تصاعدت الأزمة بين النيابة الإدارية والحكومة بعد إعلان وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري عن مشروع قانون الخدمة المدنية الذي يسلب اختصاص الجهات الرقابية في الدولة من أي عمل تقوم به، الأمر الذي رفضه المجلس الأعلى للنيابة الإدارية. يأتي ذلك بعد أن تلقت هيئة النيابة الإدارية من مجلس الوزراء مشروع القانون يوم الأربعاء 21 يناير، بطلب رأيه فيما جاء بالمشروع، وهو ما رفضه مجلس الإدارة لما تضمنه المشروع من قصور شديد وتقليص لاختصاصات النيابة الإدارية. إذ اعتبر أن القانون يصطدم مع اتفاقية مكافحة الفساد، ويتعارض مع الدستور الخاص بعمل النيابة الإدارية، ويهدر عن عمد روح ثورتي الشعب المصري، وقال إن القانون يحجب كثيرًا من الجرائم عن اختصاص النيابة الإدارية ويجعل هذا الاختصاص قاصرا على المخالفات المالية التي يترتب عليها ضرر مالي يعذر تداركه وتناسي المشروع أن كثيرًا من الجرائم التأديبية ذات الخطورة الشديدة قد لايترتب عليها ضرر مالي. وقال المستشار عبدالله قنديل، رئيس نادي مستشاري النيابة الإدارية، إن قانون الخدمة المدنية الجديد الذي أعلنت عنه وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري عن نصه، مؤكدة نيتها عرضه على قسم التشريع بمجلس الدولة دون الرجوع للهيئة بالمخالفة للمادة 185من الدستور والتي تقضى بوجوب أخذ رأى الجهة القضائية في مشروعات القوانين التي تمس اختصاصها. وأضاف أن المجلس الأعلى للنيابة الإدارية يرفض بالإجماع هذا المشروع، بعد أن تم عرضه عليه بكامل تشكيله وتم رفضه شكلًا وموضوعًا، لافتًا إلى أنه تم إخطار كل الجهات المعنية بالقانون برفض المجلس الأعلى لهيئة النيابة الإدارية المشروع جملةً وتفصيلًا. واعتبر قنديل أن هذا القانون يهدر روح ثورتي الشعب المصري في 25 يناير2011 و30 يونيو 2013، واللتين كانتا تهدفان للقضاء على الفساد المالي والإداري بأروقة ودواليب العمل الحكومي العام، حيث إن هذا القانون المنتظر صدوره خلال الفترة المقبلة يحجب كثيرًا من الجرائم عن اختصاص النيابة الإدارية ويجعل هذا الاختصاص قاصرًا على المخالفات المالية التي يترتب عليها ضرر مالي يعذر تداركه وتناسي المشروع أن كثيرًا من الجرائم التأديبية ذات الخطورة الشديدة قد لا يترتب عليها ضرر مالي، حسب قوله. وأشار رئيس نادي النيابة الإدارية إلى أن مشروع القانون يتصادم مع اتفاقية مكافحة الفساد التي أعدتها الأممالمتحدة ووقعت عليها مصر في عام 2005 والتي توجب على كل دولة طرف في الاتفاقية اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بمكافحة الفساد والقضاء عليه وتدعيم الهيئة القائمة على هذا الأمر ومنحها كل السلطات والاختصاصات التي تكفل تحقيق أغراض هذه الاتفاقية كما يتصادم مع الدستور الحالي للدولة والذي أفرد نص المادة 197 منه للنيابة الإدارية والذي أكد الطبيعة القضائية لها واختصاصها بالمخالفات الإدارية والمالية دون ثمة تحديد أو قيود. وقال قنديل إن هذا المشروع محدد للمخالفات المالية بأنها التي يترتب عليها ضرر لا يمكن تداركه فإن هذا المشروع يكون قد أتى بقيد لم يأت به الدستور ومن ثم فإن بعد صدوره قانونًا يقع مخالفًا للدستور. وأوضح أنه في حال الإصرار على إصدار هذا القانون وضمه إلى منظومة القوانين المعمول به، حال عدم دستوريته، فإن هذا معناه البدء مبكرًا بتقويض دولة القانون التي من خصائصها وأركانها قيامها على دستور واجب الاحترام من الجميع "الحكام قبل المحكومين". وشدد قنديل على أن هذا المشروع يقضي وبشكل كامل على كل الضمانات التأديبية لموظفي الدولة والتي كانت وراء إنشاء النيابة الإدارية بموجب القانون رقم 480 لسنة 1954 كهيئة قضائية متخصصة في مجال التأديب، وذلك يمثل ردة قانونية غير مقبولة بعد ثورتين للشعب المصري. وأعلن رئيس نادي مستشاري النيابة الإدارية، أن النادي بصدد عقد جمعية عمومية غير عادية للإعلان عن رفضه لقانون الخدمة المدنية الجديد الذي يتصادم مع اتفاقية مكافحة الفساد التي أعدتها الأممالمتحدة ووقعت عليها مصر في عام 2005 والتي توجب على كل دولة طرف في الاتفاقية اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بمكافحة الفساد والقضاء عليه وتدعيم الهيئة القائمة على هذا الأمر ومنحها كل السلطات والاختصاصات التي تكفل تحقيق أغراض هذه الاتفاقية، والوقوف وراء قادتنا وقيادة هيئتنا في شأن اتخاذ كل ما يلزم للاعتراض وبشكل رسمي على هذا المشروع. وأضاف أنه سيتم مناقشة هذا الأمر في الجمعية العمومية غير العادية لمناقشة وإصدار القرار اللازم بشأنه من هذه الجمعية وإعلان رفضه التام لاتجاه الحكومة بحجب اختصاصاتها. وأشار إلى أن مجلس الإدارة سيوجه دعوة للرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء، لافتا إلى أنه سبق مخاطبتهما من قبل في هذا الشأن وكل السادة الوزراء المعنيين بالأمر إلى التريث والتأني في دراسة هذا المشروع دراسة مستفيضة من اجل تحقيق طموحات وآمال الشعب المصري بعد ثورتيه والتأكيد عليهم في عدم إصدار القانون. وقال المستشار محمد عطية، وزير الدولة للتنمية المحلية وشئون مجلسى الشعب والشورى الأسبق، إن قانون الخدمة المدنية الجديد الذي أعلنت عنه وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري يسلب اختصاص الجهات الرقابية في الدولة من أي عمل تقوم به، مؤكدًا أن القانون يتعارض مع القوانين الموجودة في الدستور. وأشار إلى أن هناك قصورًا في هذا القانون الذي يتصادم مع القانون الخاص بإنشاء وتنظيم اختصاصات النيابة الإدارية، وقانون العاملين الصادر في 78. وطالب عطية الحكومة بتصحيح هذا الخطأ، من خلال تعديل هذا القانون المعيب وتصحيحه، من خلال إضافة بعض النصوص عليه حتى يتوافق مع القوانين الموجودة في الدستور والخاص بعمل النيابة الإدارية، مشددًا على ضرورة مراجعة هذا القانون المعيب وتعديله حتى لا نسلب اختصاص الجهات الرقابية من أي عمل تقوم به.