسيحيين من بيوتهم بسبب الخوف، بعد أن أمرهم التنظيم بالتحول إلى الإسلام أو دفع "الجزية" أو القتل. وتطرق التقرير إلى مجزرتي سجن "بادوش" وقاعدة "سبايكر" في يونيو الماضي اللتان قتل فيهما المئات من الشيعة على يد "داعش"، ولم تُعلن الحكومة العراقية حتى اليوم نتائج التحقيقات في الحادثتين. ويقول التقرير إنه، خلال صيف عام 2014، كان يبدو أن الميليشيات، مع تحقيق حملتها العسكرية ضد "داعش" مكاسب ميدانية، "تشن عملياتها بإفلات تام من العقاب، مُخلفة الموت والدمار في أعقابها". وأورد التقرير حوادثاً وانتهاكات راح ضحيتها العشرات من المدنيين في ديالى (شرق)، وتنسب لقوات الجيش العراقي والمتطوعون والميليشيات التي تقاتل إلى جانبه. ويخلص التقرير إلى أن أفراد قوات الأمن العراقية والميليشيات التابعة لها "قاموا بأعمال قتل خارج نطاق القضاء وتعذيب واختطاف وشردوا قسراً عدداً كبيراً من الأشخاص، مع إفلاتهم غالباً من العقاب". وهم بفعلهم هذا، بحسب التقرير، "ربما يكونون قد ارتكبوا جرائم حرب". ومن ناحية أخرى، يشير التقرير أيضاً إلى أن الخط الفاصل بين القوات الحكومية العراقية النظامية وغير النظامية أصبح "متزايد الضبابية" منذ سقوط الموصل في يونيو الماضي. ويشير التقرير إلى أنه "في حين أن هناك حاجة إلى مزيد من المعلومات بشأن الصلة بين الميليشيات والحكومة، فإن بعض الأحداث تشير، على أقل تقدير، إلى عدم حماية الحكومة للأشخاص الخاضعين لولايتها".