أجمع سياسيون وقانونيون وإسلاميون على ضرورة اتخاذ موقف قوي ضد استمرار قانون "الطوارئ"، في ظل تأكيدات فقهاء القانون على أن استمرار العمل به "غير قانوني ويشكل اعتداءً صارخًا على الإعلان الدستوري"، ملوحين بالدعوة إلى تنظيم مظاهرة مليونية بميدان التحرير، إذا ما مضى المجلس العسكري في تمديد الطوارئ دون إجراء استفتاء شعبي، بعد ما ثبت أن المليونيات هي السلاح الاقوي لتحقيق أهداف الثورة وأكد الدكتور محمود السقا القطب الوفدي، أستاذ القانون الجنائية، أن قانون الطوارئ سيئ السمعة ينبغي إنهاء العمل به في أقرب وقت، معتبرا أن استمراره يعد مخالفة صارخة للإعلان الدستوري، داعيا القوى السياسية إلى ضرورة التوحد لتبني موقف جاد ضد قانون الطوارئ لاسيما أن هدفه واضح ويتمثل في تقييد الحريات. ولوح بأنه في حال عدم التراجع سيتم اللجوء إلى الشارع للتصدي لهذا القانون المشبوه، باعتبار أن إعادة العمل به يفرّغ الثورة من مضمونها ويضع قيودا شديدا علي العمل السياسي ويعيد مصر للوراء مجددا. وشدد الدكتور عبد الله الأشعل المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة على ضرورة التزام المجلس العسكري بالإعلان الدستوري وإنهاء "الطوارئ" بشكل عاجل، حتي لا يعطي ذلك رسالة خاطئة للداخل والخارج باستمرار سياسات النظام السابق. وأكد أهمية التوافق بين القوى السياسية حول إلغاء "الطوارئ"، لأن التباين في مواقفها قد يعطي الفرصة لاستمرار العمل به، وحث على ضرورة الدعوة لاستفتاء عاجل لتحديد مصير "الطوارئ" مراعاة للاعتبارات الدستورية، وإن قال إنه يفضل التراجع عن إقراره بشكل نهائي. من جهته، دعا المهندس عاصم عبدالماجد المتحدث الرسمي باسم "الجماعة الاسلامية"، المجلس العسكري إلى ضرورة الالتزام بالدعوة وبشكل عاجل لإجراء استفتاء حول تمديد "الطوارئ"، بعد أن انتهت رسميا ودستوريا بحلول 20 سبتمبر الجاري، محذرا من أن تمديدها إلى ما بعد هذا التاريخ دون استفتاء يعيدنا مجددا لممارسات نظام حسني مبارك وهو ما لن يقبله أحد جملة وتفصيلا. وشاطره الرأي الشيخ أسامة قاسم، أحد القيادات التاريخية لتنظيم "الجهاد"، مؤكدا أهمية الدعوة وبشكل سريع لإجراء استفناء على مد قانون الطوارئ حتي نرسخ احترام دولة الدستور والقانون. ولم يستبعد امكانية اللجوء للمظاهرات المليونيات إذا ما صمم المجلس العسكري علي تمديد الطوارئ دون استفتاء وعدم احترام ما فرضته نتائج الاستفتاء والإعلان الدستوري، مؤكدا ان انتهاء شرعية قانون الطوارئ يعطي فرصة للمجلس الاعلي لإطلاق رصاصة الرحمة على هذا القانون المشبوه وبدء مرحلة جديدة في تاريخ مصر. بدوره، حذر الدكتور محمد أمام رئيس المكتب السياسي لحزب "الفضيلة" السلفي من أن تمديد العمل ب "الطوارئ" دون استفتاء شعبي يفتح الباب أمام دخول البلاد في دوامة عدم الدستورية في ظل الاستحقاقات المهمة المرتقبة من انتخابات برلمانية ورئاسية. ورأى أنه لم يعد أمام القوى السياسية في تلك الحالة سوى الدعوة لمظاهرة مليونية، منتقدا بشدة تخلي بعض القوى السياسية عن المشاركة في المظاهرات المليونية بالرغم من كونها السلاح الأهم لتحقيق أهداف الثورة. متفقا معه في الرأي أكد الدكتور محمد حجاج المحامي بالنقض الأمين العام لمجلس أمناء الدعوة السلفية بالتأكيد علي أن الغاء حالةة الطوارئ هو الخيار الوحيد أمام السلطات، مطالبا بالدعوة لاستفتاء عاجل للبت في مصير قانون الطوارئ. من جانبه، أعرب حزب "الوسط" عن رفضه للحجة التي ساقها المجلس العسكري