دائمًا ما جرت العادة على إقصاء النساء من الحياة السياسية، باعتبارها عبئًا ثقيلاً عليهن، إلا أن الثورة المصرية أثبتت عدم صدق تلك العادة، حيث كانت النساء "الورود التى فتحت فى جناين الثورة" حينها وروت بدمائهن أراضيها.. قبل أربع سنوات برز الدور الحقيقى للنساء فى المشاركة بالحياة السياسية والحزبية والثورية، حيث شارك الآلاف منهن فى ثورة ال25 من يناير وما تلتها من أحداث حتى ثورة ال30 من يونيو، وإحياءً للذكرى فى كثير من الأحداث لتقدم روحها فداء للوطن لتحقيق "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة"، ليسطر هؤلاء بدمائهن شهادات على تراب الوطن وتأكيد أن المرأة أصبح لها دور وريادة فى عملها السياسى والثورى لترفع النساء شعار "مكلمين لتحقيق مطالبنا" وتقديم أرواحنا فداء لتلك المطالب، ولتثبت حقًا أن المرأة "نصف المجتمع ونصف الثورات". شيماء الصباغ ليست الأخيرة ولم تكن الأولى كانت آخر واقعة لاستشهاد شيماء الصباغ عضو حزب التحالف الشعبى الاشتراكى بميدان طلعت حرب فى الذكرى الرابعة لثورة ال25 من يناير بمثابة شرارة لانطلاق غضب ثورى وحزبى من جانب كل القوى السياسية، حيث قام عدد من المنظمات النسائية بتنظيم وقفة تضامنية مع الصباغ بنفس المكان بميدان طلعت حرب والذى استشهدت فيه، ليؤكدن أن الوقفة وقفة نسائية فقط للتنديد بمقتلها ومحاكمة الجانى، ويشارك فيها السيدات والبنات بكل انتماءاتهن والاستثناء للرجال من الصحفيين والإعلام فقط، ليعلنّ عبر وقفتهن أن قوات الداخلية هى التى قتلتها برصاصة غادرة اخترقت صدرها أودت بحياة ضمائر كل من شاهدها ولم يحرك ساكنًا، وأشرن إلى أنها جريمة كاملة فى وضح النهار لتسقط الضحية ويقف القاتل خلفها ثم ننتظر نتيجة التحقيقات التى تبحث عن قاتلها. يؤكد مدحت الزاهد القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، أن مقتل شيماء الصباغ دليل على عنف الداخلية وقمعها الأمنى، مطالبًا بتحقيق عاجل وشفاف لمعرفة من قتلها. فيما نعى زيزو عبده القيادى بحركة شباب 6 إبريل، شيماء الصباغ، قائلاً: "للثورة أنثى تحميها".
سندس طالبت بعودة الشرعية وهى لن تعود سندس رضا طالبة تبلغ من العمر 17 عامًا، لقيت حتفها بعد إصابتها بمسيرة العصافرة بطلقات خرطوش فى الوجه أثناء الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين بمنطقة ميامى شرق المدينة. وقالت شاهدة عيان إن ضابط مرور هو الذى قتل الشهيدة سندس وكان يسير ب"موتوسيكل مرور"، يجدر بالذكر أن الفتاة شاركت بمسيرة أسواق الشريف بالإسكندرية. أخذت شهرة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعى، وذلك لنها ماتت قبل يوم واحد من استشهاد الناشطة شيماء الصباغ على يد رصاصات طائشة أطلقتها قوات الشرطة لفض التظاهرات، ليربط النشطاء السياسيون عبر مواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك وتويتر" بمقتل الاثنتين وعدم تفريق بين التوجهات السياسية لكل منهما بالرصاص لا يفرق بين التوجهات والتظاهر بشكل عام.
سالى زهران أشهر وجه بثورة يناير قدمت سالى زهران روحها فداء لتحقيق مطالب ثورة ال25 من يناير، فكانت من أحد الوجوه الشابة التى شاركت فى الثورة وعرفها الجميع فى مصر وخارجها من خلال صورتها التى تحمل ابتسامة أمل ونظرة معبرة محبة إلى الحياة لتفرقها فى يوم ال28 من شهر يناير أثناء أحداث "جمعة الغضب". سالى زهران من مواليد 1987، طالبة بالفرقة الثالثة بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية بجامعة سوهاج، لتحظى زهران بشهرة كبيرة فى جميع وسائل الإعلام، وعملت وكالة ناسا سفينة باسمها فى كوكب المريخ، كما شبهها الكاريكاتير ب“جان دارك المصرية شهيدة ثورة الشباب”، وقررت بلدية رام الله إطلاق اسم المصرية “سالى زهران” على شارع فى مدينة رام الله، ليكون الأمر بمثابة توثيق للأحداث الجارية على الصعيد العربى حاليًا ليعتبر تأريخًا لهؤلاء الشهداء.
