ازدهرت عمليات تهريب الآثار من البلدان العربية بعد اندلاع ثورات الربيع العربي وقبلها، في الغالب وصلت تلك الآثار إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي التي أقرت في أكثر من حادثة أن بحوزتها كميات كبيرة من كنوز العراق التاريخية ومصر وسورياولبنانوالأردن. وإذا كانت سرقة الآثار العربية من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي تتبع ظروف ذلك البلد العربي مع الاحتلال، فإن الأمور اختلفت بعد فوضى الثورات العربية ولم يعد البعد الجغرافي أو العلاقة مع الاحتلال سببًا في إحجام تلك الآثار عن الوصول إلى دولة الاحتلال من عدمه. “ساسة بوست” في التقرير التالي تستعرض دور الاحتلال الإسرائيلي في سرقة الآثار في كلا من لبنانوسوريا ومصر والعراقوالأردن. سوريا وقعت آثار سورية ضحيّة للنهب من قبل قوات المعارضة والحكومة على السواء، فسوريا التي تعد كنزا تراثيا كبيرا تعرضت خلال الأربع سنوات الماضية فريسة للنهب والتدمير، وتعرضت متاحفها لسرقة منظمة، وكشفت صحيفة الإندبندنت البريطانية في عددها الصادر في 5 أغسطس الماضي، أنه تمّ إغراق أسواق الأردنوتركيا بالقطع الأثرية السورية المسروقة. تقارير من أنحاء سورية عن أضرار جسيمة يصعبُ إصلاحها لحقت بالمواقع التراثية النادرة. و تفاخرت صحف إسرائيلية بأنه تم (استرجاع) سرقة عدد من اللفائف التوراتية القديمة من سورية عن طريق تجار وسرّاق آثار، وقد وصفت الصحافة الإسرائيلية سرقة هذه اللفائف بالغنيمة الكبيرة وبالعمل الهام. وتعد المعابر الرئيسية لتهريب السلاح والمسلحين هي نفسها التي تستخدم لتهريب الآثار، حيث يشكل لبنانوتركيا السوق المزدهرة لبيع تلك الآثار وتسويقها، وتصل إلى الكيان الإسرائيلي عبر الأردن. يؤكد مدير المديرية العامة للآثار والمتاحف السورية، مأمون عبد الكريم، أن “هناك الآلاف من القطع الأثرية سرقت من ماري ووادي يرموك والموقع المعروف بالأشعري وأفاميا، فمن الطبيعي أن تصل إلى تركيا، وإلى الدول الأخرى كالكيان الإسرائيلي والأردنولبنان”. مؤكدًا على وصول بعض القطع إلى المتاحف في الكيان الإسرائيلي. وتعد الجولان المحتلة واحدة من أغنى وأثرى المناطق السورية، وهي منطقة غنية بآثارها الكنعانية والآرامية والنبطية والغسانية والإسلامية، وتؤكد شواهد سورية أنه تجري أعمال المسح والتنقيب الأثري في الجولان العربي المحتل بإشراف سلطة الآثار والمتاحف في إسرائيل وفريق دائرة آثار الجولان. لبنان سرقت دولة الاحتلال الإسرائيلي آثار لبنان، ووصلتها مئات التماثيل والتحف بشكل سري ومنظم منذ العام 1975 من قلعة بعلبك وقلعتي نيحا وقصرنبا، ووجدت طريقها إلى قاعات المزاد في إسرائيل. كما وصلتها آثار لبنانية من مدينة صيدا عاصمة الجنوباللبناني، حيث تم نقل الآثار منها إلى إسرائيل خلال فترة احتلال المدينة عام 1982، وفي عام 1978، أي أثناء اجتياح إسرائيل للجنوباللبناني قامت إسرائيل بحفريات في جوار قبر أحيرام على طريق قانا ونقلت تحفا في طوافات عسكرية وكذلك فعلت في المتحف الوطني عندما اجتاحت العاصمة، وتنقل صحيفة “الوسط” اللبنانية عن خبير آثار لبناني القول: ” هناك أكثر من دليل لهذا السلوك الإسرائيلي أبرزه متحف الحلي الإسلامي المعروض في القدسالمحتلة في مناسبة الذكرى السنوية العشرين لاحتلال الجزء الشرقي من المدينةالمحتلة، من المعروضات حلى عثر عليها في مقابر القدس في العامين 1967 و1969″، ويضيف الخبير بأن الحديث عن إسرائيل وغيرها من المافيات في الخارج التي نهبت الآثار اللبنانية ليس بذي أهمية أمام مسؤولية اللبنانيين أنفسهم من مرتزقة وأثرياء حرب الذين قاموا بسرقة ثروتهم وبيعها. مصر في يونيو عام 1967، وأثناء احتلال سيناء دمرت إسرائيل الآثار المصرية التي لم تستطع سرقتها، وسرقة الآثار التي لم تتمكن من حملها، وشملت تلك السرقات آثارا تمتد من عصر ما قبل التاريخ شملت أدوات حجرية ومناطق آثار مصرية قديمة فى وادي المغارة، حيث توجد مناجم الفيروز، عثروا بها على لوحات أثرية هامة نقلت لمتحف “هارتس” بتل أبيب كما سرقت 120 لوحة أثرية من معبد سرابيت الخادم بجنوبسيناء وعدد 35 