للدفع بدستورية استمرار "الطوارئ" حتى تاريخ 31/5/2011م استنادًا إلى موافقة مجلس الشعب المنحل، واتهمه بأنه "أهدر الإعلان الدستورى لصالح موافقة سابقة لمجلس الشعب التى هى أدنى منه درجة، فضلاً عن أن تلك الموافقة قد جُبَّت ومُحِقَت .. بل وسُحِقَت .. بصدور الإعلان الدستورى، فكيف يحييها المجلس العسكرى اليوم بعد موات، ويبعث فيها الروح بعد فناء"؟. وأكد الحزب في بيان أرسل إلى "المصريون" نسخة منه، بطلان استمرار "الطوارئ" دون إجراء استفتاء شعبي، لأنه بذلك يخالف الإعلان الدستورى الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى 30 مارس 2011م، لأنه ووفق هذا الإعلان فإن "حالة الطوارئ تنتهى بقوة الإعلان الدستورى بتاريخ 30 سبتمبر 2011م لمرور الستة أشهر المنصوص عليها دون تمديد". واتهم رئيس حزب "الوسط" المهندس أبو العلا ماضي، المجلس العسكري الحاكم ب "الكيل بمكيالين"، لأنه في الوقت الذي يرفض نظام "القائمة النسبية الكاملة" في الانتخابات النيابية القادمة، بشبهة عدم الدستورية إذا "به الآن يكيل بمكيالٍ آخر، وهو إهدار الإعلان الدستورى كليةً بشأن الضوابط التى أوردتها المادة 59 فى تنظيم إعلان حالة الطوارئ .. إذًا إطاحة بالدستور هنا .. ومماحكة به هناك"، على حد تعبيره. وقال إن "حزب الوسط لا يقتصر أسفه على هذا المسلك فحسب، وإنما يزداد قلقه ليبلغ مداه حول كثير من التصرفات التى صدرت مؤخرًا عن المجلس العسكرى وتناولتها كثير من الأقلام والآراء الوطنية الجادة فى الفترة الأخيرة"، معربًا عن خشيته من انهيار المنظومة القانونية برمتها، "التي تقوم على إهدار الدستور وإحياء القوانين الميتة، وصولاً إلى التضييق على الحريات، والعبث بها، على نحو قد ينذر بعواقب وخيمة". ورفض ماضي الاعتداد ب "الطوارئ" بعد نهاية المدة المحددة في الإعلان الدستوري، مؤكدًا أن "حزب الوسط يعتبر أن يوم 30/9/2011م القادم هو اليوم الأخير فى عمر حالة الطوارئ التى استمرت ثلاثين عامًا، وأن أية قرارات إدارية، أو إجراءات جنائية، قد تصدر استنادًا لتلك الحالة المنتهية، هى والعدم سواء، ويدعو أفراد الشعب المصرى جميعًا إلى التمسك بحقوقه، والذود عنها، والدفاع عن مكتسبات ثورته، مهما كان الثمن". وعبر الدكتور يمني نوح القيادي بحزب "الوسط" عن قلقه من أداء المجلس العسكري في الآونة الأخيرة خصوصا فيما يتعلق باستمرار قانون الطوارئ، مشيرا إلى أن هذا قد يحدث ردة فعل غير محمودة العواقب من قبل الثوار، وهذه المرة سيكون الخصم هو المجلس العسكري، وقد يدفع الصدام بالبلاد إلى نفق مظلم. واعتبر أنه لا قيمة لاستمرار قانون الطوارئ في ظل تأكيد كافة القانونين بأن تفعيل قانون العقوبات كفيل بإنهاء حالة الانفلات الأمني بالبلد والتقليل من معدل الجريمة. من جهته، أكد الدكتور طارق الزمر وكيل مؤسسي حزب "البناء والتنمية"، عضو مجلس شورى "الجماعة الإسلامية"، أن أداء المجلس العسكري في الآونة الأخيرة يحتاج إلى ضغط الشارع المصري وإن لزم الأمر ثورة جديدة من أجل تحقيق مطالب الثورة وإنهاء حالة الخمول التي أصابت مسارها الحقيقي لتحقيق آمال وطموحات الشارع المصري والذي كان على رأس مطالبه إنهاء حالة الطوارئ نهائيا. مع ذلك قال إنه وعلى الرغم من قوة الموقف القانوني في عدم دستورية تمديد قانون الطوارئ، وأنه سيكون مع ذلك في حال اللجوء إلى القضاء للطعن عليه، إلا أنه وبحسب رأيه، فإنه لا جدوى في القيام بأي إجراءات قانونية تجاه التأكيد على عدم دستورية تمديد الطوارئ.