ذكرت صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية أن التفجيرات المتتالية في مصر, تبدو عمليات فردية انتقامية, بسبب "القمع المتصاعد لكافة أطياف المعارضة في البلاد", على حد قولها. ونقلت الصحيفة في تقرير لها في 10 مارس عن محللين قولهم, إن هذه التفجيرات, التي تستهدف بالأساس أفراد الشرطة وشركات محمول وفروع مطاعم غربية, لم تكن مفاجئة, في ظل القبضة الأمنية غير المسبوقة في البلاد. وأضافت "التفجيرات تبدو من تنفيذ (الذئاب المنفردة)", وفسرت هذا المصطلح بالقول :"هناك العديد من الشباب المصري, الذين رأوا زملائهم وأصدقائهم وأفراد أسرهم, يقتلون ويعتقلون أمامهم, وهو ما قد يولد لدى البعض منهم الشعور بالانتقام". واستطردت "رغم أن التفجيرات تبدو فردية, إلا أن الأخطر, الذي يهدد مستقبل مصر, هو احتمال حدوث تلاقي بين الشباب, الذين يسعون للانتقام, ويخططون بالتالي لهجمات منسقة, أو تنجح الجماعات الجهادية في استقطابهم". وضربت تفجيرات متتالية عدة محافظات مصرية منذ تولى وزير الداخلية الجديد مجدي عبد الغفار منصبه في 5 مارس، فيما اعتبره البعض محاولة لإرباك الوضع الجديد في الحكومة، خاصة وزارة الداخلية. ورصدت وكالة "الأناضول" هذه التفجيرات، وقالت إنها توزعت على ست محافظات مصرية منذ الخميس الموافق 5 مارس، وهو اليوم الذي أعلنت فيه الرئاسة المصرية عن تعديل وزاري محدود تضمن ست حقائب وزارية، بينها وزارة الداخلية، بجانب استحداث وزارتين جديدتين. وأفادت مصادر طبية بالإسكندرية في 8 مارس مصرية بمقتل شخص وإصابة ستة آخرين جراء تفجير عبوة ناسفة أمام متجر كبير بمنطقة السيوف، في حين أصيب ثلاثة أشخاص آخرون بتفجير ثان ناجم عن عبوة ناسفة أخرى في محيط قسم شرطة باب شرقي بالمحافظة. وفي 6 مارس, قتل حوالي ثلاثة أشخاص, بينهم شرطي, وأصيب عشرون آخرون في انفجار عبوة ناسفة بمدينة المحلة الكبرى شمالي القاهرة, في سياق هجمات مماثلة زادت وتيرتها في الأشهر القليلة الماضية. وقالت مصادر أمنية مصرية إن العبوة انفجرت في شارع شكري القوتلي قرب فرع لبنك الإماراتدبي الوطني ومحل للهاتف الخلوي, مشيرة إلى أن الشرطي القتيل برتبة رقيب يدعى مصطفى أحمد عبده (46 عاما), وهو من أفراد حراسة فرع البنك. وتبنت حركة تسمي نفسها "العقاب الثوري" شن ثلاث هجمات في الإسكندرية، فجر الاثنين الموافق 9 مارس، قالت إنها لاستهداف من وصفتهم ب"العسكر وحلفائهم الإماراتيين". وتابعت "العقاب الثوري" عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أنها تتبنى تفجير عبوة ناسفة بالمركز الرئيسي لفرع شركة "اتصالات" الإماراتية، وشن هجومين مسلحين وإضرام النار في بنك الإمارات بمنطقة العصافرة وبنك مصر بمنطقة السيوف برمل الإسكندرية. وذكرت أيضا في بيان لها أن هذه العمليات تأتي "لاستهداف اقتصاد من وصفتهم بالعسكر وحلفائهم" من الإمارات، مضيفة أنها تأتي "ثأرا لإعدام المعتقل محمود رمضان". وكانت الحركة توعدت في بيان لها عقب إعدام رمضان بالقصاص له، وأنها "ستضع القضاء