المادة السابعة من الدستور.. الهجوم على الأزهر.. وسيطرة الفكر السلفى أبرزها وعلماء: نطالب الرئيس بوضع قانون لاستقلال الأزهر
تواجه الثورة الدينية التي دعا إليها الرئيس عبدالفتاح السيسى، عدة معوقات للبدء في تنفيذها من قبل مؤسسة الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، من بينها المادة السابعة من الدستور، والتي تكبل يد الأزهر لأنها تحوله من مؤسسة قائدة للعمل الديني فى مصر إلى مجرد هيئة استشارية فى الإفتاء يمكن الأخذ برأيها، بالإضافة إلى عدم استقلالية الأزهر؛ حيث طالب بعض علماء الأزهر بضرورة إصدار قانون يمكّن الأزهر من أداء دوره على الوجه الأكمل للوصول برسالته إلى الجميع بعد استقلاله عن الدولة. وأكد عدد من علماء الأزهر، أن من بين هذه المعوقات أيضًا الهجوم الذي يتعرض له الأزهر الشريف من قبل بعض الوسائل الإعلامية، بالإضافة إلى سيطرة الفكر السلفي على الساحة من خلال بعض المدارس فى المحافظات. وتجديد الخطاب الديني جملة تكررت على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسى أكثر من مرة داعيًا الأزهر والأوقاف إلى المضي قدمًا فى أحداث ثورة دينية لمواجهة الأفكار القديمة ومواكبة العصر، وذلك فى كلمته بمناسبة المولد النبوي الشريف، وعاد السيسى ليكررها أثناء زيارته للإمارات داعيًا إلى تجديد الخطاب الديني لمحاربة الإرهاب متسائلاً: ما إذا كانت الأحداث التي يشهدها العالم العربي هي تغيير أم تدمير؟. وأوضح السيسى خلال كلمته في افتتاح القمة العالمية لطاقة المستقبل في أبو ظبي أن تفاقم الإرهاب تطلب تحركًا واعيًا من المجتمع الدولي، مشيرًا إلى أن المواجهة لا تقتصر على الجوانب الأمنية والعسكرية ولكن تمتد لتشمل الأبعاد التنموية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي والثقافية بما تتضمنه من تجديد للخطاب الديني وتنقيته من أي أفكار مغلوطة قد تغري البعض باتخاذ العنف وسيلة للتعبير عن الآراء أو فرض التوجهات. وطالب رجب الوريدي، الفقيه القانوني، بضرورة تعديل تلك المادة لأنها سلبية للغاية، موضحًا أن المادة 7 من الدستور والتي تنص على أن الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كل شئونه، وهو المرجع الأساسي فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم، وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه"، مقيدة تمامًا للأزهر الشريف ولن تعطيه الحق فى التصرف بصورة أكبر فى ضبط الخطاب الديني أو مواجهة التكفير. وأشار إلى أن المادة السابعة مقيدة وإن اعتبرت الأزهر مؤسسة مستقلة إلا أنها همشتها باقتصار دورها على العلوم أو المسائل الفقهية التى تعرض عليها فقط فلا يمكن أن تتخطى تلك الخطوط عبر انتقاد ممارسات الدولة أو مواجهة العناصر التكفيرية. وأضاف الدكتور حسن سند، أستاذ القانون العام، أن المادة 7 من الدستور الحالى جعلت الأزهر مجرد هيئة يتم الرجوع إليها على سبيل الإفتاء فقط ورأيه استشاري وليس إلزاميًا للجهات الرسمية فى الدولة، مؤكدًا أنه على الدولة أن تراعى الأزهر بصورة أكبر من ذلك وأن تسعى إلى إعطائه الصلاحيات من أجل مواجهة أية أفكار تكفيرية فى المجتمع. وأكد محمد الشحات الجندي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية سابقًا، أن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي لتجديد الخطاب الديني جاءت فى محلها، مؤكدًا أن المرحلة الحالية تستدعى إحداث