البعض يعتقد ان مصر تواجه خطر الارهاب الدموي فقط ، ولا يدرك الكثيرون ان هناك نوعا آخر من الارهاب لا يقل خطورة هو الارهاب الفكري الذي يمارسه المقربون من السلطة ، فمن ينافق السلطة من اجل مصلحته الشخصية ويحجر على حرية الرأي ويخفي السلبيات ولا يطالب بعلاجها يضر بأمن الوطن مثله مثل الارهابي الذي يفجر قنبلة في الشوارع والميادين ... وبالتالي فان المنافق الوصولي يمارس الارهاب الفكري ضد الشعب والمعارضين بسلمية ، كما يمارس الارهابي جرائمه الدموية بقتل الأبرياء .. وانني اتعجب من إعلاميين وصحفيين وسياسيين يحاولون تحصين رئيس الدولة من النقد من خلال ممارسة الارهاب الفكري بالزعم ان نقد رئيس الجمهورية يهدد الامن القومي لمصر ، وتحت هذا السيف الفكري يتم ارهاب المخلصين للوطن لمنعهم من توجيه النصيحة او النقد وفق القانون لرئيس الدولة للفت نظره الى مواطن الخلل ، ونسي هؤلاء المنافقون المقربون من السلطة انه لا يوجد في الدستور او القانون او الشريعة الاسلامية أي حصانة لرئيس الدولة من النقد ... واذا حدث وتجاوز النقد حدود الأدب والقانون وأصبح سبا وقذفا فمن حق رئيس الدولة اللجوء الى القضاء لان قانون العقوبات وحده هو الذي يُبين حدود النقد المسموح وغير المسموح للموظف العام والمواطنين عموما اضافة الى ما جاء في مواد قانون الصحافة عن ذلك ...
وقد هالني ما قرأته عن ان أزمة وقعت في مجلة تصدر من مؤسسة صحفية قومية معروفة بعدائها التاريخي للاسلاميين خاصة جماعة الاخوان المسلمين وسبب الازمة هو نشر المجلة كاريكاتيرا ينتقد رئيس الدولة لتعرض الشباب للقتل من رجال الامن وليس من الارهاب .. وما أحزنني ان البعض داخل تلك المؤسسة اعترضوا على نشر الكاريكاتير بحجة ان انتقاد رئيس الدولة يهدد الامن القومي لمصر !!!! ونسي هؤلاء انه لا يوجد في الدستور ولا القانون ولا الشريعة شيء اسمه ( ان انتقاد رئيس الدولة يهدد الامن القومي ) لان هذا الكلام لا يُعمل به الا في دول العالم الثالث الدكتاتورية المتخلفة ... وهذا الكلام هو الذي صنع الأنظمة الديكتاتورية المستبدة عبر التاريخ والتي مارست القمع ضد شعوبها وأدت الى تخلف بلدانهم اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا واجتماعيا .
ومحاولات البعض ممارسة الارهاب الفكري لكل صاحب قلم او رأي لتحصين رئيس الدولة من النقد ، هو الذي يمثل تهديدا للامن القومي المصري لان هذا النهج القمعي الفكري يخالف الدستور الذي يقر مبدأ حرية الرأي والتعبير للجميع ، كما ان تحصين رئيس الدولة من النقد يؤدي الى عدم تبصيره ومستشاريه بالاخطاء، نتيجة كثرة المنافقين وقلة الناصحين ، وبالتالي تتراكم الاخطاء وتتفاقم ويصعب حلها وهذا في حد ذاته هو التهديد للامن القومي ...
ان الحرية والديمقراطية برأيي هي السياج الذي يحمي امن مصر القومي ... اما الرأي الواحد والكبت ومصادرة حرية الرأي والتعبير ، فيؤدي الى زيادة حالة التذمر لدى الشعب و شيوع السلبية وقلة الانتاج وضعف الانتماء وبالتالي ضرب الامن القومي في مقتل ...
والحاكم العاقل هو الذي لا يكتفي بتقريب المنافقين والمتسلقين بل ايضا يقرب منه الناصحين والمعارضين المخلصين ويستمع اليهم والى ملاحظاتهم على أداءه وعلى اداء الحكومة وليعلم حقيقة رأي الشعب فيه وفي حكومته فيمكنه ذلك مِن وضع الخطط مبكرا لعلاج الاخطاء قبل ان تتحول الى كوارث ..
الى رئيس الدولة ومستشاريه وبطانته اقول : ان وطننا مصر يحتاج الناصحين والمعارضين المخلصين الذين يشاركون في البناء بوضع أيديهم على مواطن الخلل لإصلاحها قبل تراكمها وتفاقمها فيصعب إصلاحها مستقبلا وقد تحدث كوارث .. ويكفي ما حدث لوطننا من شيوع النفاق والتسلق والتطبيل لرئيس الدولة والحكومة والنظام الحاكم خلال العقود الماضية ، فالنفاق والتكسب من البعض اغرق مصر في الفساد لسنوات وسنوات ... فالمنافق يهمه مصلحته الشخصية و لا يهمه الوطن ... بينما الناصح او الناقد او المعارض المخلص يحب وطنه مصر ويتمنى ان يراه افضل الاوطان ... اللهم بلغت اللهم فاشهد .
** صحفي عضو نقابة الصحفيين وعضو اتحاد الصحفيين العرب