تابوتًا فريدًا يعود تاريخها لعام 1400ق م، وتماثيل للمعبودة حتحور انتزعت من المعبد نفسه وسرقة 1166 مقبرة أثرية بوادى فيران عام 1978 قبل معاهدة كامب دافيد بعام. وذكرت مصادر مصرية أن من ضمن سرقات متحف القاهرة الوطني في 2011، آثار وصلت إلى إسرائيل، منها تمثال مقطوع نصفين لاستطاعة تهريبه، وكما يقول شاي بار طوبا مدير وحدة مكافحة سرقة الأثريات في سلطة الآثار الإسرائيلية أن هناك ازدياد ظاهرة تهريب المكتشفات الأثرية من مصر لإسرائيل عبر سيناء غداة اندلاع الثورة والسطو على بعض المتاحف، منوها بأن البلاد شهدت ظاهرة مشابهة موجودة في دول أخرى غداة الاحتلال الأميركي للعراق ونهب متاحفه مشيرا إلى أن سيناء اليوم تعتبر بوابة التهريب الأولى، كما أشارت الناطقة بلسان سلطة الآثار يولي شفارتس أن لصوص آثار مصريين باعوا المكتشفات التي سرقوها من غرب مصر لمهربين باعوها لدبي، ومن هناك تم تهريبها مجددا لإسرائيل بواسطة دولة أوروبية تمهيدا لبيعها في العالم بالمزاد العلني بعد استصدار شهادات رسمية لها وكأنه عثر عليها في البلاد. العراق 10آلاف قطعة أثرية أخرجت من العراق في فترة الاحتلال الأمريكي للعراق منذ 2003، توزّعت تلك الكنوز الأثرية على متاحف نيويورك وبنسلفانيا، وتشير المصادر العراقية إلى أن اليهود كانوا أرباب هذه السرقات، بدلالة أن المخابرات الأمريكية خزّنت في أقبيتها أهمّ أرشيف يتعلّق بسبي اليهود إلى بلاد ما بين النهرين (العراق)، وقد سلّمته لإسرائيل فيما بعد. واعترفت إسرائيل أن بحوزتها كمّيات كبيرة من كنوز العراق التاريخية. وكشفت مصادر عراقية أن أكثر من ثلاثة آلاف وثيقة و80 ألف قطعة أثرية، في مقدمتها الأرشيف اليهودي في العراق وصلت لإسرائيل، وعلى إثر ذلك أعلنت وزارة السياحة والآثار العراقية في يونيو 2012 عن قطع العلاقة مع واشنطن في مجال التنقيب والتعاون الأثري، بسبب اعتراف أميركا بإعارة الإرث الوطني اليهودي العراقي إلى إسرائيل. وتكشف مصادر إعلامية عراقية أن منظمة “العاد” اليهودية نشطت بشكل كبير خلال الغزو الأمريكي للعراق، وقد نجحت في إدخال مجموعة مدرّبة إلى البلاد، عملت على سرقة كل ما يخص اليهود في العراق عبر إدخال فرق مدربة وبعثات متخصصة إلى آثار الوركاء واور نهبت خلالها آثارا عراقية ثمينة بطرق مبتكرة لا تثير الشكوك تحت غطاء عمليات تنقيب، وقال المصدر العراقي أن دولة الاحتلال الإسرائيلي وصفت امتلاكها أهم الآثار عن تاريخ اليهود في العراق ب ”الانتصار الحقيقي للأمة اليهودية”، إذ حصلت على جزء أصيل ومهم، وهو الأفضل على الاطلاق من تراث اليهود. ومؤخرا جاء تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” ليعمل على سرقة الآثار من محافظتي نينوى وصلاح الدين وتهريبها إلى دولة الاحتلال وأميركا، وكان شاي بار طوبا مدير وحدة مكافحة سرقة الأثريات في سلطة الآثار الإسرائيلية أكد بأن سلطة الآثار الإسرائيلية احتجزت كمية كبيرة من الآثار العراقية المسروقة، زاعما أنها أبلغت الإنتربول بما لديها لكن العراق لم يبادر لاستعادتها. الأردن سرقت دولة الاحتلال الإسرائيلي من الأردن قطعا أثرية عديدة، وعرضتها في مدن عالمية كبرى، ففي إبريل 2011 كشفت مصادر أردنية عن سرقة مخطوطات ولفائف من الرصاص تم تهريبها إلى خارج الأردن قبل خمس سنوات ووصلت إلى تاجر إسرائيلي من خلال السوق السوداء، وتتألف من حوالي 45 مخطوطة وأعطيت عمرا يقدر بحوالي 2000 سنة. ثم اكتشفت سرقة أخرى اعتبرت كنزا أثريا يضم 70 كتابا على صفائح من الرصاص والنحاس والجلد يعود لألفي عام عن نشأة المسيحية، سرقت من كهف في شمال الأردن من قبل مهربي الآثار الإسرائيليين، وتحمل هذه القطع رموزا وشيفرات مسيحية قديمة يعتقد أنها استخدمت خلال فترة اضطهاد المسيحية وتتضمن التعليمات السرية. وصلت هذه الآثار لإسرائيل عبر سلسلة التنقيب غير الشرعي في بعض المناطق الأردنية خاصة جنوب البحر الميت أو شراء هذه المخطوطات من ذوي النفوس المريضة والتي تباع القطعة الواحدة من هذه النفائس بما يزيد عن ربع مليون جنيه استرليني نظرا لأهميتها التاريخية والأثرية للأردن على مر العصور.