قال "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" (آي.آي.إس.إس)، اليوم الأربعاء، إنه بعد ثلاث سنوات من التراجع الحقيقي، ارتفع الإنفاق العسكري العالمي في عام 2014 (بنسبة 1.7 ٪) مقارنة بعام 2013، لاسيما في العديد من الاقتصادات الناشئة، فيما جاءت السعودية وإسرائيل في صدارة دول الشرق الأوسط الأكثر إنفاقا على الدفاع. جاء ذلك في ملخص نشره المعهد على موقعه الإلكتروني يوجز محتويات تقرير "التوازن العسكري لعام 2015"، الذي أصدره، اليوم، في مؤتمر صحفي جون تشيبمان، المدير العام والرئيس التنفيذي للمعهد، الذي يقع مقره في لندن، وهو مؤسسة عالمية (مستقلة) رائدة في مجال الأمن العالمي، والمخاطر السياسية والصراع العسكري. وعلى غرار السنوات السابقة تصدرت الولاياتالمتحدة قائمة الدول ال15 صاحبة أكبر موازنة إنفاق عسكري في عام 2014 بإنفاق 581 مليار دولار أمريكي، تلتها الصين بإنفاق 129.4 مليار دولار وفي المرتبة الثالثة السعودية بإنفاق 80.8 مليار دولار، وفي المرتبة الرابعة روسيا بإنفاق 70 مليار دولار وفي المرتبة الخامسة المملكة المتحدة بإنفاق 61.8 مليار دولار، أما إسرائيل فجاءت في المرتبة ال 13 بإنفاق 23.2 مليار دولار، حسب التقرير. وفي التقرير السابق للمعهد، تصدرت الولايات، أيضا، قائمة الدول ال15 صاحبة أكبر موازنة إنفاق عسكري في عام 2013 بإنفاق 600.4 مليار دولار أمريكي، تلتها الصين بإنفاق 122.2 مليار دولار وفي المرتبة الثالثة جاءت روسيا بإنفاق 68.2 مليار دولار، ثم السعودية في المرتبة الرابعة بإنفاق 59.6 مليار دولار وفي المرتبة الخامسة المملكة المتحدة بإنفاق 57 مليار دولار، أما إسرائيل فجاءت في المرتبة ال 14 بإنفاق 18.2 مليار دولار. وبلغ حجم الانفاق العالمي في هذا العام (2013) ترليون و595 مليار دولار أمريكي. التقرير الجديد للمعهد الصادر، اليوم، أوضح أنه بعد 3 سنوات من التراجع الحقيقي، ارتفع الإنفاق الدفاعي العالمي في عام 2014 (بنسبة 1.7٪) مقارنة بعام 2013، لاسيما في العديد من الاقتصادات الناشئة، وخاصة آسيا والشرق الأوسط وروسيا، لكنه لفت إلى أن التوزيع الجغرافي للإنفاق الدفاعي يتغير. وأوضح أنه نتيجة للأزمة المالية عام 2008، أجرت معظم دول حلف شمال الأطلسي وأوروبا مراجعات على (موازنات) الدفاع، التي شهدت خفضا لا يستهان به لهذا البند. وعلى الرغم من أن قوات الولاياتالمتحدة لا تزال تشكل قدرة عسكرية هائلة في أوروبا، شهدت عملية "إعادة التوازن" في 2014 خفض القوات الأمريكية في أوروبا مقابل رفعها في الشرق الأوسط ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ. واعتبر التقرير الذي يحلل القدرات العسكرية ل171 بلدا، أن زيادة عدم الاستقرار بشكل كبير في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، والصراع في أوكرانيا وسلوك القوات الروسية، يعني أن المنطقة المجاورة لأوروبا أقل أمنا بكثير مما كانت عليه في عام 2008. وأضاف: "في بداية عام 2015، كان مخططو الدفاع والأمن يدرسون العام السابق الذي زاد