خطوات أولى متعثرة وعقبات نفسية كبيرة واجهته بعد عودته لمقاعد الدراسة التي تركها "أميّا"، لقرابة 17 عاما، ولكن تلك الخطوات الصعبة انتهت بنجاحات متتالية غيرت بشكل جذري معالم حياة الفلسطيني حامد شملخ (37 عاما). ففي كل وقت يتذكر فيه شملخ، أنه عاد إلى مقعده الدراسي بعد فترة انقطاع كبيرة بسبب أحداث الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، التي جعلت منه شابا أمياً لا يجيد القراءة والكتابة، يشعر أنه في حلم عميق، حسب قوله. ويضيف شملخ، في حديث مع وكالة الأناضول "اليوم الذي التحقت فيه بمقعد الدراسة من جديد بعد تركه 17 عاماً لم أنسه، فهو الذي أعاد لي النور في الحياة والثقة والإحساس بقيمة الذات". ويتابع الشاب الغزي: "انقطعت عن الدراسة عام 1990، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية التي كانت تمر بها البلاد، وتزامن ذلك مع بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى فأثر كل ذلك على استكمال مسيرتي التعليمية فتوقفت عن الدراسة". واندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى في 8 ديسمبر/كانون الأول 1987، وكانت شرارتها الاولى عندما دهس سائق شاحنة إسرائيلي مجموعة من العمّال الفلسطينيّين على حاجز (إيريز)، الذي يفصل قطاع غزة عن بقية الأراضي فلسطين منذ سنة 1948. وتسببت الإجراءات الإسرائيلية، خلال سنوات الانتفاضة بتسرّاب أعداد كبيرة من الطلاب من المدارس. يتذكر شملخ سنواته الأولى في الدراسة التي تركها في المرحلة الابتدائية، ولم يكن قد تعلم الكتابة والقراءة، ليلتحق بمهنة الزراعة. ولكنه أدرك بمرور السنوات أن مجتمعه الفلسطيني يريد الشاب المتعلم، معتبرا "الاحتلال الإسرائيلي يسعى بكل ما يملك لكسر عزيمته وإحباط كل إمكانياته لعدم الوصول لمرتبات علمية كبيرة". ويستطرد شملخ "ما جعلني أعود لمعقد الدراسة رؤيتي أصدقائي الذين كنت أدرس معهم في فصل واحد وقد وصلوا لمراحل تعليمية كبيرة وأنا لم أتمكن من الوصول إلى مستوياتهم التعليمية". "راودني إحساس بالخجل من نفسي، فقررت أن أعود إلى المدرسة وابدأ من الصفر"، يكمل شملخ. ويشير الشاب الغزي إلى أنه التحق بمراكز محو الأمية، عام 2007، وواجه صعوبات كبيرة في طريق الدراسة، ولم يستسلم ، وتحدى كل العقبات حتى وصل إلى دراسة الماجستير مع بداية عام 2015. ولفت إلى أنه عندما عاد إلى مقاعد الدراسة زاد شغفه في السعي وراء حلمه بأن يصبح مدرسا للتربية الإسلامية ليعلم الإسلام وتعاليمه السمحة للأجيال القادمة. ووفقاً لمركز الإحصاء الفلسطيني (مؤسسة حكومية) يوجد في فلسطين حوالي 98 ألف أمي في الفئة العمرية 15 سنة فأكثر.