الموت لا يفرق بين "أبناء القيادات الإخوانية" لم يقتصر الأمر على نساء ثورة 25 يناير فقط، إنما طالت أبناء القيادات التابعين لجماعة الإخوان المسلمين، فأسماء البلتاجى ابنة القيادى الإخوانى محمد البلتاجى التى تبلغ من العمر 17 عامًا كانت تدرس فى الصف الثالث الثانوى حلمها الوحيد كان دخول كلية الطب والالتحاق بنشاطات الإغاثة العالمية، وتعتبر البنت الوحيدة لمحمد البلتاجى، وتم استشهادها فى فض اعتصام رابعة العدوية فى 14 أغسطس 2013 بطلق نارى فى الصدر، مع أنها لم تشارك فى بدايته، لكنها شاركت فيه عقب عزل الرئيس المعزول مرسي، شاركت فى ثورة 25 يناير وأحداث محمد محمود رغم رفض جماعة الإخوان المشاركة فيها بصفة رسمية. أما حبيبة أحمد عبد العزيز ابنة مستشار الرئيس المعزول محمد مرسى، وتبلغ من العمر 28 عامًا صحفية فى جريدة جلف نيوز الإماراتية وناشطة فى شؤون الإغاثة للاجئين السوريين، توفيت أثناء فض اعتصام رابعة، آخر ما كتبته على صفحتها الشخصية بفيس بوك: "أعلنت تأييدى للحق وإن كان الثمن حياتى أو حياة أعز الخلق إلى قلبى أبى وأمى وإخوتى وإما النصر أو الشهادة".
مغمورات يُسطرن كلمات النهاية فداء للثورة الدكتورة إسلام عبد الغنى 38 عاما، مواليد قرية كفر غنام بمركز السنبلاوين، طبيبة صيدلانية متزوجة، ولديها أربعة أبناء، صالح بالصف الأول الإعدادي، وعليّا بالصف الخامس الابتدائي، ومحمد بالصف الثانى الابتدائي، وأمين ثلاث سنوات، قتلت على يد مجموعة من البلطجية بعد إطلاق الخرطوش والرصاص عليها، وأصيبت برصاصة نارية فى الرأس وكسر بالجمجمة ونزيف فى المخ يوم 19 يونيو فى تظاهرات "دعم الشرعية" فى المنصورة. يقول زوجها الدكتور سامح الغزالى، إن الدكتورة إسلام كانت تمنعها ظروف تربية أبنائها من المشاركة فى التظاهرات التى تطالب بعودة الشرعية، ولكنها كانت شغوفة بالمشاركة، مشيرا إلى أن الصدمة الكبرى له "بعدما تلقينا نبأ استشهاد إسلام، فهى تركت أطفالنا الصغار وفارقت الحياة". فريال إسماعيل بدر الزهيرى 52 عامًا، متزوجة، ولم يرزقها الله بأولاد، حاصلة على ليسانس آداب من جامعة المنصورة، كانت تشارك فى الأعمال التطوعية والخيرية، ووهبت حياتها لتحفيظ القرآن الكريم، وفى 19 يوليو خرجت الزهيرى مع أخواتها وعائلتها للمشاركة فى المظاهرة المنطلقة عقب صلاة التراويح من أمام القرية الأوليمبية بالمنصورة، فهجم البلطجية بوحشية غير مسبوقة فى التاريخ من ناحية اليسار على السيدات والفتيات، وحاول الرجال حماية النساء، لكن المسيرة كانت كبيرة، وهجمت مجموعات أخرى من البلطجية من الشوارع الجانبية مسلحين بالشوم والخرطوش والسيوف. وحاولت الحاجة فريال إنقاذ آمال فرحات زوجة أخيها بعد إصابتها بطلق نارى فى الرأس والصدر من سطح إحدى العمارات، فانهال عليها بلطجى بالضرب على رأسها بسنج، حتى سبب لها تهتكًا فى شرايين الجمجمة ونزيفًا داخليًا فى المخ دخلت إثره فى غيبوبة لتظل تصارع الموت لمدة أسبوع كامل داخل المستشفى العام بالمنصورة ثم المستشفى الدولى حتى وافتها المنية.
المرأة أخذت وضعها السياسى بعد الثورة المرأة فى المجتمع تتجسد فى ذلك البيت الشعرى "الأم مدرسة إذا أعددتها... أعددت شعبًا طيب الأعراق"، فدور المرأة فى المجتمع لا يقل عن الرجال بأى حال من الأحوال، فأصبحت المرأة لديها من الحقوق والحريات ما يكفيها، حيث أكدت الدكتورة أمل حمادة أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أن وضع المرأة قبل ثورة يناير ومعاناتها من التهميش ومظاهر العنف المختلفة، واستغلال ملف المرأة لتحقيق مكاسب سياسية كان فى أشده قبل الثورة، ولكن بعد يناير ومشاركة المرأة فى أحداث الثورة، برز دورها سياسيًا، حيث دعمت الثورة بكل ما تملك، وكانت من أكثر ضحاياها، خاصة أن منهن الشهيدة والمصابة، ومن فقدت أقرب ذويها، لذا كان دورها إيجابيًا بشكل كبير، ما يعكس دور المرأة فى المجتمع وأهميته. وتجدر الإشارة هنا إلى ما ذكرته رءوف أن انخفاض درجة العنف دعم مشاركة المرأة فى 25 يناير، مشيدة بدور المرأة فى الثورة. وأضافت أمل فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن مصر شهدت منذ ثورة يناير 2011 دورًا متزايدًا للمرأة على الساحة السياسية تجلى فى مشاركتها بقوة مع زوجها وأولادها فى المظاهرات والاحتجاجات وأنها لم تعد الكائن الضعيف الذى يرضى بالظلم دون التحرك لدفعه والمطالبة بحقوقها. وتابعت حمادة أن الموجة الثانية تمثلت فى 30 يونيو، مؤكدة دور المرأة خلال تلك الفترة، وفى الوقت ذاته رفضت وصف دورها بالإيجابي، لانتهاج بعض من مؤيدات الرئيس المعزول محمد مرسى العنف ضد مؤسسات الدولة خلال التظاهرات والاحتجاجات.