لم أصدق عيني وأنا أقرأ نص الرسالة التعريفية التي أصدرها نادي قضاة الاسكندرية ، والتي يزف فيها البشرى للمصريين بأن قضاة الاسكندرية قرروا أن يقيموا حفلا خاصا للاحتفال بالدكتور اسماعيل سراج الدين ، مدير مكتبة الاسكندرية ، لكي يعلنوا من خلاله تضامنهم معه وتأييدهم له ودفاعهم عن إنجازاته "العظيمة" حسب بيان مجلس نادي القضاة ، ولكي يؤكدوا للجميع بأن سراج الدين هو منارة مصرية تفخر بها مصر وأن قضاة مصر يمنحونه تزكيتهم وشهادتهم لدعمه في تولي مناصب دولية ، حيث يمضي البيان لكي يقول ما نصه الحرفي : ينظم نادي قضاة الإسكندرية إحتفالية خاصة لتكريم الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية وذلك يوم الأربعاء الموافق 25 فبراير 2015 م. ويأتي هذا التكريم تقديرًا من نادي قضاة الإسكندرية لمجهودات الدكتور سراج الدين من أجل الإرتقاء بمستوى الثقافة والمعرفة داخل المجتمع المصري. وفي هذا الإطار صرح المستشار عبد العزيز أبو عيانة رئيس نادي قضاة الإسكندرية بأن الدكتور إسماعيل سراج الدين يمثّل منارة من منارات العلم والمعرفة في مصر. وأنه إستطاع خلال السنوات الماضية أن ينهض بمكتبة الإسكندرية نهوضًا كبيرًا لتتحول هذه المؤسسة العلمية المصرية إلى أعجوبة جديدة من عجائب الدنيا الحديثة. كما أضاف المستشار أبو عيانة بأن الدكتور سراج الدين هو أفضل من يمكن ترشيحه ليتولى منصب الأمين العام لمنظمة اليونسكو. من جهة أخرى صرح المستشار هشام بهلول أمين الصندوق وعضو مجلس إدارة نادي قضاة الإسكندرية بأن تكريم الدكتور إسماعيل سراج الدين سيتم من خلال إحتفالية خاصة يحضرها لفيف من الشخصيات القضائية المرموقة في الإسكندرية. وأضاف المستشار بهلول بأن من بين هذه الشخصيات كل من المستشار محمد علي إبراهيم مساعد وزير العدل، والمستشار سعد السعدني رئيس محكمة الإسكندرية الإبتدائية بالإضافة إلى المستشار عزت عجوة الرئيس السابق لنادي قضاة الإسكندرية ومحافظ كفر الشيخ الأسبق. هذا وتأتي إحتفالية تكريم الدكتور إسماعيل سراج الدين يوم الأربعاء الموافق 25 فبراير 2015 م في مقر نادي القضاة البحري والواقع في منطقة سابا باشا على كورنيش البحر. وتنطلق فعاليات الإحتفالية في تمام الساعة الثالثة بعد الظهر. انتهى النقل عن النص الحرفي لبيان احتفالية نادي قضاة اسكندرية . المفارقة هنا ليس في أن الموضوع بدون مناسبة ، ويبدو كمجاملات فجة لا نعرف خلفياتها بالضبط ، ولكن المفارقة الحقيقية أن إسماعيل سراج الدين هذا الذي يحتفل به قضاة الاسكندرية ورؤساء محاكمها ، هو نفسه إسماعيل سراج الدين المتهم بعدد من القضايا المتعلقة بالفساد واهدار المال العام وغير ذلك ، وبعض تلك القضايا ما زالت منظورة أمام قضاة الاسكندرية ، وبعض تلك القضايا يتم تأجيلها حوالي ستة عشر مرة طوال حوالي ثلاث سنوات ، حيث حكم على مبارك والعادلي ونظيف وعز وغيرهم ، إلا إسماعيل سراج الدين ، سره باتع ، وما زالت قضاياه معلقة في المحاكم حتى الآن . استعصى علي أن أفهم كيف يكون المتهم الماثل أمام محاكم الاسكندرية الآن ، هو نفسه الذي يصفه رؤساء تلك المحاكم بأنه فخر مصر ومنارة من مناراتها ، ويعقد له السادة القضاة احتفالية كبيرة من أجل تكريمه على إنجازاته العظيمة ، ليس هذا فقط ، وإنما أيضا من أجل الإعلان عن دعم القضاة له وتزكيته لتولي مناصب دولية ، في حين أنه يحاكم حتى الآن أمامهم بالتهم التي حققت فيها النيابة العامة وقررت أنها اتهامات جدية وبناء عليه قامت برفعها للمحاكم ، وقدم فيه الجهاز المركزي للمحاسبات تقارير ضافية مفصلة عن إهداره ملايين الجنيهات من المال العام . أعترف بأن مصر أصبحت عصية على الفهم هذه الأيام ، وكثير مما يجري فيها في مجالات كثيرة لا يمكنك قياسه بمنطق ولا موازين للفهم أو العدل فضلا عن الشفافية ، ولكننا نتعلق دائما بالأمل في أن يكون الغد أفضل ، وأن يتغمد الله هذا البلد الطيب بلطفه ورحمته .