عندما يقتحم وكيل نيابة وعساكره غرفة العناية المركزة بمستشفى الغردقة العام أيام 21 و22 سبتمبر بهدف الحصول على معلومات عن مريضة أى ان كانت جنسيتها أو إستجواب مرضى فتعترض الطبيبة مريم عزمى على الاسلوب وترفض استجواب المرضى نظراً لظروفهم الصحية فيكون جزاؤها الاهانة ووضع الكلبشات فى يدها بعد استدعائها بتهمة التعدى على العسكرى فى تجاهل تام لما قام به وكيل النيابة من انتهاك حرمة المكان ( العناية المركزة ) وقيامه بالسطو على معلومات خاصة بالمرضى دون اذن الطبيب المعالج .. فإن هذه الواقعة نسميها عجرفة وجليطة ، لانه ببساطة كان يستطيع الحصول على ما يريد من معلومات دون تهجم ودون اقتحام بعساكر مدججين بالسلاح ودون عجرفة ومنظرة كدابة لو كان انتظر الطبيبة حتى تنتهى من عملها فى مكتب الادارة كما اقترحت عليه الدكتورة مريم عزمى . وعندما تصدم بمشاهدة فيديو لمجموعة من المتعجرفين ، ضباط وجنود ( شرطة وجيش ) يقومون بتعذيب مجموعة من المصريين ( وهو أمر مرفوض ) أى ان كانت هويتهم وتهمتهم سواء كانوا بلطجية او تجار سلاح أو حتى قتلة ، وهذا لا يعنى اننا ندافع عن المجرمين والمشبوهين ، ولكن يعنى اننا ضد امتهان الكرامة الانسانية بكل أشكالها وضد التعذيب الجسدى بكل صوره حتى لا يصبح هو العرف السائد فى دولة تسعى للتغيير وتهرول نحو إعادة هيبة القانون وسيادته ، فمن حق الجميع أن يطالب هؤلاء المتعجرفون الساديون الذين تلذذوا بتعذيب المتهمين بالصعق الكهربائى والضرب على القفا وبالألفاظ البذيئة التى لا تخرج إلا من أفواه نجسة .. من حقنا أن نطالبهم بممارسة ساديتهم تلك على كل اللصوص الذين نهبوا أموال البلد وهربوها الى بنوك الخارج ( جمال وعلاء مبارك وأفراد عصابتهم ) ،وعلى مافيا تزوير انتخابات البرلمان ( احمد عز وفتحى سرور وشركاءهم ) ، وأيضا على مبارك القابع فى أكبرمركز طبى محاطا بكل العناية والرعاية والأمان رغم كل ما أرتكبه من جرائم بحق الشعب المصرى ، من حقنا ان ننادى بالمساواة ( المساواة فى الظلم عدل ) لنصدق أن هؤلاء المتعجرفون رجالة بصحيح ، ولكننا نعلم أنهم لا قدرة لهم على ممارسة أى من أساليبهم غير الإنسانية إلا على الضعفاء بينما ترتعد فرائصهم أمام من علا شأنه بالمال والسلطة وأنحطت أخلاقه بالغرور والكبر والسلب والنهب . وعندما تقرأ عن قيام جمال مبارك ( بمنتهى العجرفة وسوء الأدب ) بفعل منافى لللقيم فى صورة إشارات بيده غير لائقة وخارجة عن الادآب العامة للمدعين بالحق المدنى لأسر الشهداء داخل قاعة المحكمة التى يحاكم فيها هو وشقيقه ووالده ووزير الداخلية ومساعديه فى قضية قتل المتظاهرين ، حينها ستعرف منبع الفساد الخلقى والعجرفة وسوء الأدب وستتساءل كيف استمرت تلك الاسرة التى لا تعرف الأدب فى حكم مصر ثلاثون عاما ؟ وكيف كان جمال مبارك سيكون رئيسا لأعظم دولة علمت العالم القيم والمبادىء الانسانية ومازالت انجازات المصرى القديم تدرس فى أكبر وأشهر جامعات العالم ؟ حينها ستدرك أن الثورة المصرية قد حققت انجازا عظيما يوم وضعت جمال مبارك وأمثاله خلف القضبان بعد ان أسقطت عن وجوههم كل الاقنعة الزائفة التى كانت تظهرهم بمظهر الملائكة وماهم الا شياطين . تصرف الدكتورة مريم التى تقدمت ببلاغ للنائب العام ضد وكيل النيابة ، وقيام زملائها بوقفة احتجاج لنصرتها ودعم موقفها تصرف حضارى ورسالة لكل المصريين ان القادم أفضل وأن ثمار الثورة بدأت تدخل مرحلة النضج وحان وقت قطافها ، وان الكرامة المصرية ستكون اعظم إنجاز لتلك الثورة لنقضى بها على عجرفة من ظنوا أنفسهم فوق القانون . المتعجرف يسره منظر الضعفاء وهم فى حالة خضوع تام له ولإملاءاته ، والسادى ينتشى فرحا بتجرع الأخرين الألم وإذلالهم ، ويزداد شعوره بالنشوة كلما أمعن فى تعذيبهم وهؤلاء الذين قاموا بممارسة التعذيب ضد متهمين مصريين ليسوا بحاجة لتحقيق معهم فى محاكم عسكرية بقدر ماهم بحاجة لعلاج نفسى على يد أطباء نفسيين متخصصين لأن السكوت على السادي الذي يعذب من يقع تحت سلطته معناه تعزيز السادية لديه ، وتعميق إحساسه بالغرور والعجرفة والتعالى على الآخرين ، يزداد خطر هؤلاء كلما فقدوا مناصبهم التى كانت تمنحهم القدرة على إصطياد ضحاياهم ، فيحاولون تعويض احساس اللذة المفقود بالانتقام ممن تسببوا فى إقصاءهم ، دون أى إعتراف بحجم الجرم الذى ارتكبوه بحق الآخرين . وعندما نتحدث عن هؤلاء الساديين ، لا يجب علينا أن نغفل حقيقة هامة الا وهى ان خطر السادى لا ينتهى بإقصائه عن موقعه ولا بمحاكمته ، ولا بتركه فى ذات المنصب ، بل بعلاجه وتقويم سلوكه الشاذ الذى يتنافى مع القيم الانسانية ، وتسليط الضوء على نماذج آخرى لم ترتكب أى جرم ولم تخالف القانون وتحظى بالإحترام والتقدير وتكون نموذجا مشرفا لجهاز الشرطة قبل أن يستفحل الأمر وينتقل الى عناصر الشرطة العسكرية التى بدأت الأصوات تتعالى بإتهامهم بنفس ما يتهم به رجال الشرطة ( تعذيب المواطن المصرى البسيط ) . العجرفة والسادية وجهان لعملة واحدة وهما افراز طبيعى لحالة الشعور بالنقص ، وسلوك الاخرين السلبى مع المتعجرف أو السادى يغذى إحساسه بالعجرفة ويدفعه للتمادى فيه حتى يتحول الى حالة مرضية تحتاج معها لعلاج نفسى لتقويمه وتهذيبه ، قبل ان يستفحل أمره ويتحول الى اتخاذ القسوة والعنف وسيلة للانتقام وهذا ماحدث بالفعل من فلول النظام ورجال الشرطة ( المتعجرفين ) الذين وجدوا فى الثورة انقلابا عليهم وعلى ممارساتهم وسحبا للبساط من تحت أقدامهم وإهدارا لكرامتهم وكسرشوكتهم ونفوذهم ، فراحوا ينتقمون من الشعب المصرى ، بتعريض حياته للخطر والتراخى فى حفظ أمنه ، واطلاق يد البلطجية ، ولم يخطر ببال هؤلاء أن الغبن والظلم والجوع والفقر هم من دفع الناس للتمرد والثورة ، كما لم يخطر على بال أحد من المتعجرفين ان سلوكه السادى كان سببا من اهم أسباب الثورة . لن تجد متعجرفاً واحداً يعترف لك بخطئه لأنه لا يرى فى نفسه عيبا ولا يرى نفسه مخطئا بل تراه يلقى التبعات على من هم أكثر منه عجرفة ، وربما تراه يتهم الضحية نفسها بالعجرفة كمن اتهم الشهداء الذين قتلوا برصاص الداخلية بأنهم هم المجرمون وهم البلطجية وان المتعجرف كان فى حالة دفاع عن النفس .. نتمنى ان تفتح أبواب العيادات النفسية لعلاج هؤلاء المتعجرفون والا فروح الانتقام ستزداد بداخلهم وستدفعهم الى ارتكاب الجرائم وتدمير الكل .