ثورة دينية للتخلص من المفاهيم الهدامة والتي أدت إلى الفوضى والإرهاب فى المنطقة بسبب الفكر المغلوط الذي تنتهجه بعض الجماعات التكفيرية. وأضاف الشحات أن هناك عدة معوقات تواجه مؤسسة الأزهر الشريف فى تجديد الخطاب مؤكدًا أن المادة السابعة والخاصة بالأزهر فى بالدستور جيدة ولكنها تحتاج إلى قانون فوري ليؤكد استقلالية الأزهر فكريًا وماليًا؛ حتى يستطيع أن يقوم بأداء رسالته على أكمل وجه. وأوضح أن الهجوم الذي يتعرض له الأزهر الشريف من قبل بعض الوسائل والشخصيات الإعلامية يعد من أبرز المعوقات أمام الأزهر للقيام بواجبه على أكمل وجه فلا يمكن أن يتم تشويه صورة الأزهر أكبر مؤسسة دينية فى العالم من قبل بعض الحاقدين الجاهلين بقيمة الأزهر وعلمائه الأجلاء فى نشر الدين الإسلامى والمساهمة فى حفظ كتاب الله. وأشار الشحات إلى أن وجود مدارس تابعة لجماعة التوحيد والفكر السلفى فى قرى ومحافظات مصر يمثل عائقًا كبيرًا أمام تجديد الخطاب الديني، مؤكدًا أن الفكر الجاهلي هو السائد حاليًا ولابد من القضاء عليه للتخلص من المفاهيم المغلوطة عن الدين الإسلامية والتي ينساق وراءها الشباب، مؤكدًا أن الأزهر الشريف سيكثف من دوره خلال الفترة المقبلة لتصحيح المفاهيم الخاطئة من خلال إرسال الكثير من القوافل الدعوية فى شتى بقاء مصر والالتحام بالجماهير فى النوادي والاجتماعات والندوات الثقافية من أجل استعادة ثوابت الدين الإسلامى من حرمة استباحة دماء الغير بمجرد المخالفة فى الدين وأنه لا يجوز على الإطلاق تكفير أحد ما دام ينطق بالشهادتين ويصلى ناحية القبلة . وأكد الدكتور سعد الدين الهلالي، رئيس قسم الفقه في جامعة الأزهر، أن البعد عن الرأي الأوحد في الدين هو أساس تطوير الخطاب الديني؛ فالقائمون على أمور الدين يجب عليهم توخي حقائق مهمة سواء كان خطابهم من خلال خطبة الجمعة أو المحاضرات أو الحديث في وسائل الإعلام المختلفة وهي أن دورهم نقل الآراء الفقهية المتعددة في القضايا الإسلامية بعيدًا عن فتاوى الحسم وترك حرية الاختيار للناس فيما يناسبهم من آراء العلماء، كما يجب أن يدرك القائمون على الخطاب الديني أن دورهم دعوي بحيث يتم النهوض بمضمون القضايا بأسلوب يفهمه العامة والخاصة. وأوضح الهلالي أنه لابد أن يكون الخطاب الديني موافقًا للغة القوم والعصر اللذين يتوجه إليهما، على ألا يتعدى على الأصول الشرعية المعتبرة عند العلماء، وعلى أن يتم طرح هذه الأصول بشكل يصل لعامة الناس ويتسلّل إلى قلوبهم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدّد لها أمر دينها". ومن جانبها، أيدت الدكتورة أمنية نصير، الأستاذة بجامعة الأزهر دعوة السيسي بتجديد الخطاب الديني، مؤكدًا أن الحياة تحتاج للتجديد، فالإسلام ورسولنا الكريم يطالبنا بالتجديد دائمًا لمواكبة التطورات الحالية. وأضافت نصير أن تجديد الخطاب الديني شرط أساسي لمواكبة الأحداث والتطورات فى مجتمعنا وفى كل عصر حتى يحق لنا أن نقول إن الإسلام صالح لكل زمان ومكان؛ حيث إن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى حديث شريف: "يبعث الله على رأس كل مائة عام مَن يجدد لهذه الأمة دينها". وطالبت نصير علماء الأمة، بأن يواكبوا هذا التجديد؛ حيث إن "العلماء ورثة الأنبياء"، مشددة على ضرورة تمسك العلماء فى المقابل بجذورنا وأصولنا الثابتة التى لا تقبل أى تجديد "على العلماء وأهل الرأي ألا يقتلعوا من جذورهم ويتمسكون بأصولهم".