على قائمة أهدافها نظرا لمشاركته في قتل الثوار" على حد وصف بيان الحركة. وتبنت "العقاب الثوري" في 8 مارس تنفيذ عدة هجمات بمحافظة الفيوم (جنوبالقاهرة), ردا على إعدام رمضان شملت خمس هجمات مسلحة على سيارات شرطة ونقطتي شرطة ومحكمة، متوعدة بالمزيد من العمليات الثأرية على حد قولها. يُذكر أن "العقاب الثوري" أعلنت تأسيسها في 24 يناير الماضي، عبر بيان مصور بث على مواقع التواصل الاجتماعي، كطريق جديد "للثورة على دولة العسكر", وفق قولها. ومن جانبها, تبنت جماعة "أنصار بيت المقدس" في 10 مارس تفجير سيارة مفخخة ودبابة جنوبالعريش في شمال سيناء، وذلك بعد ساعات من مقتل أربعة أشخاص, بينهم جندي وإصابة عشرات المجندين في ثلاثة انفجارات في اليوم ذاته استهدف أحدها مبنى قوات الأمن المركزي في مدينة العريش، في حين استهدف الثاني دبابة للجيش جنوبالعريش، إضافة لانفجار قرب نقطة للشرطة بإحدى قرى محافظة الفيومجنوبالقاهرة. وفي 9 مارس, استشهد ضابط صف ومجندان، وأصيب ثلاثة آخرون, في انفجار عبوة ناسفة بآلية عسكرية قرب كمين الخرّوبة، على الطريق الدولي بين العريش والشيخ زويّد بشمال سيناء. وقال شهود عيان إن قوات الجيش أغلقت الطريق الدولي بين العريش ورفح بالقرب من كمين الريسة، شرق العريش، عقب الحادث، حيث أُعلنت في المنطقة حالة استنفار عسكري للبحث عن الفاعلين. وتأتي هذه التطورات الأمنية, قبل المؤتمر الاقتصادي، المقرر عقده من 13 إلى 15 مارس، في مدينة شرم الشيخجنوبسيناء, والتي تشهد هدوءا أمنيا نسبياً، بخلاف شمال سيناء. وتكثف قوات الأمن من تواجدها في منطقة شمال سيناء، مع اقتراب المؤتمر الاقتصادي, وكذلك القمة العربية المقررة نهاية هذا الشهر بنفس المكان، لمواجهة أي هجمات متوقعة. وعقب هجمات وقعت في العريش في 29 يناير الماضي، ربط الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بينها وبين المؤتمر الاقتصادي قائلاً إن "المؤتمر الاقتصادي سيقام في موعده (13 إلى 15 مارس/آذار المقبل)، وعلى المصريين أن يحتفظوا بمعنوياتهم مرتفعة". واستهدفت هذه الهجمات مقار أمنية وعسكرية بمدينة العريش، مما أسفر عن مقتل نحو 26 شخصاً، وإصابة 45 آخرين، على الأقل -بحسب مصادر طبية- وهي الهجمات التي تبنتها جماعة "ولاية سيناء". وتشن قوات مشتركة من الجيش والشرطة حملة عسكرية موسعة بدأتها في سبتمبر 2013، لتعقب ما تصفها بالعناصر "الإرهابية"، و"التكفيرية" و"الإجرامية" في عدد من المحافظات وعلى رأسها شمال سيناء، تتهمها السلطات المصرية بالوقوف وراء هجمات مسلحة استهدفت عناصر شرطية وعسكرية ومقار أمنية، تصاعدت عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو 2013. وفي نوفمبر من العام الماضي, أعلنت جماعة "أنصار بيت المقدس" في شمال سيناء تغيير اسمها إلى ولاية سيناء وبايعت أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة, الذي يسيطر تنظيمه على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا في صيف العام الماضي, وأعلن فيها "الخلافة".