وصف المفكر السياسي، الدكتور مصطفى الفقي، تنظيم "داعش" بأنه "صنيعة الغرب والقوى الشريرة التي تقف وراءهم وتقدم لهم الدعم والأسلحة، والتي تستهدف الأزهر بالهجوم الدائم الذي يمثل الوسطية والاعتدال، بهدف إلصاق تهمة التطرف والإرهاب بالإسلام". وقال الفقي خلال ندوة بعنوان "من الإلحاد والتكفير... إلى العنف والإرهاب"، بجامعة الأزهر بحضور عدد من علماء الأزهر، إن فئة من المسلمين أصبحت تدعم مَن يشوه صورة الإسلام بحرق الأسرى وسبي النساء، وهي مرحلة خطيرة في ديننا يجب أن نتنبه لها. واعتبر أن "موجات الإلحاد شأنها شأن التطرف، فكلاهما نقيض للإسلام المعتدل، فالفضيلة هي وسط بين متناقضين هما الإلحاد وإنكار الذات الإلهية والتطرف والإرهاب". واستنكر الفقي ردة فعل مجلة "شارل ايبدو" الفرنسية تجاه العالم الإسلامي الذي خرج ليستنكر الهجوم الذي تعرضت له المجلة، فردت المجلة على ذلك بنشر 8ملايين نسخة مسيئة لسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم. وقال إن "الإسلام مستهدف أكثر من أي وقت مضى، وهو دين السماحة، فلقد قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم – لجنازة رجل يهودي، وهو مَنْ قال : " من آذى ذميا فقد آذاني". وأضاف: "لذا يجب على الجميع أن يعمل على دعم وتعزيز دور الأزهر الشريف؛ لأنه هو السبيل الوحيد لمواجهة هذا الخطر"، واعتبر أن "الهجوم على الأزهر يؤكد عظم دوره؛ فهو أكبر مركز إسلامي سني في العالم، وهو منفتح على كافة المذاهب الإسلامية". وتابع: "علماء الأزهر الشريف كانوا دائمًا رواد الفكر والثقافة والتجديد، كالإمام محمد عبده، رائد الإصلاح ليس في الفكر الديني والاجتماعي فقط بل في الفكر الإنساني كله، والشيخ رفاعة الطهطاوي وغيرهم من رواد التنوير من علماء الأزهر الشريف". من جهته، نفى الدكتور إبراهيم الهدهد نائب رئيس جامعة الأزهر، ردًا على سؤال من أحد الحضور، أن يكون الأزهر قد اختُرق من الفكر المتشدد. وأضاف "من يقود العنف والإرهاب اليوم هم من غير خريجي الأزهر، ورغم ذلك يحاول البعض أن يلصق تهمة الإرهاب بالأزهر الشريف"، مستهجنًا ما فعله تنظيم "داعش" من حرق للطيار الأردني باسم الإسلام، "فالله عزوجل قد عاتب نبيًا من الأنبياء بسبب حرقه لقرية من النمل، ونهى الإسلام عن ذبح الحيوانات أمام بعضها البعض". وقال إن "الأزهر أول مؤسسة فتحت ذراعيها لتعليم العلوم التطبيقية في العالم وقت أن كان يخيم الظلام على أوروبا كلها، فابن الهيثم كان يدرس العلوم التطبيقية في الجامع الأزهر، وابن يونس المصري كان يعلم فيه الفلك، كما احتضن الأزهر تعليم المرأة حيث كانت تعقد به جلسات خاصة لتعليمها، وعندما بحث محمد علي عن من يعينه في نهضة مصر لم يجد إلا الأزهريين ليبعثهم إلى أوروبا، لا ليطلبوا علوم الدين بل ليطلبوا علوم الدنيا؛ فأول من ابتعث لتعلم الطب والهندسة هم من الأزهر الشريف، ولا زال هذا الدور مستمرًا فالأزهر به 25 ألف أستاذ جامعي، منهم 9 آلاف أستاذ في مجال العلوم التطبيقية. وأوضح الهدهد أن الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أعلن برنامج الدرجات الخاصة لتعليم اللغات الإنجليزية والفرنسية وغيرها، استكمالًا لدور الأزهر التنويري والحضاري، كما يدرس الأزهر الدراسات الإسلامية بعدة لغات. وقال الدكتور محمد مهنا مستشار شيخ الأزهر، إن "البعض يحاول إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام فلم تعد تذكر كلمة إرهاب إلا وتتوجه أصابع الاتهام إلى الإسلام، وقد عمق هذه الصورة ماترتكبه بعض الجماعات من أعمال إرهابية باسم الإسلام، رغم أن هذه الصورة لا تعكس الحقيقة". وأضاف أن "مصطلح الإرهاب ظهر لأول مرة مع الحركات الثورية التي قامت في أوروبا لإزاحة الدين وإسقاطه من حياة الناس، فبعد قيام الثورة الفرنسية وضع "الرعب" على جدول أعمال مُشَرِّعِي الثورة الفرنسية كوسيلة مشروعة لمحاكمة أعداء الثورة حيث أصبح الرعب سيفًا مسلطًا على الجميع، فلأول مرة يكرس الرعب والإرهاب لتحويل الناس من النظام الديني إلى النظام المدني الذي يعادي الدين، ونتج عن ذلك ماعرف بالحركات الفوضوية ثم الحركات العدمية، فالذي جعل الإرهاب وسيلة مشروعة هو الغرب وليس الإسلام. وأكد مهنا أن "من أنتج الإرهاب هو الإلحاد والكفر وليس الدين الإسلامي، ومن يمارسون الأعمال الإرهابية باسم الدين هم ينفذون أجندة الإلحاد، والدين بريء منهم ومن أعمالهم الإرهابية". وردًا على سؤال حول تأخر انطلاق قناة الأزهر، قال مهنا، إن "انطلاق القناة يحتاج إلى إعداد مسبق وجهد كبير وتمويل ضخم، خاصة أن هناك قنوات كانت الأموال تنهال عليها لبث الفكر المتطرف، كما أن هناك العديد من المراكز الإسلامية في الغرب تتدفق عليها الأموال لنشر هذا الفكر، إضافة إلى تمويل طباعة الكتب الفاخرة، وغيرها من الوسائل، وهو ما يحتاج منا إلى إعداد كبير قبل انطلاق قناة الأزهر لمواجهة هذا الفكر المتشدد". شاهد الصور ..