أزمات إضافية إلى البيئة الأمنية العالمية المعقدة بالفعل والتي تعاني من الانقسام بشكل متزايد. فيما واجه الأمن الأوروبي تحديه الأكبر منذ نهاية الحرب الباردة إثر ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وإثارة عدم الاستقرار في شرق أوكرانيا". وتابع: "وفي الشرق الأوسط هدد التقدم السريع لتنظيم داعش في سورياوالعراق الدولة العراقية، وأدى إلى مزيد من الاهتمام العسكري من قبل الدول الإقليمية. وانتهى العام بإقدام الولاياتالمتحدة مجددا على نشر قوات في مهمة تدريبية إلى العراق، وفي الوقت نفسه قيادة تحالف واسع متعدد الجنسيات في العمليات الهجومية ضد داعش". وفي كلمته خلال المؤتمر، قال "تشيبمان"، الرئيس التنفيذي للمعهد، إن الواقع الاستراتيجي في عام 2015، يتمثل في عودة ظهور النزاع في أوروبا، والتهديد الآخذ في التنامي للجماعات الإسلامية المتطرفة في الشرق الأوسط وأفريقيا. وأشار إلى أن ارتفاع الإنفاق العسكري العالمي بنسبة 1.7٪ في عام 2014، هو أول ارتفاع له منذ عام 2010، فيما انخفض إنفاق الولاياتالمتحدة على الدفاع من 47٪ من الإجمالي العالمي عام 2010 إلى حوالي 38٪ عام 2014. أوروبا وفق التقرير، واصل الإنفاق العسكري الأوروبي التراجع الذي يشهده منذ الأزمة المالية عام 2008، وانخفض بشكل تراكمي في عام 2014 بنسبة 8٪، من حيث القيمة الفعلية مما كان عليه في عام 2010. وكانت هناك دلائل تشير إلى أن البيئة الاستراتيجية الأكثر تحديا تغير أولويات الميزانية، وخاصة في شمال وشرق أوروبا وسط القلق بشأن الثغرات المحتملة في قدرة حلف الناتو لمواجهة استخدام روسيا تقنيات الحرب الهجينة. ورغم ذلك، استمر تراجع مخصصات الدفاع لدى اللاعبين العسكرين الرائدين في أوروبا. وكذلك استمر خفض المعدات العسكرية في جميع أنحاء القارة، في ظل تركيز صناع السياسات بدلا من ذلك على القدرات المتقدمة لمعدات المستقبل منذ الحرب الباردة. وبين عامي 1995 و2015، انخفضت أعداد الدبابات القتالية في مختلف أنحاء أوروبا من 25 ألف إلى أقل من 8 آلاف في حين انخفضت أعداد المقاتلات وطائرات الهجوم الأرضي من 5400 إلى 2400. سورياوالعراق و"داعش" لفت التقرير إلى أنه في الوقت الذي تتحدى فيه روسيا النظام الأمني الأوروبي عبر تدخلها في أوكرانيا، فإن تهديد الإرهابيين المتطرفين زاد وطأة خلال العام، وأصبح صعود "داعش" وتدفق الجهاديين من وإلى مختلف مسارح الحرب بالشرق الأوسط شاغلا رئيسيا للدول الأوروبية. وطالب التقرير أجهزة الاستخبارات بأن تركز بشكل كبير على التهديدات التي تتعرض لها المجتمعات الأوروبية، جراء عودة الجهاديين من مسارح الحرب في الشرق الأوسط. التقرير لفت أيضا إلى أن الطبيعة الهجينة لتنظيم "داعش" الذي يضم في جزء منه متمردين، ومشاة، ومجموعات إرهابية، أثبتت أنها العامل الرئيس في التقدم الذي يحرزه. كما أظهرت حملاته في العراقوسوريا أن التنظيم خصم قابل للتكيف، ويتجلى ذلك في تعديل تكتيكاته أواخر عام 2014 للحد من تعرض قواته للضربات الجوية للتحالف الدولي. ومنذ إطلاق