كارثة طبيعية أخرى تهدّد مدغشقر إثر وقت قصير من مرور عاصفة "شيدزا" الاستوائية على مناطق عدة شمال ووسط البلاد، مخلّفة حصيلة ثقيلة من الضحايا والمنكوبين، حيث تواجه الجزيرة الكبيرة هذه المرة شبح انتشار الجفاف والذي ضرب مناطق أخرى في الجنوب متسببا في مصرع 103 شخصا، وفقا لتقرير حكومي صدر امس الأربعاء. وتشمل الظاهرة الجفاف "عدة مناطق في الجنوب"، حسب لودوفيك لوموتسي، الأمين العام التنفيذي للمكتب الوطني لإدارة المخاطر والكوارث في البلاد، والذي أكد أن هذا الوضع "قد يستمر في صورة عدم هطول الأمطار". وضرب الجفاف منطقة اندروي (مقاطعة توليار في أقصى جنوبي الجزيرة) و4 مقاطعات أخرى (امبوفومبي، بيكلي، بيلوها وتسيومبي). وتعرف اندروي مناخا استوائيا شبه قاحل. وقد ذكر المكتب الوطني لإدارة المخاطر والكوارث أن الأمطار هطلت لمدة تسعة أيام في بيكلي منذ شهر أكتوبر ويومين فقط في امبوفومبي. وفيما يخص التقرير الحكومي، يقول لوموتسي إنه ليس من الواضح "ما إذا كان هؤلاء الناس قد لقوا حتفهم من الجوع فقط. ومن المحتمل أن يكون هناك مزيج من عدة عوامل. لقد أرسلنا فريقا للتقييم السريع متعدد القطاعات إلى هناك للبحث في الأمر". ووفقا للمسئولين، يواصل برنامج المساعدات الغذائية (بام-وكالة المساعدات الغذائية التابعة للأمم المتحدة) برنامج "الغذاء مقابل العمل". وهو يتمثل، من بين عديد الأنشطة الأخرى، في الحفر عن المياه وانشاء قنوات الصرف الصحي وأيضا تهيئة الأراضي الفلاحية، مقابل حصة غذائية يومية للعامل تقدر ب2 كلغ من البقول والقليل من الزيت. يقول انريكي الفاريز، رئيس المكتب الفرعي لبرنامج الأغذية العالمي في امبوفومبي، خلال مؤتمر صحفي عقد مؤخرا، أن الوسائل المتاحة "محدودة"، وأنّ جملة المتدخلين في الجنوب، بقيادة برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة يجتمعون باستمرار لتحليل الوضع وتقييم الأضرار من أجل اقتراح استجابة منسقة للتدخلات. أما بالنسبة لفيكتوريان راوبسوامانينتراندراسانا، رئيس فرع منظمة الأغذية والزراعية في جنوب البلاد، فانه مع الخيار الحكومي لإطلاق برنامج زراعي عاجل من أجل إنقاذ الموسم الزراعي. "نأمل أن تكون الأمطار في الموعد". وبالنسبة له، يكمن المشكل الاساسي في عدم انتظام الأمطار. فمعدل الأمطار المعتاد هو 400 مم في السنة، "ولكنه لا يصل إلى 100 مم حاليا". ويقترن هذا المعدل الضعيف مع عامل الرياح الجافة، التي تسببت في تأثيرات مدمّرة في المنطقة. ويقول جايمس رافاليسون، عالم المناخ والأستاذ الباحث في جامعة انتاناناريفو، إن المياه متوفرة في هذا الجزء من الجزيرة. "المياه متوفرة ولكنها عميقة. توجد مشاريع للحفر لكنها لم تنته بعد". من جهته، يقول الفونس ماكا، صحفي من سكان المنطقة، إن الناس ليس لديهم ما يكفي من الطعام في هذا الجزء من الجزيرة. "لقد بدأت الأغذية تنفذ. وأسعار المنتجات لم تعد متاحة". ووفقا للمكتب الوطني لإدارة المخاطر والكوارث، وصل سعر الكسافا إلى خمسة أضعاف السعر العادي في حين عرف الأرز ارتفاعا بحوالي 400 بالمائة. وأضاف انريكي الفاريز أن الناس بدؤوا يستهلكون ثمرة الصبار الأحمر، ويذكّر أن سعر المياه هو أعلى الآن بثلاث مرات مما كان قبل فترة الجفاف. كما أن هناك مخاطر على المحصول الزراعي، حيث يقول فيكتوريان راوبسوامانينتراندراسانا أنه "تمت زراعة ألف هكتار بالذرة. لقد كنا نأمل أن يصل المحصول إلى 500 ألف طن. وقد لا نحصل على أكثر من النصف أو الثلث". وتعاني الحيوانات أيضا من هذا الوضع. "أصبح غذاء الماشية نادرا"، حسب قوله. ويشير المكتب الوطني لإدارة المخاطر والكوارث في الجزيرة الكبيرة إلى أنّ عدد الماشية انخفض إلى النصف، من 150 ألف إلى 70 ألف في امبوفومبي، في حين انخفض إلى النصف في بيكلي. وعلّق انريكي الفاريز على الوضع بقوله إن "الأسر بصدد الوقوع في الفقر". وأكد فيكتوريان راوبسوامانينتراندراسانا على أن "الماعز والأغنام هي وسيلة للناس للاستفادة من أموالها. وواقع أنهم يقومون ببيعها هو إشارة إلى نفاذ مواردهم. حاليا نشهد بداية نزوح السكان".