حملته ضد "داعش" في أغسطس/ آب عام 2014، حقق التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة نتائج متباينة في كل من العراقوسوريا. ولعبت استراتيجية إعطاء الدعم الجوي الممتد إلى الحلفاء المحليين بالتأكيد دورا في كسر الزخم الاستراتيجي الذي حققه التنظيم المتطرف في صيف عام 2014، حسب التقرير. وقال التقرير إن القوة الجوية للتحالف كانت حاسمة في العراق، وخاصة في استرداد السيطرة على سد الموصل في شهر أغسطس/ آب، وكذلك الدفاع عن أربيل، عاصمة إقليم شمال العراق من هجمات "داعش". كما قدمت إيران أيضا الدعم الجوي للعراق. وفي سوريا، كان الاستخدام المكثف للقوة الجوية حاسما في الدفاع عن مدينة كوباني الكردية". ورغم ذلك، أقرت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي، أن إجمالي المكاسب التي تحققت ضد "داعش" في العراق تصل إلى 1٪ فقط من الأراضي التي كان يحتلها في ذلك البلد. ومضى التقرير قائلا: "من الواضح أن حلفاء الولاياتالمتحدة على أرض الواقع، من قوات البيشمركة الكردية والجيش العراقي والجيش السوري الحر، ليسوا أقوياء بما يكفي حتى الآن، على الرغم من أن الولاياتالمتحدة تمدهم بالأسلحة والتدريب والدعم الجوي، لتحقيق انتصارات ضد داعش". وأضاف: "الديناميات (التحركات) الأمنية المعقدة في جميع أنحاء المنطقة تعني أن الإنفاق الدفاعي الإقليمي كان بالفعل عاليا، ويبقى الإنفاق أكثر تركيزا على أنظمة الدفاع والضربات الجوية لا سيما في الخليج، رغم أن بعض الدول قد استثمرت في قدرات المروحيات والنقل الجوي والناقلات، وكذلك المدرعات وأنظمة المدفعية". وفي عام 2011، كان متوسط نمو الإنفاق الدفاعي الفعلي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 3.5٪، بحسب التقرير الذي قدر أنه في كل عام منذ ذلك الحين، زاد الانفاق بمعدل 10٪. التقرير قال إنه "في عام 2014، بدا وضع نظام الرئيس بشار الأسد أقوى من أي وقت مضى. وقرار الولاياتالمتحدة في سبتمبر(أيلول) 2013، العدول عن سعيها لتوجيه ضربات جوية ضد الأهداف السورية مقابل تخلي دمشق عن ترسانتها الكيميائية، إلى جانب استمرار تردد الغرب في دعم المعارضة المسلحة، وصعود "داعش"، أعطوا النظام (السوري) مساحة سياسية وعسكرية للانخراط في العمليات الهجومية، واستعادة الأرض وإحباط جهود التمرد". ومضى قائلا: "نتيجة لذلك، نجحت قوات النظام في تخفيف ضغط المتمردين على العاصمة، واستعادت معظم أجزاء حمص وقلصت المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في حلب. وهذا أمن بصورة أكبر الممر المركزي الذي يربط دمشق بحلب والمناطق الساحلية". أفريقيا عن القارة السمراء، قال التقرير: "واصلت جماعة (بوكو حرام) تقدمها في منطقة شمال نيجيريا، وامتدت هجماتها إلى الكاميرون والنيجر المجاورة"، مضيفة: "كانت القوات النيجيرية تواجه قوى تفوق قدرتها في كثير من الأحيان، وفي غياب استراتيجية سياسية / عسكرية ملائمة والالتزام من جانب حكومة نيجيريا، يمكن أن تتزايد رقعة المنطقة تحت سيطرة المتمردين بشكل كبير".